في واحدة من غرائب التاريخ السياسي للزعماء والحركات السياسية تشهد اليمن مفارقات عجيبة بين رئيس يخشى من نائبه الاطاحه به , وبين رئيس سابق يخشى من حلفائه الاطاحة به كذلك . وفي هذا السياق قالت صحيفة لندنية أن الرئيس هادي هو من سيحدد المشاركين من طرف الشرعية في لقاء جنيف، مؤكدة أن "الرئيس اليمني سيكلف وفداً من سبع شخصيات، من الحكومة والأطراف السياسية للذهاب إلى جنيف".
ويبدو أن الخلافات بدأت تضرب معسكر الشرعية، إذ كشفت مصادر سياسية أن خلافاً غير معلن بين الرئيس هادي ونائبه، خالد بحاح، يجري الحديث بشأنه في الأوساط اليمنية المعنية المتواجدة في الرياض.
وقال موقع صحيفة العربي الجديد فإن هادي قلق حيال المشاورات المتوقع أن تبدأ في جنيف على خلفية طروحات بأن تشمل أية تسوية مقبلة إزاحة الرئيس، أو تقليص صلاحياته، لصالح تصعيد نائبه بحاح، أو أية صيغة رئاسية انتقالية جديدة، على غرار التسوية السياسية التي قفزت بهادي من منصب نائب الرئيس إلى الرئيس أواخر عام 2011.
وأوضح الموقع أن هادي كان منذ البداية يعارض تعيين أي نائب له، لكنه وتحت تأثير ضغوط الأطراف المختلفة، وافق على تعيين بحاح نائباً له، وهو يخشى من أن خروجه من السلطة، سيجعل الجميع يتخلى عنه، بعد أن أصبح بلا حزب، وحتى شعبيته في المحافظات الجنوبية والشمالية تراجعت بدرجات متفاوتة خلال الفترة الماضية.
وتتوافق هذه المعطيات مع نفي مصدر سياسي في الرياض للموقع اللندني "وجود نية لدى الرئاسة بتكليف نائب ثانٍ"، قائلاً "لا معلومات عن إمكانية اتخاذ هادي قراراً بتكليف نائبٍ ثانٍ له من الشمال، ضمن ما يسمى المناصفة بين الشمال والجنوب"، مشيراً إلى أن "الرئيس بالأصل يرفض فكرة النائب".
ولا تقتصر الاختلافات في أطر الشرعية على موقعَي الرئيس ونائبه، بل تتعداها إلى الأحزاب والمكوّنات التي جمعتها مظلّة الرفض للحوثيين وتأييد العمليات التي نفذها التحالف العشري، لكنها تختلف في الرأي تجاه طبيعة الحل والسقف المطلوب لأي اتفاق سياسي أو حسم ميداني.
بدوره يخشى الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من استفراد الحوثيين في مفاوضات جنيف ولذلك لجأ إلى التصعيد مؤخراً بهدف بعثرت الأوراق وتغيير المعادلة على الأرض.
وقال مسؤول رفيع في حزب المؤتمر الشعبي العام، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، ل«الشرق الأوسط»، إن الرئيس السابق علي عبد الله صالح يخشى من عدم مشاركة ممثليه، أو تقليص حضورهم في المفاوضات المزمع إجراؤها بين الأطراف اليمنية في جنيف في الرابع عشر من الشهر الحالي بدعوة من الأممالمتحدة، وأن يتم بدلاً من ذلك تمثيل حزب المؤتمر الشعبي العام في المؤتمر بقيادات موالية أعلنت تخليها عن المخلوع صالح، وتأييدها لتحالف عاصفة الحزم والقيادة الشرعية للبلاد.
وكشف المصدر السياسي في حديثه لصحيفة «الشرق الأوسط» عن قلق الرئيس المخلوع واستيائه من تحركات أعضاء المكتب السياسي للحوثيين، حيث تسربت معلومات عن وصول وفد سياسي من الحوثيين إلى العاصمة الروسية موسكو اليوم، دون التنسيق والتشاور مع صالح. وكان المخلوع قد عبر عن استيائه صراحة، الأسبوع الفائت، من ذهاب وفد سياسي من جماعة الحوثي إلى سلطنة عمان دون إبلاغه، في مقابلة تلفزيونية لقناة «الميادين».
وتوقع المصدر السياسي الرفيع وفق التقارير الصحيفة التي رصدها يمن فويس أنه وفي حال مشاركة وفد من حزب صالح وأنصاره، أن «يقع اختيار الرئيس السابق على الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر عارف الزوكا لرئاسة الوفد المشارك في جنيف، كقيادي جنوبي بارز، إلى جانب الشيخ القبلي ياسر العواضي نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب في مجلس النواب» حسب قوله.
وأظهرت تطورات الأيام الأخيرة في اليمن محاولات حثيثة لتحقيق نصر ميداني حاسم في بعض جبهات القتال الداخلي، وخصوصاً من قِبل الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، بالإضافة إلى ضربات نوعية من قِبل التحالف العربي، وذلك في محاولة لمسابقة الزمن وتغيير المعادلة على الأرض، قبل انعقاد مفاوضات جنيف المتوقع أن تنطلق في ال14 من الشهر الحالي.
ورحب بان كي مون بإرسال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وفدا للمشاركة في المشاورات التي تشرف عليها المنظمة الدولية، آملا أن تتيح الاجتماعات إعادة إطلاق عملية انتقال سلمية منظمة وتشمل كافة الأطراف.
وكرر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "دعوته الملحة كل الفرقاء في اليمن إلى بدء مشاورات بحسن نية وبدون شروط مسبقة بما فيه مصلحة الشعب اليمني" كما أضاف البيان في شأن المفاوضات الهادفة إلى وقف نزاع مستمر منذ أسابيع وأوقع أكثر من ألفي قتيل.
ويرفض الحوثيون وحلفيهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح مشاركة هادي في المباحثات بوصفه "رئيسا للبلاد".
ويقول مراسل لبي بي سي في اليمن إنه "يبدو من التشكيلة المسربة لأعضاء الوفد الحكومي أنها شرط تعجيزي وضعته حكومة هادي الموجودة منذ أشهر في الرياض لتأجيل فكرة الحوار مع الحوثيين في الوقت الحالي."
وأضاف المراسل إن ذلك يهدف إلى إعطاء مزيد من الوقت للعمليات العسكرية الحالية ضد الحوثيين وحلفائهم، وهو ما يضيف مزيدا من التحديات أمام مباحثات جنيف.
وتطالب الأممالمتحدة أطراف الصراع بوقف الأعمال العدائية من أجل توفير "مناخ بناء لمباحثات السلام".
لكن المواجهات الميدانية لا تزال مستمرة في مناطق مختلفة في اليمن.