القت عملية الهجوم الذي نفسه الحرس الجمهوري على الحدود السعودية وما تبعها من اطلاق صاروخ اسكود تجاه المملكة القت بظلالها على اهتمامات معظم المفكرين والمحليين السياسين العرب والاجانب إضافة إلى اهتمام معظم الوسائل الاعلامية . وفي هذه السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي هاني الظاهري أن العملية «الانتحارية» على الحدود السعودية التي نفذها قبل أيام أفراد الحرس الجمهوري التابع لمخلوع اليمن علي عبدالله صالح تبدوا الحصاد الأخير ليأس واضح، ومحاولة للتشبث بالحياة؛ فالمبالغة في إظهار القوة ليست سوى مؤشر مهم على «الضعف الشديد»، وهو الوضع الحقيقي الذي وصل إليه المخلوع ومرتزقته بعد أن باعهم الحوثيون؛ حين أدركوا أن «صالح» بات يشكل عبئاً سياسياً عليهم.
قبل ذلك توجه الحوثيون إلى مسقط للتفاوض بشأن وضعهم السلاح وخروجهم من المدن، من دون علم حليفهم المخلوع، فجن جنونه لشعوره بأنه يقف وحيداً عارياً في جبال اليمن إلا من بعض العسكر المرتزقة الموالين له، وهو ما قاده إلى توجيه رسالة غير مباشرة للميليشيات الحوثية؛ لثنيها عن التخلي عنه من خلال إرسال مجموعات عسكرية تحاول اختراق الحدود السعودية ليتحول أفرادها إلى جثث متفحمة تحوم عليها الغربان.
بعد ذلك ارتكب المخلوع ما يمكن وصفة ب«رفسة المحتضر الأخيرة» من خلال إطلاق صاروخ سكود باتجاه مدينة خميس مشيط متوقعاً أن تحقق له هذه الرفسة «إنعاشاً معنوياً»، لكنه فوجئ بقوة الدفاعات الجوية السعودية، التي حطمت آخر آماله قبل أن تحطم صاروخه.
للحوثي ثأر قديم عند صالح، فهو قاتل أخيه، وإن كانت ظروف المرحلة السياسية أثناء التخطيط للانقلاب على الشرعية أجبرتهما على التحالف المر، فإن الظروف حالياً، وبعد مرور أكثر من 70 يوماً على انطلاق «عاصفة الحزم» غيرت موازين القوى، وقد أدرك الحوثيون ذلك، فالقوة التي كان يعشمهم بها المخلوع تم تدميرها بشكل شبه كامل، هذا إضافة إلى أنهم يؤمنون إيماناً لا يداخله شك بأن لا مستقبل لصالح في اليمن، فالمجتمع الدولي يرفضه قبل الشعب اليمني، ومن الجنون والانتحار السياسي أن يربطوا مصيرهم به، ولاسيما أنهم يبحثون عن دور في اليمن الجديد بعد عودة الشرعية، وها هم الآن في موسكو من دون إشعاره أيضاً، وسيذهبون في الغد القريب إلى جنيف متحللين من أي رابط به.
كل ما سبق يوضح أن «مخلوع اليمن» كرتٌ تم حرقه وتطاير رماده في الهواء، بعد أن خان شعبه مرتين، المرة الأولى عندما عمل طوال 30 عاماً على تجهيله وإفقاره وتوجيه المعونات كافة التي تصل إلى اليمن لتسليح عصابته، والمرة الثانية حين حاول الانتقام من اليمنيين بدعم الانقلاب على الشرعية وإشعال حرب داخليه يتدفأ على نارها ويستمتع باستنشاق رائحة بارودها المتشابكة مع روائح جثث الأبرياء.
فعلياً كل المعارك التي تجري في اليمن الآن هي معارك الوقت الضائع قبل مؤتمر جنيف، وهدفها الأساس هو إضافة ثقل وهمي للمفاوضين، أما مشروع حلف الحوثي والمخلوع فقد انتهى إلى غير رجعة، والأيام المقبلة ستكشف الكثير.