تمسُّك بعض الأطراف ب(18) مارس ليكون موعداً لانطلاق الحوار يأتي ضمن محاولاتها اليائسة لطمس معالم التاريخ اليمني المعاصر والقديم.. ولن تقوى على ذلك. فالتاريخ معطى ثابت لا تقوى معالم التعرية السياسية على طمسه مهما كانت وبأي شكل، سيما حين يتعلق الأمر بأحداث مفصلية كالوحدة اليمنية والديمقراطية. التاريخ ينقش في ذاكرة الأجيال بما هو مسار يهدي السائرين والطائعين ليتعرفوا على ذواتهم وعلى حد سواء. لن يبدأ تاريخ الديمقراطية في اليمن بغير ال22 مايو 1990م، ومحال أيضاً أن يكون الحدث مرتبطاً بشخص غير الزعيم علي عبدالله صالح، ليكون صاحب هذا المنجز. إن يوم 22 مايو 90م هو يوم الديمقراطية المقترنة بالوحدة المباركة 27 أبريل 93م، هو للترحم، وكانت الممارسة العملية الأولى لهذا الإنجاز والخروج بأول مجلس نيابي منتخب. وتستمد الديمقراطية اليمنية عوامل ديمومتها من كونها لم تفرض كحدث طارئ ولم تستورد كقوالب جاهزة من الخارج بل مرت بمراحل وصولاً إلى نموذج يراعي خصائص البيئة اليمنية. ولولا الديمقراطية مثلاً لما رأينا محمد سالم باسندوة رئيساً للوزراء ولاعتبارات عدة ليس هنا مجال سردها. الديمقراطية ليست تلفيفقاً نضالياً لربيع وهمي بقدر ما هي وعد وتحد، وعد بأن يحكم الشعب نفسه، وهي تحدٍ لأنها تحتاج زعامات تؤمن بها كنهج وسلوك، وإن كان الثمن مغادرة كرسي الحكم.. سيحفظ التاريخ للزعيم علي عبدالله صالح أنه الرجل الذي أنقذ اليمن مرتين، بتوليه الرئاسة ومغادرته لها. ففي 78م أصر على أن يكون توليه للرئاسة بانتخابات من مجلس الشعب، وكان من بين المصوتين من قال لا (محمد الرباعي) وهو اليوم أحد قيادات أحزاب المشترك حي يرزق، وكانت اليمن في تلك الفترة تزحف نحو فراغ دستوري وحرب أهلية، وفي21 نوفمبر 2011م وعندما كانت الحرب الشاملة تتوقد بأكثر من شعار، ولا بد من نقل السلطة، أصر رئيس الجمهورية حينها علي عبدالله صالح على أن يكون ذلك عبر الانتخابات، رافضاً الاستسلام للمشاريع الفوضوية ورفع شعاره المعروف "التحدي بالتحدي" ليصل بالسلطة إلى أياد أمينة ممثلة بالمشير عبدربه منصور هادي، وعبر الاقتراع المباشر. *صحيفة اليمن اليوم