سلوك بعض المسلمين يُسيئ للدين من المؤسسات الشبابية التي استطاعت الوقوف بصلابة على أرض مجتمع تتزلزل مساحة العمل الطوعي فيه بين فترة وأخرى بالرغم من وجود الحاجة الماسة لوجود مثل هذه الأعمال التي تعيد للإنسانية رونقها وبهاءها القيمي والأخلاقي .
مؤسسة الضوء القادم من الشرق تديرها الأستاذة ألطاف العريقي ومجموعة من النواعم المتحدثات باللغة الإنجليزية ، والمتمكنات من المحاورة المؤثرة ونقل الصورة الحقيقية للإسلام كما ينبغي إلى ذلك الذي لم يعرف الإسلام إلا عبر مسلمين ، لا يعلمون عن دينهم إلا القليل الذي لا يسع التحدث عنه أو فيه دون وجود عقيدة تؤمن بأنه الدين القيم .
كان لنا مع الأستاذة ألطاف هذا الحوار الذي تحدثت فيه عن ( الضوء القادم من الشرق ) بشفافية الداعية المواكبة لعصرنة الاحتياج ، تلك الداعية التي تفهم فقه الواقع كما هو .. فإلى مادار في الحوار ..
• كيف تبلورت لديك فكرة الدعوة إلى الإسلام باستخدام لغة الآخر ؟
بدأت فكرتنا قبل أعوام تقريباً على خلفية الإساءات الدانمركية على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكانت عبارة عن أنشطة جامعية، لكنها تحولت إلى إحساس بالمسؤولية تجاه هذا الدين،خاصة حين وجدنا ما يُسيئ للدين ، أيضاً في النصوص المترجمة التي كنا ندرسها في قسم اللغة الإنجليزية وبعد ذلك وجدنا أن من الضروري أن لا يتوقف الأمر على مجرد مطوية، وأنه لابد من وجود عمل جماعي متّقد ليستمر الحماس، وتستمر المناصرة، ويعرف الآخر أن هذا الدين هو دين سلام وتسامح .
• ما نوع الصعوبات التي واجهتكن داخل الجامعة وخارجها ؟
الصعوبات التي حالت دون ظهور الفكرة وتبلورها بشكل سريع داخل الجامعة تمثلت في ضيق أفق أصحاب القرار الجامعي ، وتعاملهم مع الطالب كإنسان متلقٍ فقط ، ولا ينبغي له أن يكون أكثر من ذلك ، أما الصعوبات التي واجهتنا في الخارج ، فكان أغلبها مادياً ، نتيجة لحاجتنا الشديدة لتأمين أكبر قدر من المطوية التعريفية بالإسلام ، خاصة بعد استهدافنا للمناطق السياحية، والمكاتب ذات العلاقة بوجود العمالة الأجنبية،وغيرها من الأماكن التي تستهدف مثل هؤلاء الناس ، كالمستشفيات على سبيل المثال .
• هل تفاعل هؤلاء مع تلك المطبوعة ؟
نعم، خاصة بعد أن زودَّناها ب ( CD ) للقرآن الكريم، وحصلنا على التزامات خاصة بعدم طبعها أو استغلالها، وهنا بدأ التفاعل بيننا وبين هذه الشريحة المستهدفة، وكان المهم في تلك الفترة تصحيح النظرة الخاطئة لديهم عن هذا الدين الحنيف، ومحاولة صنع قدوة جيدة للداعية الذي يجب أن يكون، وأعتقد أننا بذلنا في سبيل ذلك كل ما نستطيع لدرجة أننا درسنا السيرة النبوية باللغة الإنجليزية، وتعرفنا على مطبوعات محرفة من الإنجيل، حتى نستطيع أن نثبت لهم أن الدين الإسلامي لم يُحرَّف ، وهو الدين الصالح لكل زمان ومكان .
• ما الخطوة التي تلت ذلك ؟ أم أنكم في المؤسسة اكتفيتم بذلك على الأقل في تلك الفترة ؟
لم نتوقف حتى اللحظة عن التجديد في أساليبنا والبحث عن كل فكرة نيرة تنقل الإسلام للآخرين كما يجب ، ففي عام 2007م ، وبعد العدوان الأول على غزة، قررنا عمل حملة للتوبة ، فكرتها تقوم على أساس جمع التائبين نُصرة ً لغزة،وهنا تعرفنا على داعمة يمنية هي من دفعتنا لإيجاد مقر رسمي يكون ملتقى لأعضاء المجموعة، وحتى يكون عملنا أكثر رسمية ومصداقية أمام الناس، وأذكر أننا واجهنا الكثير من العراقيل أثناء حملة(التوبة ) من أهمها اتهام البعض لنا بالتنصير .
• هل كان اتهامكم بالتنصير كافياً للتراجع؟
بل كان دافعاً للاستمرار، حيث كان التركيز على الهدف قوياً بما يكفي، والإيمان بالفكرة في أوجِّها، وعلاقاتنا الواسعة في الداخل والخارج لعبت دوراً كبيراً في الحفاظ على المبدأ الذي سخَّرنا أنفسنا من أجل تحقيقه، فالإسلام هو همنا الكبير وليس سواه .
قبلها حُوربنا أيضاً من جهات كبيرة على مستوى الدولة، وواجهتنا تهديدات بالتصفية، ووُضعت أمامنا فرصة لمصادرة المؤسسة وبيعها بالعملة الصعبة، خاصة بعد حملة ( راقي بأخلاقي ) التي اكتسحنا فيها جامعات تعز، واستهدفنا فيها شباباً من كل المستويات الفكرية والطبقية .
• في اعتقادك هل كانت اللغة هي نقطة الانطلاق ؟
بلا أدنى شك، لأن حوار هؤلاء كان يتطلب ذلك بل أن الجلوس إليهم وحسن الإصغاء والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الحوار الإسلامي الناجح، لأننا حين نحاورهم بلغتهم نصل إليهم، ويصلون إلينا بشكل أفضل، فالطاقم الإداري والدعوى في المؤسسة يتحدثون اللغة الانجليزية بمهارة عالية، بالإضافة إلى أنهم كما كما أسلفت درسوا السيرة النبوية مترجمة إلى الإنجليزية، مما جعل حجتهم في توصيل المعلومة وإيصال الرسالة أقوى وأعمق .
• هل ترين أن المسلمين قاموا بدورهم الحقيقي تجاه دينهم؟
إطلاقاً لم يفعلوا ذلك، ولا زالوا إلى هذه اللحظة لا يدركون حجم الخطر المحدق بالدين، وهم منشغلون عنه بسواه من أمور الدنيا.. إن أهم ما أوصلنا إلى ما نحن عليه في المؤسسة التجارب المتراكمة في هذا المجال، وقوة إدراك الواقع ومتغيراته، وهذا ما لا يفهمه الكثير من المسلمين بالهوية ! لأنهم يتصرفون بطرق تُسيىء للدين، وتنقله للعالم الآخر بصورة غير صحيحة، ويكفي أنهم اليوم يُفصِّلُون الفتاوى وكأنها أثواب يجب أن تتماشى مع المتغيرات التي تخصهم وتخدم مصالحهم .
•كيف ينظر هؤلاء بعد دخولهم إلى الإسلام ؟
لن تتصوري مدى السعادة التي يشعرون بها، لكنهم يشعرون أيضاً بالفرق بين الإسلام الحقيقي الذي وصل إلى عقولهم وقلوبهم، وبين ما يفعله المسلمون الذين يعيشون الإسلام كمسمى فقط .
أسلم على أيدينا – بحمد الله – سبعة أشخاص، بينهم زوجان ، كان إسلامهم سريعاً، وقالوا (الحمد لله الذي عرّفنا بالإسلام قبل أن نعرف المسلمين ) !
•هل يستغرق دخولهم في الإسلام وقتاً طويلاً ؟!
يستغرق الأمر 17 سبعة عشر جلسة ، وكل جلسة تستمر لساعتين ، هناك ملزمة لمناظرات مترجمة توضح الحوار الذي يدور بين الداخلين في الإسلام وبين من يدعونهم إليه من الأخوات،وتقوم تلك المناظرات على المقارنة بين ما يقوله المسلمون وما يفعلونه ، وهذا دفعنا طبعاً لاستحداث قسم جديد في المؤسسة بعنوان ( القدوة خير دعوّة ) نعرض فيه كافة البرامج التعريفية بالإسلام ،والهدف منه تعديل السلوك الأخلاقي عن طريق الإنسان اليمني نفسه ، فمثلاً هناك برنامج خاص بالمستشفيات ( الممرضة المسلمة الجيدة ) وهناك برنامج آخر خاص بالمدارس ( الفتاة المسلمة الجيدة ) وآخر خاص برياض الأطفال ( الطفل المسلم الجيد ) ويتم في هذا البرنامج توعية هذه الشرائح المسلمة لتكون قدوة للداخلين في الإسلام أو لسواهم ممن يهمهم أمر الإسلام ولا يجدون وجهاً للمقارنة بين ما يقوله هؤلاء وما يفعلونه .
•هل توجد برامج توعية خاصة بالفتيات؟
نعم هناك برنامج أكاديمي تدخله الفتاة بعد الثانوية العامة، وهو برنامج (صناعة الفتيات) ويستمر لمدة سنة كاملة، نصنع من هذه الفتاة قدوة جيدة أينما حلّت عبر : علوم مهاراتية قرآن كريم فنون الإتيكيت القرآن بالإنجليزية، كما يتضمن البرنامج رحالات ترفيهية، ونهدف من خلال البرنامج لصناعة فتيات بفكر متزن .
•هل لديكم برامج خاصةتستهدفون عبرها الداخلين للإسلام بعد دخولهم فيه؟
سؤال جيد ، نعم لدينا هذه البرامج، فدورنا لا يتوقف عند دخول هؤلاء في الإسلام فقط ، بل يستمر من باب الأمانة والمسؤولية، وهذه البرامج تمثل ( الصلاة اللغة العربية أركان الإسلام..) وفي تعليم الإسلام للرجال نستعين بشباب يتطوعون لخدمة الإسلام، يتحدثون اللغة الإنجليزية بالطبع. تلك المناهج نحصل عليها من :
وكذا من مجموعة من المؤسسات الأخرى الخاصة بالتعريف بالإسلام ، وتتميز المناهج بالاعتدال، والاتزان ، وتتخذ من ( فقه الواقع السلام التعايش القدوة التسامح حوار الثقافات حوار الأديان ) مدخلاً لها، ووفق ضوابط شرعية معتبرة .
وبالإضافة إلى كل ما سبق لدينا مواقع اجتماعية متفاعلة، وحركة ترجمة نشطة، ونزول ميداني مستمر يحدد لنا احتياجات المسلمين وغير المسملين وفق دراسات وأبحاث واقعية نخرج بعدها بمادة عصرية ومدروسة، وتحصل على تقبُّل واسع من الجميع .
• هل كان المجتمع عائقاً في تحقيق هذا المستوى من التميز الأصيل؟
بل إن المجتمع هو من قدّم لنا الكثير ، فقد وقف كداعم أساسي بدءاً بدكاترة جامعيين ، مروراً بعائلاتنا التي تحملت في سبيل تحقيق حلمنا الكثير من المشاق، ووصولاً إلى سائقي الحافلات الذين يُرحِّبون دائماً بتوزيع المنشورات وتعليق الملصقات .. إن العوائق الحقيقية وجدناها من الكفاءات الدينية التي تقول ما لا تفعل .. ولولا استقطاعات شهرية من رواتب الموظفين ما كان هذا المقر موجوداً، الضوء القادم خلاصة مجتمع، وما نحن إلا منفذون ، أما البعض ممن كنا نتوقع منهم الوقوف إلى جوارنا فقد عرفنا أنهم يستخدمون الدين كغطاء . وهم يتواصلون معنا فقط لاتهامنا بالقيام بخطأ شرعي ، وكمثال على ذلك قضية ( إسلام الرجل الأرتيري ) حيث كان الاعتراض حول نشر المادة مصورة، وأمور أخرى كثيرة .