يا ساتر يا الله لا يزال تأثير ذلك القات (الوزاري) اللعين يأخذني من وادٍ إلى آخر.. ولما كان ضوء الصباح قد اخترق نافذتي المكسورة، وأنا ما أزال أبحث عن فكرة مناسبة أخلّد من خلالها ما تيسر لي من أسماء المبدعين الكبار (الله ينتقمهم؟!) وفي لحظة نعاس تسللت إلى ذهني فكرة خطيرة .. أو حلم .. لا أدري بالضبط! المهم كانت فكرة جهنمية بالفعل، ولأن تنفيذها يحتاج مني إلى (ضمار) يعني شوية فلوس، لم أجد أمامي غير (بقرة جدتي) على اعتبار أنها الرأسمال الوطني الوحيد في خزينة العائلة؟! وبحكم العلاقة الحميمة التي تربطني ببقرة جدتي، رحت أشرح لها الموضوع بالتفصيل حتى أن المسكينة اقتنعت بسرعة ووافقت أن أبيعها فداءً للإبداع والمبدعين وأثبتت بالفعل أنها بقرة طيبة وبنت حلال، وعندها إحساس بالوطنية أفضل من كثير من الناس في حكومة الوفاق. حتى أنني لحظة أن سلمتها لتاجر المواشي في السوق، واستلمتُ منهُ ثمن تضحيتها، حبست المسكينة حزنها بجسارة، وبعد أن عانقتني وتوادعنا وداعاً حاراً صعدت على ظهر سيارة النقل الكبيرة، وأول ما (اشتغل) محرك السيارة، انفجر الدمع –كالنافورة- من عينها، وراحت تودعني وهي تبكي وتقول: - أمانتك السبع الأمانة، اهتم بالموضوع .. وقُل للمبدعين أنني بعت نفسي وضحيت بزهرة شبابي عشانهم .. مُش بكرة بعده ما أبسرته ما ريته. وأردفت تحذرني : - وكما هااه، حسك عينك تطلع كذاب ونصاب مثل بعض الذي يستلموا (زلط) المشاريع والمؤتمرات بالذات مؤتمر الشباب- ويلهفوها إلى جيوبهم! أو يعملوا بها مشاريع حزبية وكأن البلد حق أبتهم لوحدهم. طمأنتها –طبعا- وكان آخر صوت سمعته منها: أمانتك كون راسلني أولاً بأول! ومن ثم انقطع صوتها الباكي خلف أول منعطف في الطريق، ولم تغب رائحتها من أنفي .. ولا صورتها من بين عيوني. وداعاً يا بقرتي الحنونة .. وأرجو أن تصلك رسالتي هذه وأنت في أتم الصحة والعافية واطمئني لأنني بدأت أنفذ الخطوة الأولى من مشروع تكريم رواد الثقافة والفنون في اليمن، وقد استأجرت دكانا كبيرا على بابين في قلب العاصمة وبعد أن أدخلت إليه بلياردو وشطرنج ودمنة (DOminos) وأوراق كوتشينة، أو بالبلدي يا بقرتي الحبيبة (بطة) وألعاباً أخرى .. وجمعتُ ما جمعتُ من صور ومعلومات عن أهم نساء ورجال الفكر والثقافة والأدب والإبداع بكل مجالاته، بعد كل هذا يا بقرتي العزيزة، أطمئنك أنني بدأت أنفذ الخطوة الثانية من المشروع، وافتتحتُ الدكان وقد علقت عليه لوحة خشبية كُتب بداخلها: أهلا بكم في نادي الإبداع اليمني. يتبع غدا ..................