ما يحدث الآن من نزاعات باسم الإسلام وباسم الدفاع عنه، لا يعدو أن يكون نوعاً من الكراهية تجاه الآخر وإلصاق التهم به، ثم يتطور الأمر إلى إصدار الفتوى التي تجيز الخروج لقتاله.. مع أن الإسلام براءٌ من الذين يقتتلون باسمه. نعم، الأمر هو نوع من الكراهية، لأن كلَّ طرف لا يؤمن إلا بفكره وبأحقِّيته في التحدث باسم الدين، وحصْرِه فيه وفي مشايخه وأسلافه، وما عداه مخالف، ولا يجوز التواطؤ معه.. وبدلاً من الحوار مع هذا الآخر لنصل إلى وفاقٍ ويقبل كلٌّ بالآخر ونهجه وفكره، نلجأ إلى القتال دون أن نحاول مدَّ جسور التواصل ونتفق على ما نحن مختلفون فيه، ونقتنع أن لكلِّ إنسان الحق في فكره ومعتقده. نحن بحاجة إلى الحب الذي يوحِّدنا في كلِّ شيء، فحين يتوفَّر هذا الحب تنتفي كلُّ الخلافات، وسنتقبَّل كلَّ شخص على علَّاته، ولن نسفِّه فكره ومعتقده.. وإن اختلفنا على شيء فسنتفق في الأخير على المحبة والإنسانية التي تجمعنا تحت مظلَّتها. الحب يصقل النفوس ويطهِّرها من كلِّ خَبَث.. وليس أدلّ على ذلك أن تجد أصدقاء وإخوة، كلٌّ منهم في مذهب، وقد يكون بينهم من هو ملحد، لكن هذا لا يؤثر في ما بينهم، لأن الحب يجمعهم مهما افترقت أفكارهم. حين نحب بعضنا سنتوقف عن الحقد الذي يجعل أدعيتنا وصلواتنا مليئة بالغلِّ الذي يدفعنا أن نطلب من الله أن يجمِّد الدماء في عروقهم ويزلزل الأرض تحت أقدامهم. كم كان ابن عربي حصيفاً وجميلاً حين قال: لقد صار قلبي قابلاً كلَّ صورةٍ فمرعىً لغزلانٍ ودَيرٌ لرُهبانِ.. وبيتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآنِ.. أدينُ بدينِ الحب أنَّى توجّهتْ ركائبهُ، فالحبُّ ديني وإيماني..