بعد كل كارثة, فتش عن الخطاب السياسي والإعلامي الفاجر .. لا تهتم كثيراً أو حتى قليلاً بهذه الإدانات المطلقة للجرائم, والتي تدبجها الأحزاب والمنظمات والحكومة ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والأمم المتحدة ومجلس الأمن وسفارات الدول الكبيرة والصغيرة ,فمن بين هؤلاء من يكون وراء الجرائم. . لنفتش أنا وأنت وهم عن المجرم في أعماقنا ,وفي ألسنتنا, وفي هذه النجوى التي توغل الصدور..لنفتش عن أسباب الحفاظ على كل هذا العجز الحكومي في ضبط مسلسل جرائم عنف لم تستثن ولا يبدو أنها ستستثني أحداً .. . وبعد التساؤل ..ماذا بعد هذا العنف الذي لا يستثنِ حتى حياة منفذيه؟ نحن أمام إرهاب بعضه بغطاء وبعضه بلا غطاء سوى الغطاء الشخصي الذي يغذيه مترهلون يدفعون الدولة باتجاه المزيد من التآكل بزور الكلام وفجور المواقف وإشاعة الظلم وتشجيع النهج العنيف المتحول إلى أسلوب عدمي في التعبير عن الذات . . لا يكفي أن يلتقي الجميع حول الإدانة القاطعة لكافة أشكال العنف والجريمة.. فالأهم من ذلك هو أن يكون لكل مسؤول دور ووظيفة توفي باستحقاق المسؤولية.. ابتداء برئيس الجمهورية وواجبه في إقالة الفاشلين والمقصرين ,مروراً بسلطات تغادر دورها المعطل, وقانون عقوبات لا يفترض أن نربطه بحمار مؤتمر الحوار الوطني بعد أن أثبت أنه جزء من صناعة "الدبور". . لا يوازي مذبحة التفجير والاقتحام لمجمع وزارة الدفاع إلا كيد السياسيين وكيد المحللين والناشطات والناشطين الذين لا يكفون عن الظهور عبر الفضائيات ليغطوا الجرائم ويوغلوا الصدور بتحليلات ليست أكثر من لغو بعيون طبع أصحابها وتمترسهم الحزبي والجهوي. . وليس في الذي سبق مجاراةً لهؤلاء في الدخول إلى النوايا وتجاهل الحقائق وانتظار تحقيق لا ينتهي بتحميل الجريمة عفاريت من الجن.. لكن ما يجب أن يكون معلوماً أن نخب اليمن السياسية والإعلامية والاجتماعية هي صاحبة أدوار في صناعة كل هذه الكوارث. . مؤسف جداً أن حب الوطن لم يعد سجية ولا سلوكاً، وإنما صار رهينة لأشكال عديدة من التطرف في التفكير الذي يوغل الصدور ويحرض على الفتنة ويلقي بالوطن شعباً ومقدرات إلى التهلكة, حتى تكاثرت أعداد من يجمعون بين الرغبة في إزهاق أكبر قدر من الأرواح وإراقة الكثير من الدماء وبين النزعة الشخصية للتخلص من الحياة بأسلوب عدمي في التعبير عن الذات الراغبة في الانتقام بل وطلباً للجنة. . وفي واقع صارت خياراتنا فيه محدودة لا مناص عن مناشدة الرئيس عبد ربه منصور هادي بعدم مواصلة الاتكاء على كل هذه العكازات النخرة.. فالعجز والفشل والفساد استباحة استباقية لدماء الناس وأحلامهم وأعراضهم, بدليل ما يحدث من عنف واختطاف حتى للنساء. . العنف يخلق أجواء رهيبة من الخوف والشعور بالقهر ,وحان للفرقاء أن يسلموا بأنه لا عاصم لأحد من اتساع رقعة الفرجة أو التشجيع على الجرائم وأن حب الوطن لا يتحقق بالكيد لأنه سجيه ومواقف محترمة ,وليس مجرد إدعاء أو تكلف بلسان سياسي فاجر أو محلل مضلل أو إعلامي بليد.