شهد الاستثمار الحقيقي للبنوك الإسلامية والتجارية في اليمن تراجعاً حاداً مقابل ارتفاع الاستثمار النقدي للبنوك، بسبب فشل حكومة الوفاق الوطني في تهيئة بيئة استثمارية آمنة وارتفاع المخاطر الاستثمارية، مما حدا بالبنوك الإسلامية والتجارية إلى الاتجاه نحو الاستثمار في أذون الخزانة. وكشف تقرير التطورات المصرفية الصادر عن البنك المركزي اليمني أواخر الأسبوع الماضي أن البنوك الإسلامية والتجارية استثمرت تريليون و294,6 مليار ريال، مقارنة ب تريليون و290,9 مليار ريال يمني في فبراير الماضي من إجمالي ودائع المودعين في البنوك الإسلامية والتجارية التي بلغت نهاية مارس الماضي تريليونين و219,9 مليار ريال. ووفق تقرير التطورات المصرفية فإن إجمالي الميزانية الموحدة لتلك البنوك بلغ تريليونين و773،5 مليار ريال في مارس الماضي، بينما بلغت تريليون و651 مليار ريال، إلا أن دورها في الاستثمار الحقيقي تراجع خلال السنوات الأخيرة إلى أدنى المستويات، فتلك البنوك التي بلغت ودائعها البنكية في فبراير الماضي تريليونين و216 ملياراً، تستثمر منها تريليوناً و290ملياراً و900 مليون ريال في شراء أذون الخزانة بالمزادات العلنية مقابل الحصول على 15 % من الأرباح المضمونة، ونتيجة ذلك أُفرغ الدور الحقيقي للبنوك التجارية والإسلامية التي يعول عليها تمويل المشاريع التنموية والاستثمار في مختلف المجالات مما يساهم في إنعاش الحركة الاستثمارية وتوفير فرص للعاطلين عن العمل. وعلى الرغم من أن أذون الخزانة كسياسة مالية للتحكم بتدفق الأموال من وإلى البنك، والحفاظ على سعر العملة من الانخفاض، إلا أنها تحولت إلى أداة من الأدوات الكابحة للاستثمار في اليمن بعد أن تحولت الأداة الاستثمارية لمؤسسات وصناديق العام والبنوك العامة والخاصة، فأذون الخزانة أسهمت في الحد من قدرة الدولة على دعم الاستثمار العام، سيما وأن معظم مبالغ تلك الإصدارات تم توجيهها لتغطية الإنفاق الجاري، بالإضافة إلى أن ارتفاع معدل الفائدة إلى 22.70% قبل تخفيضها إلى 18% أعاقت الاستثمار، وأضعفت قدرة البنك المركزي على تحقيق أهدافه من جانب، وشكل ارتفاع الفائدة عامل جذب كبيراً للمستثمرين، بما فيهم البنوك والمؤسسات، الأمر الذي أدى إلى مزاحمة الاستثمار المالي للاستثمار الإنتاجي، وحرمان القطاع الخاص من الموارد المالية، وهو ما أثر سلباً على حجم الاستثمارات الحقيقية في الاقتصاد، كما أن ارتفاع تكاليف إصدار أذون الخزانة أسهم في الحد من قدرة الدولة على دعم الاستثمار العام، لاسيما وأن معظم مبالغ تلك الإصدارات تم توجيهها لتغطية الإنفاق الجاري.. ولذلك يصبح العمل بأذون الخزانة كآلية من آليات السياسية النقدية اليمنية دون البحث عن البدائل أكثر تكلفة وأكثر جدوى، ومنها الصكوك الإسلامية مغايراً لأي اتجاهات حكومية لإنعاش الاقتصاد اليمني مستقبلاً، فأذون الخزانة لم تعد الآلية الأنسب، وفشلت في تحقيق أهدافها، فإذا كان الهدف الرئيس من الأذون سحب فائض السيولة النقدية التي لم تدخل البنوك، أي السيولة المالية، والتي تتواجد خارج البنوك، ولم يُستفد منها، وتوجيهها لأغراض اقتصادية، فإن دور أذون الخزانة اليوم سحب السيولة المتوفرة لدى البنوك، حتى وصلت استثمارات البنوك في أذون الخزانة ما يقارب ال 80% من إجمالي إصدارات أذون الخزانة العام الماضي.