لا أريد احترام تلك الخطابات الفاجرة التي قادت بعض البلدان العربية إلى ما هي فيه من إسقاط للدولة وإعادة إنتاج الفساد والاستبداد بصورة أفضح وأقبح . سقطت الأنظمة أو لم تسقط.. بقيت معلقة أو استحالت رمادا يصعب احترام الخطاب الفاجر حتى لا يهين الواحد نفسه وهو يصفق للأحصنة الخشبية وهي تتوالد ..تغدر.. وتفجر. الثورات نبل وأخلاق وقدوة حسنة للأجيال وليست أبداً استئثاراً بالسلطة وفساداً في المال وترهلاً في الإدارة واستدعاء لأحقاد يمتد بعضها إلى العصبية الجاهلية ،وفوق هذا وذاك تجاوز الخطاب الفاجر إلى المواجهات التي تستهين بالدم وبالحرمات. مرت أعوام على بلدان عربية اعتقد أبناءها أنهم يتغيرون نحو الأفضل وأنهم على تخوم زمن العيش والحرية والكرامة الإنسانية ،وها هي الأسئلة الأكثر حضوراً أي حرية هذه التي تقصف حياة قناة فضائية في اليمن وتذهب بصحفيين إلى السجون في مصر وأين هو العيش الكريم ثم هل في فضاء التغيير استقرار .. أين الأمن وأين الازدهار..؟؟ وأبداً ليس العيب في فكرة الثورة أو الحق في التغيير وإنما في أن من يقودون التحول يتساقطون في المعترك الأخلاقي وفي ميدان الممارسة للوظائف والأدوار حيث ما أن يجلس أحدهم على كرسي المسؤولية حتى يستعجل عبادة الذات ويثابر في إثبات أنه لا صوت يعلو على صوت الأهل والعشيرة ليردد الناس بأصوات مخنوقة هل هذه هي العدالة وأين هي الحرية وأي تعريف للكرامة الإنسانية ؟ لست في وارد الدفاع عن الماضي في بلدان الربيع بفساده واستبداده ولكن في وارد الأسئلة الاستنكارية المتأملة كيف لمن طالب بحرّية سقفها السماء أن يضيق بالرأي الآخر عندما يصل إلى السلطة ،وكيف للإقصاء الخجول أن يتحول إلى إقصاء فاجر وغادر.. لننظر لما أصاب العراقيين الذين جعل الأمريكيون منهم مفتاح الانهيار في المنطقة .. ولنتأمل كيف أصبحت سوريا وما هو حال ليبيا وكيف صرنا في اليمن نبيع الوحدة بالأقاليم ونسيج المجتمع بالتشظي النفسي والمذهبي.. أما في مصر فقد وقع الفجور على الفجور في وقت مبكر فإذا بالثورة التي جاءت بالإخوان المسلمين إلى السلطة تنتج ثورة أخرى تلقي بهم قادة وقواعد في السجون.. وما يزالون.