أعلن وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، أن 32 سائق شاحنة تركياً كانوا محتجزين رهائن منذ حزيران/يونيو لدى متشددين في العراق، أفرج عنهم، أمس الخميس، وسُلِّموا إلى السلطات التركية في ذلك البلد. ويأتي إطلاق سراح هذا العدد الكبير من الرهائن الأتراك، وسط تجدد التساؤلات حول طبيعة العلاقة التي تجمع بين الحكومة التركية وتنظيم "الدولة الإسلامية" والتنازلات التي قدمتها أنقرة لهذا التنظيم المتشدد حتى يقبل بالإفراج عن جميع السائقين، وبسرعة فاقت التصورات. وخطف مسلحو الدولة الإسلامية (داعش سابقاً) سائقي الشاحنات التركية بعد بداية هجومهم الكاسح على مدينة الموصل شمال العراق. وقال أوغلو أمام الصحافيين إن "المواطنين الأتراك سُلِّموا إلى القنصل العام التركي في اربيل" في المنطقة الكردية، وهم في طريقهم إلى هذه المدينة في شمال العراق، حيث سينقلون في وقت لاحق إلى تركيا. وأضاف أنه تم استئجار طائرة تابعة للخطوط الجوية التركية لإعادة الرهائن السابقين إلى أنقرة، مشيراً إلى أنهم في صحة جيدة. ولم يقدم وزير الخارجية التركي تفاصيل عن المفاوضات التي أجراها ممثلو حكومة بلاده مع الخاطفين ومع قادة تنظيمهم، لكن بعض المحللين رأوا أن التنظيم المتشدد الذي بدا وكأنه "يجامل" رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، ولم يشأ أن يورطه في أزمة رهائن وهو الذي يستعد لخوض معركة رئاسية قوية، أطلق سراح الرهائن في سياق علاقة تبادل منافع بين التنظيم المتشدد وأنقرة، وهي علاقة تعود إلى بداية انتصاب التنظيم الذي كان يسمى اختصاراً بداعش، على الأراضي السورية. وأثارت أزمة الرهائن الأتراك لدى الدولة الإسلامية الجدل في تركيا حول علاقات مفترضة لتركيا مع الجماعات المتمردة الأكثر تشدداً، والمشاركة في الحرب ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومن بينها الدولة الإسلامية. وازدادت الشكوك بشأن علاقة مفترضة بين حكومة أردوغان والدولة الإسلامية بعد أن حظرت محكمة جنائية في أنقرة في يونيو/حزيران على وسائل الإعلام في البلاد نشر أية معلومة حول أزمة الرهائن ال80 المخطوفين في الموصل. وأعلنت حكومة أردوغان الإسلامية المحافظة عن دخولها في محادثات للتوصل إلى الإفراج عن رعاياها المختطفين.. وقال كبار المسؤولين في الدولة التركية بعيد الإعلان عن اختطاف السائقين وعشرات من موظفي وعملة القنصلية التركية في الموصل "يتم بذل جهود حثيثة.. إننا نبذل أقصى ما يمكننا". وتتهم المعارضة التركية أردوغان بأنه كان واحداً ممن قوَّوا شوكة هذا تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد، وبأنه ربط معه علاقة سرية عندما بدأ ينشط في سوريا وذلك نكاية في النظام بشار الأسد ورغبة في إسقاطه. وترى المعارضة أن هذا هو المبرر الوحيد الذي يفسر سرعة استجابة التنظيم الجهادي لطلب الإفراج عن السائقين الأتراك، في انتظار الإفراج عن موظفي السفارة، كما أكد ذلك وزير الخارجية التركي. ويقول خبراء في شؤون التنظيمات الإرهابية، إنه ليس من عادة تنظيم الدولة الإسلامية الذي يعلن ظاهرياً حالة العداء لجميع الدول التي لا تقوم على مبدأ الخلافة الإسلامية بلا استثناء، أن يسلِّم بسهولة جميع الأسرى الذين يختطفهم في "ساحات القتال"، لأنهم يمثلون أوراقاً تفاوضية قوية ضد الجهات المستهدفة من مثل هذه العمليات. ويضيف هؤلاء أن أنقرة قد تكون استخدمت علاقتها الوطيدة بالتنظيم التي نشأت قبل أشهر، وتجلَّت في التعامل بين الطرفين داخل الأراضي السورية، وفي أضعف الحالات فإنها قبلت بشروط عديدة قدمها التنظيم الجهادي قبل تسليمه للرهائن ما تزال مجهولة إلى حد الآن.