تنتعش عصابات القاعدة وتبرز قوة شوكتها عند ضعف الدولة وإصابتها بالهشاشة، الأمر الذي يسهِّل على الجماعة اختراق جميع خطوط الدفاع والسيطرة على الجهاز الأمني واستباحة رقاب قوات الأمن والجيش، كما حدث في أبين وحضرموت مؤخراً.. الإسلام غدا مشوهاً عالمياً، يترك صورة لا تحمل حقيقته وأهدافه النبيلة، صورة قذرة تريد لها الظهور أفكار إمبريالية لا تشجع التديُّن بالدين الإسلامي المتسامح.. إن المخابرات الأمريكية التي تظهر لنا الآن العداوة بينها وبين القاعدة، هي الحليف والمربّي الفعلي لها، هي المنشئة لتلك الجماعة في أفغانستان إبان الحرب الباردة بينها وبين الاتحاد السوفيتي، تشويه صورة الإسلام في ظل البلبلة داخل أوساط هؤلاء المغسولة أدمغتهم جيداً وغير المنتمين للجنس البشري، عدا هيئاتهم الخارجية فقط، لهو من أكبر الأدلة الدامغة على نجاح تنظيم القاعدة في غرس أفكار تنفِّر من الدين الإسلامي وتزعزع الثقة فيه وفي المسلمين داخل الأوساط الإسلامية لتنهار شوكتهم كقوة ذات حضارة إسلامية كانت عظيمة، تلك القوى تتشرذم الآن وتشوه بأفكار تكفيرية لكل شخص لا منتمٍ ولا متضامن مع التنظيم، ومن ثم يعد القتل هو مصير المتعاونين مع أعداء القاعدة وغير المؤيدين لأفكارهم الضالة، فمن المستفيد من انهيار مبادئ الإسلام؟!، من المستفيد من التناحر لفرق ومذاهب تعددت وتشتَّتت واختلفت وتناحرت، ليبقى تجويز القتل والتصفية والذبح هو مصير المسلم غير المنتمي لتنظيم القاعدة ومناصريه، ولأن الجهاد هو الهدف السامي الذي تناضل القاعدة لأجله، فقد أصدر التنظيم فتوى أباح فيها قتل الشيعة، عياناً جهاراً، وفي فتواهم الجهادية أعدَّ هؤلاء قتال الشيعة واجباً شرعياً على كل مسلم قادر!! تبرر القاعدة أفعالها الإجرامية بأنها جهاد ضد الحكومات الكافرة الموالية للغرب، وبأنها تطمح لتحرير بلاد المسلمين من الوجود الأجنبي، فجاء قتل الجنود وذبحهم عملاً محللاً في شرعهم، نظراً لتعامل الجنود مع الحكومة الكافرة المتعاونة مع الأجانب، ويبررون أفعالهم بتسجيلات لهم وهم ملثمون، فلماذا يخاف مثل هؤلاء ولديهم كل الثقة لقتل الأبرياء على أنهم مستحقون للقتل لأنهم أعداء للسنة وقاتلوا أهل السنة على حدّ قولهم؟! تاريخ الإرهاب في اليمن لم يتناول قتل وتصفية لأبناء الوطن داخل الوطن، فقد انحصرت في الماضي على اختطاف السياح، وربما تصفيتهم لاحقاً، ومع تعوُّد الشعوب العربية على رؤية المناظر البشعة للقتل وإراقة الدماء عبر الوسائل المرئية، أصبح لزاماً اتخاذ أعمال أكثر عنفاً توائم كثيراً عنف المرحلة التي نعيشها ومدى بشاعتها، فانتشرت أعمال الذبح وقطع الرؤوس والتصوير والمفاخرة بتلك الإنجازات بالتكبير والتهليل، فماذا ستحمل لنا الأيام ما هو أبشع منظراً لتلك الرؤوس المدلَّاة من شعورها!، وحتى يتواءم أكثر مع سوء وفظاعة المرحلة التي يعيشها العالم العربي والإسلامي!