صمد الجمهوريون سبعون يوماً في حرب الردة الملكية قبل سبعة وأربعين عاماً، وانتصروا ثم اقتتلوا بينهم وتفرقوا شيعاً واغتالوا رؤساءهم. وشكل تمرد 5 نوفمبر 1967م على الرئيس السلال فرصة ثمينة للملكيين لتطويق صنعاء وإسقاط محافظتي صعدة وحجة؛ مستغلين الغضب الشعبي من سوء إدارة الدولة الوليدة وتحكم القوات المصرية وعبثها بأراضي ومقدرات الجمهورية. وخلال 23 يوماً فقط من تمرد القاضي الإرياني على رئيسه السلال كانت "صنعاء" في متناول اليد بقوات حاشدة تربو على 50 ألف مقاتل من رجال القبائل و 8 آلاف جندي نظامي وعدد كبير من الخبراء الأجانب بقيادة الجنرال "بوب دينار"، في مقابل 4 آلاف جندي من الجمهوريين فقط يقودهم الفريق البطل : حسن العمري. - حدد خبراء الحروب العسكريين الذين استقدمهم الملكيين لاستعادة سلطانهم المنهار أربع جهات رئيسة لإسقاط "صنعاء". وأشاروا إلى مدن ومحافظات معينة تم اختيارها بدقة وإسقاطها قبل الوصول إلى العاصمة وهي (صعدة - حجة - منطقة عيبان - والطويل المطلتان على صنعاء) لكنهم اغفلوا دور قبيلة "حاشد" وخصوصا الشيخ الشاب "عبدالله بن حسين الأحمر" الذي استطاع تطويع قبيلته لمناهضة الملكيين واستثمار ارتباطاته الوثيقة بالمملكة السعودية لتفكيك الحصار من الداخل وطمأنتهم من نوايا الجمهوريين تجاههم، وقد اتخذ الرئيس السلال مواقفاً معادية لهم وفتح بلاده للجيش المصري لغرض حماية الثورة اليمنية التي شكلت تهديداً مرعبا للمملكة آنذاك. - عقب أزمة 2011م الثورية فك "الحوثيون" قيد حصارهم بداخل كهوف "مران" الموحشة وانطلقوا بمشروع عصري متطور عمّا قدمه العائدون الملكيون قبل 47عاما وهو الجمهورية الإسلامية المحاكية لجمهورية إيران، وخلال ثلاثة أعوام من الفشل في إدارة حكومة "الثورة" استغل الحوثيون غضب الشعب من قرار الجرعة السعرية الأخير لمشتقات الوقود ومنحوا النظام المهترئ في صنعاء سبعة أيام فقط وقد استوعبوا خطأ أسلافهم الملكيين في إهمال "حاشد" فقضوا عليها قبل أي تحرك حقيقي وجاد نحو العاصمة و أعادوا تمركزهم وسيطرتهم على ذات المناطق المحيطة بالعاصمة التي حددها جنرال العصابات السابق "بوب دينار" لتبقى شوارع صنعاء مفتوحة للعائدين تحت شعار "تصحيح الجمهورية" !. - لا أحد يستطيع الآن مواجهة الجوع والنزعة السياسية المتكئة على أصوات أمعاء الشعب.. فقد أبرم "الحوثي" خطته بإحكام واستغل خلافات القوى المؤثرة عقب أزمة 2011م الحمقاء. بينما يرد النظام الأكثر حُمقاً على أنين الشعب باستعراض عضلات مندوب الأممالمتحدة وبجواره ستة أشخاص من خبراء العقوبات الدوليين، فيما يتباهى "الحوثي" عبر قناته التلفازية "المسيرة" بزئير ملايين الغاضبين وهم يواجهون سبعة أجانب وثامنهم "باسندوة" الذي هرب إلى الإمارات كما هرب القاضي الإرياني إلى الحديدة في حصار صنعاء الشرير تاركاً الأنين والغضب والأبطال والنبلاء في مواجهة عصيبة على القيم والإنسانية التي مازالت تفرز قديدها على الشعب الفقير كوجبة مقززة ليس له خيار سواها، وقد فتح الإمام الجديد خيارات أخرى لكنها ليست مطمئنة على أية حال. - سبعة أيام مذ بدأ "رجل الكهف" تحديد تلك الخيارات الثورية وهي نسبة تساوي 10% من أيام ملحمة السبعين الخالدة.. وهنا يكمن الفرق في السرعة والصمود لبقايا الجمهوريين الذين أصبحوا غرباء داخل جمهوريتهم. والله يستر..