أكد ولي العهد السعودي، الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أن المملكة "تدرك مكانة فرنسا العالمية، هذه المكانة التي احتلَّتها بحكم إرثها الثقافي، ودورها السياسي، وثقلها الاقتصادي". وأضاف في كلمة له خلال حفل استقبال أقامه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند: "كما نقدر لحكومتكم جهودها الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في منطقتنا، والتي تعيش وللأسف الشديد في دوامة من الأزمات المتتالية نالت تداعياتها الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي". وأوضح "ولقد دأبت المملكة العربية السعودية من خلال تواصلها مع الأصدقاء على تجسيد ما تتمسك به من قيم ومبادئ إسلامية، ومن ذلك قيم التسامح والإخاء والعدالة والدعوة إلى الحوار، ونبذ التطرف والعنف ومحاربة الإرهاب". وزاد الأمير سلمان "وأدركت حكومة المملكة العربية السعودية خطورة ظاهرة الإرهاب على المجتمع الدولي منذ وقت مبكر، حيث دعت إلى مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب عقد في مدينة الرياض عام 2005، كما دعا سيدي خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إلى تأسيس مركز دولي لمكافحة الإرهاب ليكون جزءاً من الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز مكافحة الإرهاب، بالتبرع بمائة مليون دولار لتفعيل المركز، وفي هذا الصدد فإننا في المملكة العربية السعودية لَنأمل أن تسارع الدول المحبة للسلام إلى الإسهام بفعالية في دعم هذا المركز ليكون محوراً فاعلاً وركيزة أساسية للتعاون الدولي لمكافحة هذه الآفة التي تهدد الأمن والاستقرار في العالم". قلق لتدهور الوضع في اليمن وأكد الأمير سلمان "وفي لبنان فإننا نأمل أن يتم الاتفاق على رئيس يجمع كل الفرقاء، ويمكّن لبنان من تجاوز أزمته الحالية. ولقد رحبنا في المملكة بالتوافق في العراق واختيار قياداته، متمنين لهم النجاح في تشكيل حكومة وحدة وطنية تحرص على وحدة العراق وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه، وفيما يتعلق بالشأن اليمني، فإننا إذ نعرب عن قلقنا البالغ لتدهور الوضع الأمني فيه، وما يتم القيام به من أعمال تهدف إلى تقويض العملية السياسية التي تستند إلى المبادرة الخليجية، لنأمل أن يسود الأمن والاستقرار في اليمن والالتزام بالشرعية وما صدر عن مجلس الأمن في هذا الشأن، ولقد دعمنا كل هذه المبادرات والمواقف السياسية بمساعدات إنسانية وتنموية, وبرغبة جادة في تحقيق السلم والأمن والاستقرار السياسي في دول المنطقة". ولاقت زيارة ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلى فرنسا اهتماماً إعلامياً واسعًا، خاصة أنها زيارته الرسمية الأولى منذ توليه منصب ولي العهد. وأشارت صحيفة "لوفيغارو" إلى أن هناك اتفاقاً كاملاً بين الرياض وباريس في جميع الملفات، وعلى رأسها سبل مواجهة الإرهاب الذي سطع خطره بقوة في الآونة الأخيرة بسبب الظروف التي تمر بها المنطقة، وخاصة سورياوالعراق وليبيا، في إشارة إلى خطورة المنظمات "الجهادية المتطرفة"، وعلى رأسها "الدولة الإسلامية". ومن بين الملفات الأخرى التي شهدت اتفاقاً وتطابقاً في وجهات النظر الملف السوري بكافة تعقيداته السياسية والطائفية، فضلاً عن قضية "النووي الإيراني"، والتي تؤرق الغرب ودول الخليج العربي والشرق الأوسط على حد سواء، وقبل كل ذلك تم الاتفاق على تسليح الجيش اللبناني بدعم مالي من السعودية، وبقيمة 3 مليارات دولار. خلاف إلى زوال وأشار تقرير الصحيفة الفرنسية إلى أن نقطة الخلاف الوحيدة بين باريس والرياض في طريقها إلى الذوبان، في إشارة إلى عدم رضا فرنسا عن سياسة الإقصاء التام للإخوان المسلمين، فيما تصر الرياض وأبوظبي ومعهما القاهرة على التخلص من الوجود الإخواني في المنطقة على المستوى السياسي على الأقل. وفي إطار عرضها لدوافع القضاء على هذا الخلاف، أشارت "لوفيغارو" إلى أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يعتبر أن السعودية "شريك إستراتيجي" سياسياً واقتصادياً، وفي المقابل أصبحت الرياض أكثر ثقة في باريس، في ظل الاتفاق الواضح بين الجانبين في كافة القضايا والملفات الحيوية.