منشأ الرياح، ومساقط الثلوج، وحطب البراكين، ومروحة الموج.. فيكون هاجسك كهاجس البيضة المقسوم بين أمل النار ويأس الهواء!! فالتأمل الجهوري لا يعدو أكثر من ثرثرة ضاق بها السِّر فانفلتت من عقال الروح إلى مربط الجسد.. حيث لا شيء سوى الظاهر.. سوى المرايا التي تجعل يمينك محل شمالك، في مخاتلةٍ جليَّةٍ وعجزٍ واضحٍ عن الاستبطان وسَبْر الجوانب المظلمة التي لا يضيئها سوى قنديل الصمت وقلق المعرفة. - ربما احتجنا إلى العودة للأمس الذي ذهب إلى أناسٍ يعيشونه حاضراً، بعد أن عشناه ماضياً.. بيننا وبينهم برزخٌ زمني لا نستطيع- كلانا- البغي على بعضنا إلاَّ بسلطانٍ لم يتسنَّ للعقل اعتلاءه بعد. وربما أدرَكَنا الفوات قبل تحقُّق هذا السلطان الذي سيعرض لنا أنقى أطوارنا التي مررنا عليها قبل وعينا، الذي أدرَكْنا اكتماله بعد أن حطَّ- كبُومةٍ بائسةٍ باغتها الصباح- على هرم القنوط والعجز. - إن للقمر أنيناً لا يسمعه إلاَّ من أطلق عنان الروح إلى البعيد.. حيث يتجسَّد الهلام وتتلاشى المادة!! فتلتقي النقائض وتنتقض المُسَلَّمات، في انكشافٍ مهولٍ للحُجُب الظلامية والنورانية التي لا تدركها العيون.. ولا تخترقها المجاهر العمياء. - كن مضيئاً خير لك من أن تكون مُضَاءً.. فالذين يعجزون عن الإضاءة من أعماقهم يلجأون إلى الأضواء المصطنعة التي لا تصبغ إلاَّ ملابسهم فقط.. فحالهم كحذاءٍ مصبوغٍ يحسبه الجاهل جديداً، دون الالتفات إلى باطنه الذي يمتلئ بمسامير تكفي لتثبيت سرير.. هؤلاء يدفعون فواتير تلك الأضواء التي يقفون تحت نزيفها.. فحاذر أن تدفع حرفاً واحداً حتى وإن كان المقابلُ سنةً ضوئية.