ذكر واحد من أصحابي أن عدد الملحدين في بلد عربي كبير صار ثلاثة ملايين، وموجة الإلحاد هذه تُعزى أسبابها إلى صورة الإسلام السني البشعة التي رسمتها جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وما تفرَّع عنها مثل القاعدة، والنصرة، وداعش، وأنصار الشريعة، وغيرها من الجماعات الإرهابية التي تقتل وتذبح وتشرد وتبيع النساء، وتبقر بطون خصومها وتخرج منها القلوب والأكباد وتنهشها طازجة نيئة. قلت: من شاء أن يلحد أو يبدِّل دينه بدين آخر، هو حر، وليس من الحرية تحويل إلحاده أو ردته إلى حركة أو دعوة، ولكن لا يتذرَّع بأفعال المسلمين وهو يبرر إلحاده أو ردَّته.. قال: الدين يتجلَّى في الفضاء الاجتماعي من خلال ممارسات أتباعه، فكما يفعلون يُرى إسلامهم.. هل هو ممتاز فقط عندما يبقى بين دفتي كتاب؟ فمنذ فجر الإسلام، وإلى اليوم، تخلَّى مسلمون عن الإسلام، كما تخلَّى رجال ونساء من أهل الديانات الأخرى عن أديانهم، لأن رجال دين وأتباع مذاهب قدموا الإسلام في أقوالهم وأفعالهم في أبشع صورة. قلت: قيل مثل هذا التبرير قبل نحو ألف عام من الآن، عندما عاب "إخوان الصفا وخلان الوفاء" على العقلاء الذين تركوا الدين بسبب عدم قدرتهم احتمال الاختلاف بين الأديان والمذاهب، ولم يحتملوا رؤية دين بلا معايب يلحقها به أهل الدين.. فقد كتبوا يقولون: إن علة تركهم الدين، أصلاً، من أجل أنهم لما تأملوا بعقولهم اختلاف أهل الديانات، وجدوا دين كل قوم معيوباً عند قوم آخرين، ولم يجدوا مذهباً ولا ديناً بلا عيب، فتركوا الدين جملة من أجل هذا، ولم يتأملوا ولا فكروا بأن كون العاقل بلا دين أعيب وأقبح من كل عيب. فلا يترك الناس دينهم عن اقتناع، من أجل هذا، فالأسباب والدوافع كثيرة ومختلفة، مثل شك مزلزل، أو لتحقيق مصلحة دنيوية.. قاطعني: من أجل مصلحة دنيوية يترك الدين؟ قلت: نعم هذا يحدث، وقد وقفت على رسالة من جهة رسمية في السويد، إلى مكتب منظمة حقوقية في صنعاء، وفيها يقول السويديون إن اليمنيين فلان وفلان وفلان قدموا إلى السويد وطلبوا اللجوء، لأنهم بدَّلوا دينهم في اليمن وادعوا أن حياتهم مهددة لو بقوا في بلادهم، لأن القانون فيها يقرر عقوبة الموت على من بدَّل دينه، ولكي نمنحهم حق اللجوء نريد أن نتأكد من صحة مزاعمهم، هل لو بقوا في اليمن سيقتلون؟ ثم علمت أن الشباب فعلوا ذلك من أجل العيش في بلد أوروبي.