في حياة اليمنيين - عمومًا- لاشيء يبقى ثابتًا. تذهب صور وتجيء صور، وتذهب جماعات وتجيء أخرى، على أن الثابت الوحيد في كل صراعاتنا السياسية هو أن التعايش فكرة لم تنضج بعد. ما وراء المنفذ الحدودي القديم «كَرِش» كانت تنام دولة الجنوب وما بعده بحدود 20 كم منفذ «الشريجة» حيث تنام دولة الشمال ويفصلهما برميل ركلته الوحدة المجيدة في 22 مايو1990 العظيم . في منطقة «كرش» كان يقف جنود نقطة دولة الجنوب سابقًا، وفي منطقة «الشريجة» كان يقف جنود نقطة الشمال وما بينهما ثمة شعب واحد كان يذوق الأمرّين في لحظات التنقل والسفر. جاءت الوحدة وذهبت البراميل وذهبت معها الحياة في كلا المنفذين كما لو أنه عقاب نزل على ماض تشطيري لم يكن لكرش والشريجة يد فيه. المنطقتان الآن في أسوأ حال، كما هو حال الوحدة ذاتها . جمرك «كرش» تم تخريبه وهدمه، وفي الطرف الآخر تمكن ماس كهربائي من إحراق «صنادق» منفذ الشريجة على أن المنطقتين كانتا في زمن التشطير ضاجتين بالحياة وكان الرزق وفير. بعد دخول «قوات الشرعية» في 7/7 البغيض صار جمرك «كرش – الشريجة" مجرد خرابة . ينسى المشغول بعضًا من حماقاته على أية حال، تماماً كما تنسى الحروب ضحاياها، بيد أن الاتكاء على مهارة تمييع آثار الحروب لا يساعد إطلاقاً على النسيان.