كم يحزن القلب ويتألم جراء ما يسمعه ويشاهده من بعض أبناء جلدته الذين باعوا أنفسهم وباعوا وطنهم نظير حفنة من الدولارات تعطيها لهم بعض وسائل الإعلام ليظهروا على شاشاتها أو يكتبوا فيها ليشتموا وطنهم ويقتلوه، سواء كان ذلك بإدراك من البعض بما يفعلونه أو عدم فهم من القليل أنهم بأعمالهم هذه يدمرون الوطن ويقضون على مستقبله. لقد شاهدنا أشخاصاً استقطبتهم تلك الوسائل، وبعضهم لم يكد يشبّ عن الطوق حتى أطلقت عليه محللاً سياسياً وخبيراً عسكرياً وخبيراً اقتصادياً وعالم دين، وهكذا فإن بعض القنوات الفضائية المعروفة حوَّلتهم بين ليلة وضحاها إلى خبراء في كل المجالات، لكنهم لا يدركون فداحة ما يقومون به ويقترفونه في حق اليمن التي تستحق منا جميعاً أن نحبها ونعمل من أجل أمنها ووحدتها واستقرارها. من يتابع بعض القنوات والمواقع الإخبارية يصاب بالدهشة من كمِّ الكذب والدجل والتضليل وقلب الحقائق، ولا شك أن الجميع يسأل نفسه: لماذا هذا كله؟ ولماذا يبيع الإنسان نفسه ووطنه بحفنة من الدولارات، وهل الوطن رخيص إلى هذه الدرجة حتى نبيعه عبر القنوات والمواقع والصحف؟ أنا متأكد أن هؤلاء الناس الذين يبيعون ضمائرهم بدولارات معدودة سيندمون يوماً ما، لأنهم سيجدون أنفسهم بلا وطن.. حتى الأوطان التي استدعوهم إليها واستضافوهم فيها ستلفظهم وستطردهم ولن يجدوا فيها مكاناً يؤويهم لأنهم باعوا وطنهم الأصل. ليس أمامنا سوى أن نقول لهؤلاء الناس أن يعودوا عن غيِّهم ويتوبوا إلى رشدهم ويعرفوا أن الوطن أغلى من كل شيء، أغلى من الظهور على قناة أو الحصول على موقع إخباري أو لقب محلل سياسي أو خبير عسكري، فليس هناك ما يساوي وطناً آمناً ومستقراً يسوده الحب والوئام ويعيش كافة أبناء شعبه في خير وسلام، ولا بد أن يستوعب الجميع أن الوطن يتسع للجميع وأن عملية التحريض ضد طائفة أو فئة أو جماعة لن يجدي نفعاً، لأن هذا وطن كافة أبناء اليمن وليس وطن لجماعة أو فريق بعينه.. وليعرف هؤلاء أن التحريض الذي يتم حالياً ليس في مصلحة البلاد بل يصب في مصلحة أعداء البلاد الذين يدفعون المليارات لتخريب وتدمير البلدان العربية والإسلامية بحجة الثورة على الأنظمة الفاسدة، فيما هم أكثر فساداً وظلماَ وقهراً لشعوبهم وأوطانهم. ونصيحتي الأخيرة لهؤلاء الذين يبيعون أوطانهم بثمن بخس ألَّا يصدِّقوا من يكذب عليهم ويجرهم إلى أن يكونوا شهود زور يقلبون الحقائق ويضحكون على الناس، لأنهم أول من سيتخلص منهم، كما فعلوا مع الكثير والكثير، ودروس التاريخ موجودة فليعتبروا بها ولا يجعلوا وطنهم مجرد لوحة يبيعونها في المزاد العلني.