استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    جريمة مروعة تهز شبام: مسلحون قبليون يردون بائع قات قتيلاً!    لماذا رفض محافظ حضرموت تزويد عدن بالنفط الخام وماذا اشترط على رئيس الوزراء؟!    "جروح اليمن لا تُداوى إلا بالقوة"...سياسي يمني يدعو لاستخدام القوة لتحقيق السلام المنشود    " تصريحات الزبيدي خاطئة ومضرة وتخدم الحوثي!"..صحفي يحذر من تمسك الزبيدي بفك الارتباط    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    ليفربول يعود إلى سكة الانتصارات ويهزم توتنهام    رصاصاتٌ تُهدد حياة ضابط شرطة في تعز.. نداءٌ لإنقاذ المدينة من براثن الفوضى    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ورشة في عدن بعنوان "مكافحة غسل الأموال واجب قانوني ومسئولية وطنية"    أين تذهب أموال إيجارات جامعة عدن التي تدفعها إلى الحزب الاشتراكي اليمني    السلطة المحلية بمارب توجه بتحسين الأوضاع العامة بالمحافظة    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    صحيفة بريطانية تفجر مفاجأة.. الحوثيون دعموا تنظيم القاعدة بطائرات مسيرة    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    الوكيل الحسني يطلع على سير اعمال مشروع إعادة تاهيل الشارع العام مدخل مدينة الضالع    لماذا اختفت مأرب تحت سحابة غبار؟ حكاية موجة غبارية قاسية تُهدد حياة السكان    خصوم المشروع الجنوبي !!!    الحبيب الجفري ناعيا الشيخ بن فريد.. أكثر شيوخ القبائل والساسة نزاهة في بلادنا    افتتاح دورة مدربي الجودو بعدن تحت إشراف الخبير الدولي ياسين الايوبي    مجلس القضاء الأعلى يقر إنشاء نيابتين نوعيتين في محافظتي تعز وحضرموت مميز    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    بعد رحلة شاقة امتدت لأكثر من 11 ساعة..مركز الملك سلمان للإغاثة يتمكن من توزيع مساعدات إيوائية طارئة للمتضررين من السيول في مديرية المسيلة بمحافظة المهرة    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بغزة وارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و683    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    ماذا يحدث داخل حرم جامعة صنعاء .. قرار صادم لرئيس الجامعة يثير سخط واسع !    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    عندما يبكي الكبير!    صحيفة بريطانية: نقاط الحوثي والقاعدة العسكرية تتقابل على طريق شبوة البيضاء    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    حادث تصادم بين سيارة ودراجة نارية على متنها 4 أشخاص والكشف عن مصيرهم    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله بن زايد يفتتح أعمال المنتدى العالمي " تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"

عبدالله بن زايد / منتدى تعزيز السلم العالمي / افتتاح.
أبوظبي في 9 مارس/ وام / أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية " أن الشريعة الإسلامية السمحاء نزلت بمقاصد سامية و قيم راقية من أعلاها وأهمها تعزيز السلم وحفظ الأنفس وصون الدماء وإفشاء السلام..مضيفا سموه أن الدين الحنيف جاء لجمع الكلمة و إشاعة المحبة و بث روح الوئام بين الناس على اختلاف دياناتهم وتنوع عقائدهم.
وقال سموه في كلمته خلال افتتاحه اليوم أعمال المنتدى العالمي " تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة " في فندق " سانت ريجيس السعديات " في أبوظبي .." إن من أهم أسباب الشقاق والحروب الطائفية التي تمزق أمتنا اليوم غياب صوت العقل وانحسار مبدأ الاختلاف الذي جبلت عليه الخليقة وتصدر أشباه العلماء مواقع الريادة ومنابر الفتيا واحتلالهم لوسائل الإعلام المتنوعة فاستخفوا رهطا من الناس فانساقوا خلفهم من دون وعي ولا دراية ".
وشدد سموه على أنه كي تعود الأمة إلى صوابها لا بد من عودة علماء الدين المشهود لهم بالعلم والفضل والوعي بمقتضيات العصر وتغيرات الزمان ليكونوا في الواجهة فلا تأثير لعالم منفصم عن واقع أمته وغائب عن فهم حاجاتها ناهيكم عن جاهل بالمتغيرات الحضارية التي تقتضي إعادة النظر وتجديد الخطاب الديني ليكون عقلانيا متزنا ونابعا من حاجات الإنسان فمن تلك حاله لا يمكن أن يؤثر إيجابيا في أمته.
وأضاف سموه خلال افتتاح المنتدى الذي يقام تحت رعايته بمشاركة ما يزيد على / 250 / عالما ومفكرا إسلاميا من مختلف أنحاء العالم .." إنكم أيها العلماء تحملون أمانة التنوير والتبصير فديننا الإسلامي ما فتئ منذ نزوله وسيبقى حتى آخر الزمان إن شاء الله دينا نورانيا يدعو البشر إلى التبصر والتفكر والتعايش.. لذلك فإننا نقدر دوركم التاريخي في إخماد نيران الفتنة وتقريب وجهات النظر وإنارة العقول وتأليف القلوب على مبدأ السلم ".
ويناقش المنتدى القضايا الإنسانية التي تسببت بها الصراعات الفكرية والطائفية في المجتمعات المسلمة بسبب استقواء كل طرف بمن يعينه ويحتضنه على حساب مصلحة الأمة مما دعا عددا من العلماء المسلمين إلى المطالبة بضرورة الاجتماع على موقف موحد لمعالجة حدة الاضطرابات وأعمال العنف غير المسبوق في العالم الإسلامي الذي لم يستثن أي نوع من الأسلحة وأدت إلى الإساءة إلى صورة الإسلام أمام أنظار العالم.
وفيما يلي نص كلمة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان..
// بسم الله الرحمن الرحيم ..الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أصحاب السمو والفضيلة والمعالي والسعادة ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. إنه ليسعدني ويشرفني أن أقف بين أيديكم متحدثا فأنتم أصحاب العلم والفضل ومثلكم يؤتى ولا يأتي.
لقد نزلت الشريعة الإسلامية السمحاء بمقاصد سامية وقيم راقية من أعلاها وأهمها تعزيز السلم وحفظ الأنفس وصون الدماء وإفشاء السلام.
وجاء هذا الدين الحنيف لجمع الكلمة لإشاعة المحبة وبث روح الوئام بين الناس على اختلاف دياناتهم وتنوع عقائدهم..إذن...جاء الإسلام ليجمعنا ..
فلماذا يوظفه بعض من ينتمون إليه اليوم لتفرقتنا ويتكئون على مفاهيم مغلوطة لتشتيتنا..
أتساءل .. وفي النفس أسى وحرقة على إخوتنا المسلمين الذين يتناحرون في شتى أصقاع الأرض وكل يزعم أنه على الحق .. يتصارع الكبار على المكاسب السياسية والمصالح المادية فيغرون الشباب لخوض حروب طاحنة بالنيابة عنهم ويقولون إن موعدهم الجنة..
وهل أعدت الجنة لمن يقتل أخاه الإنسان بغير حق وباسم رب العالمين ..
كيف وقد قال عليه الصلاة والسلام " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".
عندما نعود لتأمل السيرة النبوية نلحظ البون الشاسع بين ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وما عليه كثير ممن يدعون اتباع هديه اليوم.. فالنبي عليه السلام وهو المؤيد بالوحي والمبعوث بالحق رفض إطباق الأخشبينِ على قومه الذين آذوه وكذبوه.
واليوم ماذا سيكون حال هؤلاء الذين يستغلون الدين لأغراضهم الشخصية لو عرض عليهم إطباق الأخشبين على مخالفيهم أتراهم يترددون..
إن من أهم أسباب الشقاق والحروب الطائفية التي تمزق أمتنا اليوم غياب صوت العقل وانحسار مبدأ الاختلاف الذي جبلت عليه الخليقة وتصدر أشباه العلماء لمواقع الريادة ومنابر الفتيا واحتلالهم لوسائل الإعلام المتنوعة فاستخفوا رهطا من الناس فانساقوا خلفهم من دون وعي ولا دراية.
السادة العلماء ..
لكي تعود الأمة إلى صوابها لا بد من عودة علماء الدين المشهود لهم بالعلم والفضل والوعي بمقتضيات العصر وتغيرات الزمان ليكونوا في الواجهة فلا تأثير لعالم منفصم عن واقع أمته وغائب عن فهم حاجاتها ناهيكم عن جاهل بالمُتغيرات الحضارية التي تقتضي إعادة النظر وتجديد الخطاب الديني ليكون عقلانيا متزنا ونابعا من حاجات الإنسان فمن تلك حاله لا يمكن أن يؤثر إيجابيا في أمته.
إنكم أيها العلماء تحملون أمانة التنوير والتبصير فديننا الإسلامي ما فتئ منذ نزوله وسيبقى حتى آخر الزمان إن شاء الله دينا نورانيا يدعو البشر إلى التبصر والتفكر والتعايش.. لذلك فإننا نقدر دوركم التاريخي في إخماد نيران الفتنة وتقريب وجهات النظر وإنارة العقول وتأليف القلوب على مبدأ السلم.
وعقلاء الأمة لا يبتغون تحقيق الاتفاق في كل شيء فتلك غاية لا تدرك ولكنهم يدعون إلى احترام الإنسانية وحق الآخر في الاختلاف والإقرار بمبدأ التنوع الذي يضمن الحريات والحقوق دون تعدي طرف على آخر ودون السعي لفرض فكر واحد على الناس الذين ضَمن لهم الله جل وعلا حقهم في حرية الاعتقاد والتدين.
إننا في هذا الجمع الكريم الذي أنار ديارنا وأبهج قلوبنا نتطلع إلى ألا يكون اجتماعنا اجتماعا اعتياديا وظاهرة خطابية نناقش فيه قضايا مهمة بطريقة عابرة ثم يعود كل واحد من حيث جاء خالي الوفاض بل نرجو وأنا كلي ثقة وأمل أن تخرجوا بمبادرات جديدة ترنو إلى إصلاح ذات البين وإعادة المتناحرين من المسلمين إلى جادة الصواب والحكمة فالأمانة منوطة بأعناقكم أيها العلماء كما هي في أعناق رجال السياسة.
السادة الحضور ..
نؤكد بأننا لن نتدخل في عملكم بل سنستنير به وسنضع أيدينا في أيديكم لنعمل معاً على بث المحبة ونشر السلام بين البشر بالكلمة الطيبة التي غرست في هذه الأرض الطيبة على يد زايد الخير رحمه الله وبإذن الله تؤتي أُكلها في كل مكان وكل حين.
عسى الله أن ينزل بركاته على هذا الاجتماع الميمون ويصب رحماته على قلوب الناس في كل مكان ويرفع المحن ويذهب الإِحَن ويجري على أيدكم الخير والبركة إنّه ولي ذلك والقادر عليه //.
من جانبه تقدم فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف خالص الشكر والتقدير والعرفان لدولة الامارات العربية المتحدة على فطنتها لخطر موضوع السلم والأمن الاجتماعيين وحاجة العالم الآن إلى إحياء مفهوم السلام العادل الذي غاب فترة تزيد على نصف قرن.
وإستذكر فضيلته حكيم العرب وفارس العروبة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بطيب الثناء وخالص الدعاء أن يتغمده بواسع فضله وكرمه في أعلى عليين مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين.
وتوجه فضيلته بخالص الدعاء لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله أن يديم الله عليه كامل الصحة والعافية وطول العمر وأن يحفظ الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية وإخوانه الكرام.
وقال فضيلته في كلمته أمام المنتدى العالمي " تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة".. إنه آن الآوان لهذا المنتدى الذي يجمع نخبة متميزة من أهل العلم والحكمة والثقافة والرأي وأن يخطو خطوات واسعة وواثقة نحو إحياء مفهوم السلام العادل المنتدى العالمي " تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" .. والسعي من أجل بناء مؤسسات دولية فعالة تستبعد الحروب وتتجنبها وتتخطاها لايجاد بدائل سياسية ودبلوماسية وحوارية لحل النزاعات الدولية وفي مقدمتها النزاع في منطقتنا العربية والتوترات الكريهة التي أسفرت عن وجهها القبيح في بعض بلدان المنطقة ووجدت للأسف من ينفخ فيها من بني جلدتنا وممن يتكلم بلساننا" .
ودعا فضيلته المنتدى إلى تبنى قاعدة التعارف التي وردت في قوله تعالى " ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله إتقاكم إن الله عليم خبير " - الحجرات 13 - .
وقال فضيلته " أفلا يكون من حقنا نحن حماة الحق والعدل والسلام أن نبشر بنظرية التعارف كأساس ثابت لا يتزحزح للعلاقات الدولية في عالمنا المعاصر".
وطالب فضيلته المنتدى بعلمائه وحكمائه بأن ينشط اليوم وليس غدا لتعزيز السلم في المجتمعات العربية والاسلامية وأن يتوسل لذلك بفتح قنوات اتصال مباشر بين العلماء والحكماء وبين صناع القرار من السياسيين في الشرق والغرب وأن يدعو إلى ترسيخ قيم السلام والامان والاخوة والمحبة عبر برامج الحوار وبرامج تعليمية لتربية النشء والاطفال على اختيار الممارسات السلمية في الحياة اليومية.
ودعا فضيلته المنتدى إلى التحرك فورا من أجل دعوة عامة لعلماء المسلمين للجلوس بقلوب صادقة ومخلصة لا تشوبها شوائب المصالح والاغراض والانتماءات الصغيرة التي كانت ولاتزال سببا في تأخر أمتنا العربية والاسلامية.. وقال " ما لم يتفق العلماء على إقامة السلام العادل بينهم أولا فلا أمل في أن يسوسوا الناس بقيم الحق والخير والجمال" .
وفيما يلي نص الكلمة..
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
أيها السادة ..
" إن الحديث عن السلام هو حديث متشعب النواحي والإتجاهات ولا يمكن أن تستقصى جوانبه في كلمة كهذه محدودة المساحة والزمن ولا تزال التساؤلات حول " السلام " ومعناه وعلاقته بحقول المعرفة البشرية الأخرى - مفتوحة لم تحسم حتى يوم الناس هذا بل أصبح الآن للسلام علم خاص به يبحث فيه عن السلام وعن الحروب وأسبابها وارتباط كل ذلك بالعلوم الاجتماعية والسياسية والدراسات الاستراتيجية والعلوم العسكرية بل وعلوم الأخلاق ..
ولايزال فلاسفة التاريخ ينقسمون حول علاقة السلام بالإنسان فمنهم من يذهب إلى أن التاريخ البشري إنما هو تاريخ بحيرات دموية ومنهم من يذهب إلى أن السلام هو القاعدة في حياة البشر وان الحرب او العنف استثناء وشذوذ من القاعدة " .
" وينبئنا التاريخ أن الانسانية لم تنعم دهرا طويلا بالعيش في ظل سلام كامل ودائم ويقول بعض الكتاب الامريكيين أن البشرية عبر تاريخها المسجل والذي يبلغ 3421 سنة فإن 268 سنة فقط سادها السلام أما السنوات الباقيات فقد كانت مشغولة بالحروب ومن هنا استنتج جورج ويل الكاتب الأمريكي المعروف أن السلام عاجز عن أن يحمي نفسه وبالتالي فلا بد من وجود جيش يحميه " .
" ويؤكد هذا الكلام ان الحضارات الكبرى المعاصرة الآن لا تجد بأسا إذا أعوزتها أسباب الفتن والحروب أن تخترع لها عدوا تدير عليه رحى الحرب وتنقل إليه بؤر التوتر والعدوان والقتال بعيدا عن اراضيها وشعوبها ..
وهذا السلوك الذي تتخذه بعض الكيانات السياسية المعاصرة هو لا شك دعوة سافرة إلى وأد السلم والسلام العالميين وتشجيع العدوان وخروج على كل الأطر الاخلاقية والانسانية التي تجعل من " السلام " أبسط حق من حقوق البشر والمجتمع الانساني " .
" وإني وإن كنت لا أعول كثيرا في تفسير مصائبنا التي تحدق بنا في الشرق على نظرية " المؤامرة " التي تجعل من التآمر الغربي باعثا رئيسا لمشكلاتنا في الأمن والاقتصاد والصحة والتعليم إلا أن المسرح الذي تتابع على خشبته هذه الأحداث البشعة هو مسرح عبثي وفوضوي يشير بكل قوة إلى هذه الأيدي الخفية السوداء التي تمسك بخيوط اللعبة الماكرة وتحركها من وراء ستار " .
" إن شواهد الواقع ومجريات الأحداث على طول نصف قرن أو يزيد ترشح هذا الفهم بل تفرض هذا الفهم فرضا على كل المهمومين بقضايا السلم العالمي بعامة والسلم العربي والإسلامي بوجه خاص وإلا فكيف نفهم بقاء قارة كإفريقيا الغنية بثرواتها الزراعية والمعدنية من ذهب وغيره قارة متخلفة غير قادرة على اللحاق بركب التطور والتقدم ؟ وكيف بقيت دول العالم الثالث بكل ما تملكه من ثروات طبيعية وطاقات بشرية في ذيل قافلة التطور العلمي والتقدم التكنولوجي ؟! " .
وهنا أستبيح لنفسي أن أدعي أن القائمين على مؤسسة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الانسان والذين حددوا بكل وضوح في المادة الأولى من ميثاق هذه المؤسسة : حفظ السلام والامن الدوليين ومبدأ المساواة بين الدول الاعضاء وتحريم استخدام القوة أو مجرد التهديد بها في العلاقات الدولية والامتناع التام عن " التدخل في الشؤون الداخلية للدول " : هؤلاء لم يكونوا جادين فيما يقولون وفيما يضعون من مواثيق زعموا أنها من أجل الإنسان ومن أجل الحفاظ على حقوق الدول وبحيث لا تتميز فيها دولة عن دولة .. ولا يتفاضل فيها الإنسان الغربي عن أخيه الشرقي .. ومن ثم لم يكن غريبا أن نرى منظمة كمنظمة الأمم المتحدة عاجزة عن القيام بأي دور في ردع كثير من السياسات الجائرة والظالمة ورغم مرور ستة وستين عاما على منظمة الأمم المتحدة التي أنشئت من أجل مواجهة تهديدات السلام العالمي ووقف أعمال العدوان بين الدول وفرض الاستقرار والسلم في ربوع الأمم والشعوب إلا أن القوى الكبرى في العالم لازالت تمنح السلام للأمم وتمنعه عنها حسب مصالحها الشخصية وحسب نظام الهيمنة وحسب منهج الظلم الذي تبرره القاعدة اللاأخلاقية عندهم وهي القاعدة التي تقرر أن " الغاية تبرر الوسيلة ".
" ولعلي لا أعدو الحقيقة لو ذهبت إلى أن النظام الأساسي للأمم المتحدة ومواثيقها ومؤسساتها الكبرى لا يسمح بنشر سلام قائم على قيم العدل والإنصاف ومراعاة حقوق الآخرين .. وما أعطته من حق السلم العالمي والأمن الجماعي بإحدى يديها سرعان ما سلبته باليد الأخرى حين اشترطت ضرورة إجماع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن على القرارات التي يصدرها هذا المجلس .. وهي القرارات التي تتعلق باستخدام القوة العسكرية في بؤر الصراع المحلية والدولية " .
" ولست في حاجة إلى التدليل على أن هذه الخروقات أو النواقص في النظام الأساسي لمفهوم السلام العالمي في الأمم المتحدة كانت أسبابا مباشرة في اشتعال الحروب بين شعوب لا ناقة لها في هذه الحروب ولا جمل ..
بل إن من أخطر عوامل الهدم للسلام العالمي هو ما يسمي بحق " الفيتو " أو " النقض " والاسراف في استخدامه والذي يغل يدي هذه المنظمة عن ملاحقة المجرمين وإقرار " السلام العادل " في كثير من مناطق التوتر العالمي " .
ومن هنا ذهب كثير من المحللين إلى أن الفيتو الأمريكي فيما يتعلق بالنزاع " الصهيوني الفلسطيني " هو أهم أسباب الارهاب الدولي والتشجيع عليه بل والمشاركة فيه بصورة أو بأخرى وذلك على الرغم مما يصدر عن أصحاب هذا الفيتو من بيانات تصف ضحية الإرهاب بأنه الإرهابي الأول .
ورغم أننا نعلم أن هذه المنظمات الدولية إنما نشأت في الأصل لإقرار مبدأ السلام والعدل والأمن الجماعي وبخاصة بعد ما خلفته الحربان العالميتان وتركتهما وراءهما من موت ودمار وخراب وهلاك للحرث والنسل وبرغم ذلك فلم تمثل هذه المنظمات طوق نجاة للإنسانية مما يتربص بها الآن من الزج بها في معارك تعود بها إلى الوراء أزمانا طوالا تفقد بسببها كل ما أحرزته من انجاز وتنمية وتقدم .
وهنا تستوقفني دائما كما استوقفت كثيرين غيري - مقارنة بين الميثاق الدولي الذي اعلنه نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع وقرر فيه حقوق السلام والعدل والمساواة بين الناس وبين ميثاق الأمم المتحدة في هذا المجال وكيف أن الميثاق النبوي حقق أهدافه كاملة غير منقوصة في نشر السلام العالمي بينما أخفق اعلان الأمم المتحدة في إنشاء مظلة دولية تنصف المظلومين من المتربصين بها من خارج هذه المنظمة أو حتى من بين أعضائها أنفسهم .
والسبب عندي : هو أن نبي الإسلام - صلوات الله وسلامه عليه - كان صادقا في دعواه في نشر السلم وتحقيق العدل والمساواة بين الناس وأنه لم يكن يعمل من أجل الإنسان العربي أو الإنسان المسلم دون غيرهما من سائر الناس .. بل كان يكرر في خطابه هذا نداءه للناس جميعا بعبارته الشريفة "
ليبلغ الشاهد الغائب " بل إنه كثيرا ما تحدى صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن مظلة الأمن والسلم سوف تنشر أفاقها على البلاد والعباد في فترة وجيزة " .. والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لايخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون " .
أما القائمون على المنظمات الدولية التي أخذت على عاتقها نشر السلام في العالم فإنهم لم يكونوا صادقين في دعواهم بل كانوا يفرقون في دخائل أنفسهم بين الغرب والشرق وبين حق الإنسان الغربي في الأمن والسلم وحق غيره من سائر الناس وإلا فقولوا لنا لماذا تخلو أوروبا وأمريكا من بؤر الصدام والاقتتال بينما تصنع صنعا أسباب الصدام في الشرق وأفريقيا وبلاد المسلمين على وجه الخصوص ؟! إننا نعلم علم اليقين أن مصانع السلاح في الغرب لا تتوقف عن الدوران لحظة واحدة فإذا كان ممنوعا أن يعمل هذا السلاح في الغرب أو أن يتوجه إلى صدور الغربيين فأين يعمل إذن هذا السلاح ؟ ولمن يتوجه ؟ إذا لم يعمل في الشرق وفي صدور أبنائه وبناته.
أيها السادة ..
إن الآفات في فلسفة " السلام" أن يرتبط بمقاصد السياسات الدولية ومزاجها المتقلب وأن يتخلى عن مقاصد الأخلاق وغاياتها الثابتة وفي هذه الآفة يكمن الفرق بين نظرة الرسالات الإلهية لمفهوم " السلام " وضرورته القصوى كشرط أساس للتقدم والرقي والرفاهية وبين معني " السلام " في مفهوم الأمزجة البشرية المتقلبة حينا والمتضارعة حينا والظالمة حينا آخر
.. ويطول بنا المقام لو رحنا نستعرض أهمية " السلام " في الإسلام لا أقول للإنسان فقط بل للحيوان والنبات والجماد أيضا .. وضرورة السلام للإنسان في الإسلام تنبع من أن الإسلام يسوي بين الناس جميعا في الحقوق والواجبات وأول هذه الحقوق هو حق " الاختلاف " فالله خلق الناس مختلفين
" ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين " " هود : 118 "
وإذا كان الاختلاف مشيئة إلهية في خلق الناس لا راد لها فإن العلاقة بين المختلفين - فيما يقرره الإسلام - هي علاقة التعارف والالتقاء والتعاون على البر والتقوى .. و " السلام " هو مقتضى علاقة التعارف ولازمها الأول
.. وينظر الإسلام إلى " السلام " على أنه الأصل في العلاقات الدولية وفي علاقة الناس بعضهم ببعض وأن الحروب ضرورة واستثناء يضطر إليها المسلمون في حالة واحدة هي الدفاع عن أنفسهم أو أراضيهم أو عقيدتهم ضد عدوان محقق وينطبق على حالات الحرب ما ينطبق على حالات الضرورة في الإسلام ومعلوم أن الضرورات تقدر بقدرها ومن هنا حرم الإسلام التجاوز والاعتداء في القتال : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين * واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين " سورة البقرة " .
ومن هنا أيضا حرم الإسلام قتل الأعمى والمقعد ومقطوع اليد والأجير والفلاح والرهبان في جيش الأعداء لأن هؤلاء وأمثالهم من المعوقين والضعفاء لا يتصور منهم عدوان أو حمل للسلاح على المسلمين وذلك رغم كفرهم ووجودهم في معسكر الأعداء.
ومن هنا أيضا حرم الاسلام التمثيل بجثث القتلى من المسلمين ومن الأعداء على السواء بل كان التحريم يشمل التمثيل بجثة كلب عقور يصول على الناس ويعقرهم بل حرم الاسلام الاعتداء على أمن الحيوان والنبات والجماد فحرم على المسلمين هدم البناء العامر في جيش الأعداء وحرق النخيل وتغريق النحل وقتل الحيوان أو ذبحه في جيش العدو اللهم إلا لضرورة الأكل فقط وتقدر بقدرها أيضا.. والذي يتأمل العلاقة بين السلام والإسلام يدهش كثيرا لتغليظ الإسلام في حرمة الدماء وصيانتها وتوعده الشديد لمن يقتلون الناس بالعقاب الاليم والعذاب المقيم في جهنم " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما
"النساء: 93".
ولا يتسع المقام هنا لسرد الأحاديث النبوية الواردة في تحريم قتل النفس وقتل الغير وتحريم دماء الناس ولكن يهمنا أن نبين في عجالة شديدة تداخل "السلام " و "الاسلام" في لحمة واحدة ونسيج متشابك يمتزج فيه الاسلام والسلام امتزاجا عجيبا .. فالمسلم - كما تعلمون - يصلي كل يوم خمس مرات وفي كل صلاة يتأمل المسلم كلمة "السلام " لفظا ومعني يتأملها في وسط كل صلاة ويتاملها مرة ثانية قبل نهاية الصلاة وذلك بقوله : "
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ".. ثم يتأملها مرة ثالثة حين يخرج من صلاته ويقول " السلام عليكم .. وهكذا تفرض شريعة الإسلام على كل مسلم ومسلمة أن يؤمن نفسه ويؤمن الناس " بالسلام " خمس عشرة مرة على الأقل في كل يوم .. ثم إن " السلام " هو التحية التي يبادر بها المسلم كل من يلقاه ممن يعرف ومن لا يعرف وهي تحيته في جميع الأوقات من ليل أو نهار وليس في الإسلام تحية للصباح وأخرى لما بعد الظهر وثالثة للمساء ورابعة لليل .. إنها تحية واحدة على مدار الساعة ترتبط " بالسلام " :
لفظا ومعنى وتذكرا وتذكيرا .. وإذا كان " السلام " هو مفتاح اللقاء وبدايته في كل مرة يلتقي فيها المسلم بغيره فان رد التحية المنتظر من الاخر هو أيضا مرتبط " بالسلام " ولا يخرج عنه " فالسلام عليكم " هو التحية .. " وعليكم السلام " هو رد التحية .. وانظر معي كيف يمثل "
السلام " في شريعة الاسلام حركة البندول عطاء وأخذا في كل مرة يتصل فيها المسلم بغيره سواء بالمقابلة أو المواجهة أوحتى على صفحات المراسلات والمكاتبات وكأن حياة المسلم كلها تدور حول " السلام " أصلا وقاعدة وركنا أصيلا سواء في عبادته أو سلوكه بل كأنه يتنفس " السلام "
شهيقا وزفيرا ليل نهار لان الاسلام كدين هو في حقيقة الأمر شقيق "
السلام " وأخوه كلاهما مشتق من جذر واحد في اللغة العربية وإذا كان الله قي المسيحية هو " المحبة " فالله في الإسلام هو " السلام " والسلام أحد أسمائه ونحن مأمورون في دين الإسلام بأن نتشبه بصفات الله الجميلة ومنها : السلام قدر ما تطيقه طبيعتنا البشرية المحدودة .. و" السلام "
ليس هو التحية بين الناس في الدنيا فقط بل هو التحية المتبادلة بين الناس في الجنة أيضا " تحيتهم فيها سلام " يونس :10 " والجنة أسمها في القرآن " دار السلام " مما يعني أن السلام هو ميزان السعادة وميزان الخير في الحياة الدنيوية والاخروية معا ومن أجل ذلك وردت كلمة " السلام
" ومشتقاتها في القرآن الكريم إحدى وأربعين مرة بينما وردت كلمة " حرب "
في القرآن ثلاث مرات فقط أما كلمة " السيف " فلم ترد في القرآن مطلقا فهي ليست من الفاظه ولا من مفرداته .
وقد تأثرت الحضارة الاسلامية بهذه الاصول المقدسة فيما يتعلق بالسلام وضرورته وأولويته في كل حياة جادة ومسؤولة .. وجاءت حضارة الاسلام حضارة " سلام " كما جاء في الاسلام دين " سلام " ورحمة ومودة ..
ولم يحدثنا التاريخ ولا الواقع بأن الامم شقيت بحضارة المسلمين أو زادت بسببها خوفا وجوعا وموتا .
أيها السادة :
إنه لمن الواجب أن نتقدم بخالص الشكر والتقدير والعرفان لدولة الامارات العربية المتحدة على أن فطنت لخطر موضوع السلم والأمن الاجتماعيين وحاجة العالم الملحة الآن إلى إحياء مفهوم السلام العادل وإلى تطبيقه وتنزيله على واقع الناس الذي عانى ويعاني الأمرين بسبب غياب هذا المفهوم فترة تزيد على نصف قرن وأرى أنه آن الأوان لهذا المنتدى أن يجمع نخبة متميزة من أهل العلم والحكمة والثقافة والرأي آن لهذا المنتدى أن يخطو خطوات واسعة وواثقة نحو احياء مفهوم السلام العادل والسعي من أجل بناء مؤسسات دولية فعالة تستبعد الحروب وتتجنبها وتتخطاها لايجاد بدائل سياسية ودبلوماسية وحوارية لحل النزاعات الدولية وفي مقدمتها : النزاع في منطقتنا العربية والتوترات الكريهة التي اسفرت عن وجهها القبيح في بعض بلدان المنطقة ووجدت للاسف من ينفخ فيها من بني جلدتنا وممن يتكلم بلساننا .. وعلى هذا المنتدى الذي يبشر بكل خير أن يتبنى قاعدة "التعارف" التي وردت في قوله تعالى :" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير " الحجرات : 13" واذا كان فلاسفة الحضارة المعاصرة الآن في الغرب لا يتحرجون في أن يقدموا للعالم نظريات الصراع الحضاري ونهاية التاريخ والفوضى الخلاقة وكلها دعوات شيطانية تدعو إلى القتل والقتال أفلا يكون من حقنا نحن حماة الحق والعدل والسلام ان نبشر بنظرية " التعارف " كاساس ثابت لا يتزحزح للعلاقات الدولية في عالمنا المعاصر ؟! من أجل انسانية آمنة مستقرة لا تعرف الخوف ولا القهر ولا الفقر و لا الحاجة؟!.
على هذا المنتدى بعلمائه وحكمائه أن ينشط اليوم - وليس غدا -
لتعزيز السلم في المجتمعات العربية والاسلامية وأن يتوسل لذلك بفتح قنوات اتصال مباشر بين العلماء والحكماء وبين صناع القرار من السياسيين في الشرق والغرب وأن يدعو إلى ترسيخ قيم السلام والامان والاخوة والمحبة عبر برامج الحوار وعبر برامج تعليمية لتربية النشء والاطفال على اختيار الممارسات السلمية في الحياة اليومية وهناك في الامم المتحدة الآن ما يساعد على تحقيق هذا الهدف من برامج تربوية اعدت لنشر السلام وتجنب العودة للنزاع والعنف وذلك اذا ما وضعت هذه البرامج موضع التنفيذ وفعلت بصدق واخلاص وتحررت من ضغوط المصالح والاغراض السياسية الخاصة.
وأخيرا - وليس آخرا - على هذا المنتدى أن يتحرك فورا من أجل دعوة عامة لعلماء المسلمسن للجلوس بقلوب صادقة ومخلصة لا تشوبها شوائب المصالح والاغراض والانتماءات الصغيرة التي كانت وتزال سببا في تأخر امتنا العربية والاسلامية وتفككها وضعفها وهوانها على الناس وما لم يتفق العلماء على إقامة السلام العادل بينهم أولا فلا أمل في ان يسوسوا الناس بقيم الحق والخير والجمال كيف وفاقد الشيء لايعطيه والذي يعجز عن قيادة نفسه هو عن قيادة غيره أعجز .
أيها السادة ..
شكرا لحسن استماعكم ولا يفوتني في نهاية كلمتي ان أذكر حكيم العرب وفارس العروبة الشيخ زايد آل نهيان بطيب الثناء وخالص الدعاء ان يتغمده الله بواسع فضله وكرمه في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .. كما أتوجه إلى الله تعالى بخالص الدعاء لقائد البلاد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بأن يمن الله عليه بتمام الشفاء وكامل الصحة والعافية وطول العمر وأن يحفظ ولي عهده الأمين الشيخ محمد بن زايد .. والشيخ عبدالله بن زايد وإخوانه الكرام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
شيخ الأزهر
أحمد الطيب
كما ألقى فضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن بيه أحد أبرز العلماء المعاصرين في العالم الإسلامي رئيس اللجنة العلمية للمنتدى الكلمة التأطيرية للمنتدى تناول فيها معنى السلم ومفهومه وتأصيل مقصد السلم وإسهام الإسلام فيه تاريخيا ومفاهيم لخدمة السلم تتحول إلى ضده والجهاد بنوعيه الداخلي والخارجي ومبادرة الجماعات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتصرف الأفراد وتطبيق الحدود والتعزيرات الشرعية والديمقراطية والحداثة اضافة الى مفهوم الطاعة ومفهوم الولاء والبراء.
وأكد فضيلته أن مسؤولية المرجعيات الدينية كبيرة في هذه الفترة بالذات خاصة وإن التكلفة البشرية والإنسانية لا يمكن أن تترك أي شخص يقف متفرجا بل يجب علينا أن نكون إطفائيين والإطفائي لا يسأل عمن بدأ وإنما يحاول أن يطفئ الحريق.
وقال إن المنتدى غير مسبوق في موضوعه وأوضاعه أما موضوعه فهو السلم وأما الأوضاع التي دعت إليه فإنها الأوضاع الكارثية لهذه الأمة التي أصبحت لعبة الموت أمرا معتادا فيها وسبيل الحياة أمرا مستبعدا فمشاهد الدماء والأشلاء والخراب والدمار لا تحتاج إلى تعليق لافتا الى أنه أصبح من المذهل والمحزن انه ما من أمة اليوم يستشري فيها الصراع وإراقة الدماء أكثر من هذه الأمة وتحت عناوين وذرائع وشعارات لا يقرها شرع ولا يقبلها عقل.
وأضاف " إننا لم نأت هنا لتنصيب محكمة لفصل الخصام وتوزيع الأحكام بل جئنا لنقول كلمة بسيطة هي الدعوة إلى السلم .. ونحن هنا لا نتنكر لقضايا الأمة الكبرى في فلسطين أو غيرها ولكننا نبحث عن تعزيز السلم داخل المجتمعات المسلمة فمن لم يرتب بيته لن يستطيع أن يحقق شيئا في القضايا الكبرى لا سلما ولا غيره مؤكدا أن السلم في هذه المنطقة سينعكس على العالم كله .. وقال نريد أن نرفع شعارا واحدا هو "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ".
وأضاف ان السلم يوجد بيئة الحب والسعادة والانتماء إلى الأمة والوطن والانخراط في مصالحه وهو قبل كل شيء مصالحة مع الذات قبل أن يكون مصالحة مع الغير إنه قيم ونعم لا يدركها إلا من ذاق طعم الحرب.
وأوضح أن الإسلام ألغى قضايا الثأر الجاهلي ومبادرة الأفراد والجماعات للثأر وجعل ذلك للحاكم فقط وجعل القتال الخارجي "الجهاد" لا يقوم به إلا الحاكم لأنه لو قام به الأفراد لنشبت الفتن واضطرب السلام فهو تدبير حكومي ومن ذلك ما فرضه الإسلام من الآداب الشرعية في العلاقة بين الوالد والولد من البر والاحسان بالوالدين وحسن التربية للأولاد وبين الحاكم والمحكوم من الطاعة للأول والعدل للآخر كل تلك الآداب لا تعتبر خنوعا ولا مذلة ولكنها سلوك واع وأدب رفيع يسهم في تماسك المجتمع والسلم الاجتماعي.
وأشار الى ان الإسلام وضع فقها متكاملا لحل النزاعات بالوسائل السلمية العاقلة تتمثل مفردات هذا الفقه في كتاب الصلح وهو باب عظيم في كل كتب الفقه الإسلامي فالصلح يكون في كل النزاعات والخلافات ويكون مع كل الناس سواء كانوا دولا أو أفرادا ويكون في الخلافات الزوجية كما يكون في الحروب الدولية أو الثورات الداخلية وقد ذكر العلماء خمسة أنواع من الصلح حسب الطرف المشارك.
وإستعرض فضيلة الشيخ بن بيه في كلمته مفاهيم الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتطبيق الشريعة والولاء والبراء والطاعة والديمقراطية والحداثة ومواقع الخلل في توظيف هذه المفاهيم.
وقال ان قيم الصراع والنزاع ليست قيما إسلامية ولو حاول البعض أن يكسوها لباس التقوى إنها قيم غربية للمفكر هيجل الذي كان يرى أن التدمير هو أساس التعمير وأن المجتمع لا يقوم إلا على صراع العبد والسيد أما قيمنا فتقول إن بناء الثقة في النفوس والمحبة في القلوب هو الأصل فقد ترك الرسول عليه الصلاة والسلام الكعبة ولم يهدمها لكي يبنيها على قواعد إبراهيم كما كان يود تأليف قريش ولما أراد الخليفة العباسي هدمها وبناءها على مقام إبراهيم نهاه مالك رحمه الله قائلا " لا تجعل هذا البيت لعبة للأمراء ولم يهدم ولا خلفاؤه كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار ..
فالتدمير ليس قيمة إسلامية وإنما هي قيمة ناشئة عن جهل وتعصب غير محمود".
وأشار بن بيه إلى عاملين من عوامل التحريض على الفتنة هما التكفير وفوضى الفتوى موضحا أن التكفير هو إصدار حكم شرعي على شخص أو جماعة بالكفر سواء كان أصليا أو حادثا وقد حذر منه سبحانه وتعالى أما الفتوى فلها شأن عظيم في الإسلام فبقدر شرفها وأجرها يكون خطرها ووزرها لمن يتولاها بغير علم.
ونوه بن بيه في كلمته الى النزاعات ذات الطبيعة الدينية أو التي قد تستنجد بالدين ترجع إلى عوامل متعددة ومتغيرة قد تكون ثقافية أو سياسية أو اقتصادية وحتى في داخل الدين بين الطوائف المختلفة وحتى بين الطائفة العقدية الواحدة بناء على اختلاف الحساسيات الفكرية والمواقف من التحديث.. وقال أن الدين يمثل أحيانا وقودا لهذه النزاعات التي قد تكون في أصلها دنيوية وسياسية.. مشيرا الى ان الأمة تضيع بين دعويين دعوى حداثية بعض أدعيائها لا يعرفون من الحداثة إلا القشور ولا من التطور إلا التنكر للأخلاق والصدود عن المأثور ودعوى دينية ظاهرية قل علمها وضاق فهمها فكفرت العامة بدعوى المحافظة على الدين فأعلنوا جهادا في غير مجاهد وتطبيقا للحدود بغير ضوابط فكان التدمير الذاتي.
وأكد أهمية أن نصل إلى نتائج تعزز السلم المجتمعي باعتبار أن أنموذج الصراع الدائم والمغالبة ليس مناسبا للمجتمعات الإسلامية وأن مقاربات أخرى أكثر إنسانية وأقل تكلفة بشرية ومجتمعية هي الأنسب.
وقال " علينا أن نعترف بأن مجتمعا لا توجد لديه أرضية مشتركة تحوز قناعة جماعية في الحدود الدنيا للعيش المشترك لا يمكن أن يحتكم إلى الديمقراطية العددية دون البحث عن مقاربات وتنازلات متبادلة تحوز رضا الجميع وأن محاولة الإلغاء المتبادل تحت أية ذريعة معناها ومآلها إلغاء الوطن كله وتعريض سكانه إلى البغضاء والشحناء ومن ثم إلى الدخول في حرب شعواء لا نهاية لها تفسد الدين والدنيا وفي ذلك من المفاسد ما لا يقبله شرع ولا عقل ".
وشدد على أن الوضع الكارثي لأمتنا ليس من المقبول ولا من المعقول أن يظل على حاله لأن التوجهات التي يؤمها والمنزلقات التي ينحدر إليها لا يعلمها إلا الله .. موضحا أن ديننا كما تدل عليه النصوص والكثير من الممارسات التاريخية دين سلم ومحبة وان الحرب الأهلية غير مقبولة في الإسلام مهما كانت دوافعها وحوافزها سواء كانت دينية أو دنيوية.. وقال ان ديننا وتراثنا يملك من أدوات حل الخلاف وتسوية النزاع الكثير مما يستبعد اللجوء إلى الاحتراب والانشطار.
وقدم فضيلة الشيخ بن بيه عددا من المقترحات في ختام كلمته من أبرزها
.. تأصيل ثقافة السلم من خلال جمع النصوص الحاثة على السلم واستنباط فقه السلم وقواعده ومقاصده وإشاعة ثقافة السلم اخلاقه وآدابه وأدبياته وسلوكه وتوضيح مفاهيمه وقيمه فوائده ومقاصده وإدراجه في المناهج التربوية باعتباره مادة تواصلية.
ودعا الى تشجيع أساليب الوساطات والتحكيم وتفعيل أدوات الصلح وتقديم دراسات مقارنة عن السلم في الإسلام وفلسفة الغربيين وبخاصة عند كانت وراسل وتشجيع الحوارات بين الشباب وبين العلماء والحكماء وتنظيم محاضرات وندوات ومناقشات في الجامعات والنوادي الفكرية حول قضايا السلم وزيارات ميدانية لمناطق التوتر الطائفي أو الإيديولوجي وإقامة دورات لمجموعات من الشباب يهيئون للمناشط السلمية باسم "جوالة السلام" وعقد لقاءات مع الشباب من مختلف الطوائف والتوجهات الفكرية لاستطلاع آرائهم حول الحلول الممكنة وآليات فض النزاعات.
كما دعا الى إنشاء مجلس للحكماء من أجل تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وإنشاء قناة للحكمة يتبرع لها أهل الخير تكون تابعة لمجلس الحكماء وإصلاح منظومة الأفكار لوضع تصورات صحيحة شرعا وعقلا ومصلحة وحكمة تجلب السلام والوئام.
/مط/ ان/.
وام/مط/سر/ع ا و
0118 وام 1848 2014/03/09 نننن
تابع أخبار وكالة أنباء الإمارات على موقع تويتر wamnews@ وعلى الفيس بوك www.facebook.com/wamarabic. . .
وام/مط/ع ا و/ز ا
وكالة الانباء الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.