لم نأسف على ضحايا يوم 21سبتمبر، ولم يأسف صالحو المؤمنين عليهم، لأنهم كانوا رموز شرور فتنة وفساد في اليمن. ولم يأسف الكثير على مغادرة الرئيس هادي سدة الحكم بعد نحو ثلاث سنوات من الارتهان للخارج وتضييع هيبة الدولة وتمزيق الجيش والانفلات الأمني الكبير الذي تسبب به ووضع البلاد تحت البند السابع.. كما لم يأسف الكثير على استقالة بحاح وحكومته التي كان مقدراً لها ألَّا تقدم الكثير للبلاد، لأن الوطن قد تجاوز مثل هذه الحكومات المخصخصة. كما أن الكثير كانوا في غاية السرور للمواجهات بين أنصار الله والقاعدة أو الدواعش في كل المنازلات التي حدثت وتحدث، خصوصاً وأنها جاءت بعد بشاعة القتل والذبح والاغتيالات التي قامت بها وتقوم به القاعدة وأخواتها في اليمن مستهدفة رموز الجيش والأمن.. كما أن الكثير قد قبلوا- ولو على مضض- بسط سيطرة الأنصار على كثير من مؤسسات الدولة وممارستهم دوراً رقابياً على ما يعتبرونه فساداً وتصحيحاً لمسارات فاسدة، حتى لو أن بعض هذه السيطرة ترتب عليها تجاوزات لم تكن مرضية بنفس القدر. وبالعموم فإن سقوط الدولة بيد أنصار الله لم يكن اختياراً لأحد غيرهم، ولكنه كان قدراً قد وقع على البلاد والعباد، وكانت ردود الفعل متباينة بين الناس تجاهه، ولكن لما أوردناه سابقاً كان هناك قبول لما حدث وتفاؤل بمسار متميز يتجاوز ثلاث سنوات ماضية أو يزيد من الفوضى والفساد والإفساد والانفلات الأمني الشامل. على أن الإعلان الدستوري وما لحقه من تدبيرات، خصوصاً تعيين لجنة ثورية عليا من 15 فرداً أسند لها ما يمكن أن يكون إدارة شئون البلاد في المرحلة القابلة، والأفراد الذين تم اختيارهم لها لم ترضِ الكثير ولم تمثل خطوة حكيمة يمكن أن تقدم أنموذجاً للحكم الرشيد الذي تنتظره اليمن في ظل حكم انتقالي يقوده أنصار الله، سواء رضي الناس أو كرهوا. فالذي نعرفه أن أنصار الله لهم مؤيدون وأنصار من كبار الشخصيات والوجهاء والأكاديميين والعلماء والحكماء والساسة وأهل الخبرة، ما كان يمكن بهم ومن خلالهم أن يقدموا تشكيلة للجنة عليا يمنح الجميع تفاؤلاً بقادم أفضل، بغض النظر عن احتمالات فشل أو نجاح الإعلان الدستوري وما ارتبط به من تدبيرات، ولكن حتى من باب إعطاء الأنموذج الذي يمكنه أن يخلق حالة من الرضا والتفاؤل والقبول لدى الرأي العام.. طبعاً نعرف أن في اللجنة القليل من الشخصيات المقبولة والمجربة، ولكن الطابع العام لها ليس له هذا الحكم ولا يمكن أن تكون التشكيلة بمجموعها هي التي يرضى عنها أهل اليمن وتليق بهم كشعب عظيم، ويحمدون لأنصار الله اجتهادهم في اختيارها لهم. ولذا فقد قلنا ونقول الآن ما كان أغناكم أيها الأنصار عن مثل هذه التشكيلة، وكم كنتم متواضعين في هذا الاختيار، وكم كان حق الشعب اليمني عليكم أكبر من هذا بكثير. والله من وراء القصد.