ما لم تكن المعارضة قريبة من الجماهير ناطقة بأحاسيسهم وما لم تكن منهجية في أطروحاتها واقعية في وعودها فإنها تخدم النظام أكثر من أن تكون ورقة ضغط عليه، فهي وإن استغلت عواطف الناس للحشد الثوري أو المليشاوي فإن هذا الاستغلال لن يكون سوى لفترة وجيزة تنقلب بعدها الجماهير المُستغَلة على مُستغليها وتُعري زيف ادعائهم. حدث هذا مع أحزاب اللقاء المشترك التي تسلقت على المطالب الشعبية بالإصلاحات وتصدرت الخطاب الذي سُمي بالثوري- فيما بعد- فوعدت الناس بما تعرف أنها عاجزة عن تحقيقه . اكتشفت حقول النفط ومناجم المعدن ،تشدقت بالعدالة والحرية، نادت بالمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان وحين وصلت إلى السلطة تنكرت لكل شيء بل حتى لدماء الشهداء الذين كانوا سلالمها إلى كراسي الحكومة فسقطت بتصفيق الغالبية. إن دخول أنصار الله إلى صنعاء لم يكن بفعل علي عبدالله صالح وإن صح دعمه لهم أو تغاضيه عنهم إنما هو بفعل هذه الأحزاب التي كانت في رأس الحكومة وقدمت لهم ما لم يكونوا يحلمون به من المظالم وأمور الفساد . تمسكت بالقشيبي فخسرنا عمران، وتمسكت بالجرعة فخسرنا صنعاء ،ولا تزال تتبع خيارات ستجعلنا نخسر اليمن كله. لقد شاركت صالح في نظامه وكان في يدها كل وسائل التنمية. ألم يكن الإصلاح ممسكا بزمام التربية والتعليم؟ ألم يكن لديه الكثير من القيادات في المؤسسة العسكرية؟ ألم يكن لديه الكثير من رجال المال والأعمال؟ ما الذي قدمه من خلال هذه المؤسسات! أليس على المعارضة أن تتفوق على النظام في خدمة الشعب؟ كل هذا ليس موجوداً في برنامج المعارضة اليمنية ومن يتطلع في أسس تكوين اللقاء المشترك وغيره من الأطياف المعارضة يجد أن هذه المكونات لا ترقى إلى أن تسمى أحزاباً سياسية وإنما هي دكاكين لبيع الوطن من أجل المصلحة الذاتية أو المنافسة اللا شريفة. تأملوا حالهم الآن وهم يتمايلون كعارضات الأزياء لخطب ود الخارج ضد خصومهم الحوثيين وتأملوا كيف تعمل وسائل إعلامهم على إثارة الاضطراب النفسي لدى المجتمع من اللاشي. لست هنا بغرض الدفاع عن أنصار الله ولا صالح لأن هؤلاء ما كانوا ليرتكبوا خطأ لو أن هناك أحزاباً معارضة حقيقية تستثمر الخطأ لصالح المواطن والشعب لا لصالح دكاكينها. ولذلك أقول إنه لن تكون هناك ثورة حقيقية؛ ما لم تكن على حماقة هذه الأحزاب قبل أن تكون على أي شيء آخر.