آخر إنتاج آلات الكذب وأكثرها إثارة، هو ما أشاعه أحد قيادات الإصلاح في محافظة مأرب، أن مقاتلي جماعة الحوثي يحملون إلى ساحات القتال- إلى جانب البندقية وشعار الصرخة- ما أسماها "أحراز الجنة". هذه الكذبة الجديدة تصور الحوثيين على أنهم كائنات مسيَّرة مسحورة، خرجت من كهوف العزلة، لا تعي ما تفعله، ولا تمتلك قضية ولا قدرة على التفكير والتمييز، وكأنهم آلات قتل عمياء! قال القيادي الإصلاحي إنهم وجدوا مع أحد ضحايا الحرب في مأرب- يدعى (زكريا الحوثي)- حرزاً فيه آيات قرآنية، وأن زملاءه الأسرى أفادوا بأنه "حرز الجنة" الذي يمنح لكل "مجاهد" في الجماعة. وتم الربط بين هذه الأحراز التي يوزعها الحوثي على عناصر ميليشياته وبين "مفاتيح الجنة" التي كان يمنحها الخميني للمقاتلين "الشيعة" في الحرب العراقية الإيرانية. إذن، فالهدف هو التأكيد على أن الحرب طائفية، لا علاقة لها بإرادة الشعب اليمني وكرامته، ولا صلة لها بأطماع حزب فاشي فاشل كان في السلطة قبل 8 أشهر، وهو اليوم طريد في الصحراء، وقياداته تدير حرب استرداد خاسرة من الدوحة واسطنبول ونجد. والهدف من هذه الكذبة أيضاً اختلاق خيط جديد يربط الحوثيين بطهران و(قمّْ)؛ كي لا ننسى اللازمة المملة: إيران، إيران، إيران، وكأن حماية أنابيب النفط وخطوط الكهرباء من كلافيت الإصلاح وآل سعود خدمة لإيران، ومحاربة الإرهاب الذي يقتل اليمنيين في الأسواق والميادين والمساجد، ويقدم الجنود أضحيات للشيطان، لا تهم أحداً سوى إيران. وكأن التمسك بالوحدة، والإصرار على التحرر من التبعية وانتزاع السيادة من براميل الصحراء، لا يصب في صالح الشعب اليمني بقدر ما يحقق مصلحة إيران. لله درها إيرانهم هذه، كم هي رحيمة باليمني من بعض اليمنيين، الذين يريدوننا أن نعيش في الظلام والعبودية والخوف والحرمان، ولله در هذا المقاتل الحوثي "اللَّوك" الذي لا يتحرك إلى الميدان إلا وقد ضمن مستقبله في الآخرة بجواز دخوله الجنة!! لاحظوا أن الحرز هو آيات قرآنية، لا تعاويذ ولا طلاسم سحرية، ولاحظوا أن هذه الدعاية الكاذبة تهدف إلى تحجيم قضية الصراع في مأرب، وكأنها قضية تمدد حوثي!! معركة مأرب هي قشة حزب الإصلاح، ورهان مملكة آل سعود. هي حرب لا يريدها المواطن اليمني، ونتمنى أن نصحو- ذات صباح- ونسمع أن معسكرات القاعدة أزيلت، وضخّ السلاح والأموال توقف، وأن محطة مأرب الغازية أعيدت للخدمة؛ لأن غالبية المسحوقين هم الخاسرون في معارك استنزاف كهذه.