أصاب القائلون بأن مؤتمر الرياض: 17-19 مايو 2015م "مؤتمر قرار لا مؤتمر حوار"، لا سيما وأن طغى عليه لون واحد لون من تحدثوا قبل شهور بلسان واحد يهاجمون الرئيس عبدربه منصور هادي بما لم يقله مالكٌ في الخمر (...) قبل أن تظللهم الرياض جميعاً وتردم الهوة المتسعة بينهم بأقذع الانتقادات وأشنع الهجمات عبر مختلف المنابر؛ علاوةً على إدارة الموقف منذ 21 سبتمبر/أيلول 2014م بالتفاعل مع "سلطة الأمر الواقع (الجديد)" كما مارستها "سلطة الأمر الواقع (القديم)"، قبل بلوغ السيل الزبى وضيق من ضاق فاستثار على اليمن العواصف و"القواصف"!. عبر مؤتمر الرياض و"يمنييه"، تقرر أن لا يكون هناك طرفٌ آخر! حيث لا سعة نفسية تتقبل غير من هم هناك خارج اليمن. وهُنا داخل اليمن لا تتسع نفسية الطرف الآخر لتتقبل من هم هناك ولا تقر لهم بشرعية. هذا يدركه الجميع. لذا أقرّ الرأي الدولي "سَويةَ" اليمنيين بأشقائهم الليبيين والسوريين، لا "في طعنٍ له نفذٌ" داخل أراضيهم فحسب بل تحديد موقع التحاور خارج حدودهم، وها هم "قد" يذهبون إلى جنيف، ليتنسموا أجواء بحيرة "ليمان" الهادئة بعيداً عن ضغوط أو ظروف (أو أطراف) هادرة تحدق بالمتحاورين وتستوجب إعلان ما يُعلن واتخاذ قرار وتصور للحل –كما يُرجى- لكنه لا يُنفذ –كما يحصل!-. فيما صدر عن مؤتمر "يمنيي" الرياض من إعلانٍ مبدئي وبيانٍ ختامي، تم البحث عما يمكن البناء عليه واعتباره أرضيةً مشتركة تقف عليها جميع الأطراف المعنية، ولم توجد إلا أرضية "يبسط" عليها ويحتكرها من يقف فيها فقط دون أن يتيح لأي طرف آخر حتى الوقوف محطة "ترانزيت". ليؤكد بذلك مظهراً آخر من مظاهر حالة "اليمننة" وهي: رفض التعايش "السياسي" المشترك، وقبول التعايش "المسلح" المشترك وسط عدم "تنظيم المقاومة تحت القيادة الشرعية" حسب إقرار المؤتمرين بالرياض، وتمترسهم مع باقي الأطراف. حتى تغنت بعض القنوات بإعلان رفض دخول "يمنيي الرياض" حوار جنيف المفترض بين "جميع" الأطراف، قبل تنفيذ مقررات الرياض من قبل "أحد" الأطراف! المقررات الواردة في إعلان ثم بيان "يمنيي الرياض" خالفت توقعات متفائلة بإزاحة "المتاريس النفسية والسياسية"، إذ رسختها أكثر في نفوس "يمنيي صنعاء" فلم تشكل حتى ضغطاً باتجاه الحل أو صوب "إنقاذ اليمن" كما يرجو الجميع. وحقيقة الأمر أن إنقاذ اليمن في هذه المرحلة ينبغي أن يكون إنقاذاً من جميع المتمترسين، لأن مزيداً من التمترس يعني الوقوف بعيداً عن عتبات الحل وإنقاذ اليمن والشروع في بناء الدولة لمجتمع كثير العصائب والقبائل (...). رحم الله ابن خلدون القائل في مقدمته: إن الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب- قل أن تستحكم فيها دولة! عدم استحكام وتنفيذ أي قرار صادر عن أي طرف يمني في الداخل أو الخارج -على رأس الدولة أو الأمر الواقع- سيستمر طالما ظل التمترس قائماً والرفض المعلن تجاه الآخر، واضطراب المشهد وتشرذم القواعد، وانعكاس تفكك الموقف على صيغة أي قرار ومعطيات اتخاذه من وراء "المتاريس النفسية والسياسية" فهل يتخفف المتمترسون من أثقال نفسياتهم وسياستهم؟ أم سينزاحون من سدة المشهد تماماً فيكون إنقاذاً لليمن حقاً من "اليمننة" بكل مظاهرها البشرية والشريرة؟!