لما بدأ مثقفون سعوديون يوقعون على عرائض، ورفعوها إلى ولي العهد حينها، عبدالله بن عبدالعزيز، كانت تتضمن مطالب بشأن الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مثل إصلاح التعليم، ومكافحة الفساد والإرهاب، وتقويم هيئة الأمر بالمعروف، ووضع دستور يفصل بين السلطات، ويوجد قضاء مستقلاً، ويساوي بين المواطنين.. وقال الأمير المعارض طلال بن عبدالعزيز إن على "الدولة السعودية" الوقوف على الحياد بالنسبة للمذاهب.. تفهم ولي العهد تلك المطالب، وشكَّل مركزاً للحوار، وعُقدت لقاءات حوار انتهت بصياغة تلك المطالب، ووعد ولي العهد تطبيق ما هو ممكن، وبالتدريج.. وبعد عام لاحظ المثقفون أن مطالبهم أحبطت، خاصة من قبل الطرف الثاني في الحكم وهو الوهابيون، عادوا يذكرون ولي العهد بما وعد، وفي النهاية تبين أن الثنائي السعودي- الوهابي، غير صالح، فكيف يمكن أن يُحدث إصلاحاً؟ وهذا القانون سيبقى إلى أن يشيخ هذا الثنائي نهائياً، ويكون البديل مختلفاً.. في تلك الأثناء كان الوهابيون يتحركون لمقاومة الإصلاح ودعاته، وقال كبير الوهابيين: إن الإمام مالك قد قال إن أمر هذه الأمة لا يصلح إلا بما صلح به أولها، فالإسلام في السعودية هو الإسلام الذي صلح به أول أمر الأمة، وبهذه العبارات حسم الموقف، وزاد أن دستور السعودية القرآن، وقانونها كلام السلف، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يمكن المساس بها، لأنها من الأسس التي قامت عليها المملكة، وإصلاح التعليم مطلب نصراني مرفوض.. وكان من ردود الفعل أيضاً زيادة العمليات الإرهابية، حيث لم تكتفِ الوهابية بمقاومة تلك المطالب بالقول، بل حركت مريديها ليفجروا ويقتلوا، استناداً إلى فتاوى شيوخ الوهابية الذين اتهموا أولئك المثقفين بالتآمر على الإسلام والإسلاميين في السعودية.. ولما سئل كبير الوهابيين من قبل قناة سعودية: لماذا لم تردوا على فتاوى تكفيرية تحول الشباب إلى إرهابيين يقتلون ويفجرون حتى داخل السعودية؟ قال إن فتاوى التكفير والقتل التي تعتمد عليها الفئة الضالة، (وطبعا لم يقل الإرهابيين لسبب معروف)، هي فتاوى لا تصدر من أشخاص معروفين، ولا تظهر إلى العلن لكي نرد عليها، وإنما تصدر في الخفاء.. بينما الفتاوى منشورة ومعلنة، وأصحابها شيوخ وهابيون معروفون، كناصر العمر والفهد، والحوالي، وغيرهم، ولما أحرجتهم كثرة الدماء التي سفكتها العمليات الإرهابية، رجعوا يقولون: استعجلنا في تلك الفتاوى، أخطأنا في تلك الفتاوى.. واليوم مفتو الإرهاب الوهابي هم هم، وزيادة ضعفهم، ومعهم كبير الوهابيين يكفرون اليمنيين، ويحضُّون السعوديين على قتلهم، ويباركون جرائم مليكهم سلمان.. لكن سنرى عاقبة إرهابهم في بلادهم.