الأعلام التي ترفعها القاعدة وداعش مع أعلام السعودية والإمارات فوق عربات وآليات عسكرية تمشي في رتل واحد في عدن تعني أن العدوان وأعوانه وحلفاءه ومرتزقته وإرهابييه عازمون على طي حقبة سياسية بعينها والبدء في مراسيم دعشنة الجنوب وإغلاق ملفات القضية الجنوبية رسمياً بدليل إزاحة مليشيات الحراك رسمياً ونسف أي احتساب وجودي لهم في عدن وترتيب وضع جديد خارج تدخل قوى الحراك.. لقد نزعت السعودية إلى التخلي عن رموز الجنوب في الداخل والخارج وعلى رأسهم البيض الذي غادر السعودية قبل أكثر من شهر ونصف الشهر بعد أن اتضح أن رؤيته مخالفة تماماً لمقررات مؤتمر الرياض، الأمر الذي حمل السعودية على إشعاره بعدم الحاجة إليه خصوصاً مع توجيهه لعبارات أطلقها في وجه هادي في الرياض من قبيل اتهامه له بخيانة الرفاق في 86م وخيانة الجنوب في 94م وخيانة الشمال في 2015م.. القصف لقوات الحراك أيضاً في عدن وأخيراً في لحج يقوي صحة هذه التوجهات بلا شك.. وتلك هي رسالة جلية الإشارة بالدأب على نسف القضية الجنوبية لصالح دعشنة الجنوب.. بينما تميل السعودية للاعتماد على فصائل حراكية في لبوزة والعند بلحج وبطريقة انتهازية إما للتخلص منهم وإما للسيطرة على المنطقة واحتلال العند على اعتبار أن أهل مكة أدرى بشعابها.. وستظل تدعم جبهات شبوة وأبين وحضرموت لدعشنتها وفي هذا الخضم لا يمكن التكهن بوجود رغبة سعودية بخصوص الوحدة أو الانفصال، وسيتضح موقفها من ذلك عبر ما سيسفر عنه المسار السياسي التفاوضي في القاهرة أو مسقط إلا أنني أعتقد أن آل سعود يحاولون دعم حلول تفضي إلى خيار إقامة إقليمين شمالي وجنوبي والأخير سيكون مرتعاً خصباً لنمو الدواعش وربما يكون ذلك مقابل إيقاف العدوان والسماح بإحلال مرحلة انتقالية تبدأ بتشكيل حكومة، والتخلي عن هادي سيكون وارداً جداً لصالح بحاح كرئيس ربما للجمهورية. ستصر السعودية أيضاً على إشراك عملائها في إدارة البلد وستظل نيتها معقودة على زرع إشكالات بين القوى السياسية وخاصة في الشمال ليسهل من خلالهم الخروج من ورطة التوغل العسكري اليمني في الحدود. أنا لا أتحدث بوثوق أن آل سعود يتحركون ويتحكمون بمصير البلد بحرية وسهولة لكن المعطيات اللائحة في الأفق تشير إلى أنهم لا يريدون يمنا يستحكم بمصيره أبناؤه على الأقل فلديها من يعينها من العملاء على هذه الرغبة. وفي تعز سيظل دعمها لمليشيات المخلافي وارداً ومستتباً لأنها ستحاول من باب الانتهاز الحفاظ على البؤر الإخوانية هناك كقفل يمنع الدخول إلى الجنوب، وأما المعضلة الباقية في كاهل السعودية فهي تلك الجرائم البشعة والإبادات الوحشية التي تعرض لها المدنيون والنساء والأطفال اليمنيون، وماذا سيكون مصيرها عن هذه الأفعال التي تحتشد وقائعها في ملفات دولية لدى منظمات خاصة بجرائم الحرب وحقوق الإنسان والتي لن تسقط بالتقادم.. ولكنها وبالتقادم ذاته ستنبئ عن مصير وشيك لوجود آل سعود كحكام في الجزيرة والوطن العربي..!!