منذ اختلف عبد ربه مع "أنصار الله"، لجأ إلى الأسلحة القذرة.. لجأ إلى إثارة مسائل مذهبية وعرقية وطائفية.. يخطب بغرض الإيحاء لمستمعيه الأجانب والمحليين، أن في اليمن قوى تسعى لنقل التجربة الإيرانية، ونقل التشيع الاثناعشري.. وكان عبد ربه يلح على المخاطبين أن هذه القوى هي "صالح" و"الحوثيون" تلاميذ حسين بدر الدين الحوثي.. قلت لنفسي: دعك من حكاية "صالح"، لأن عبد ربه في هذه كذاب أشر، لكن ربما يكون قد نطق بالسوء عن الحوثيين، بناء على معرفة بالقوم، ليست لديك، ولم ينطق عن جهالة أو تعمد الإفك.. وسألت- في بيتنا- عن مظروف بداخله الأعمال الكاملة لحسين بدر الدين، أرسله لي قبل فترة قاض خصيم للاثناعشرية، وبعد بعثرة ما في الكراتين القديمة، وجدنا المظروف، وفيه أكثر من خمسين ملزمة، تبين لي أن أربعة منها قد اطلعت عليها في أوقات سابقة، ومع ذلك رتبتها جميعا حسب تواريخها، وتفرغت لقراءتها.. والملازم في الأصل محاضرات كان يلقيها حسين على أهل بلدته في مناسبات مختلفة، وفي مجالس قات، وبعض منها أثناء استضافة أو زيارة خارج بلدته، خلال العامين 2002 و2003م، كان آخرها قبل استشهاده بعام واحد تقريبا.. شرعت في قراءة الملازم، وفي بالي الاثناعشرية الإيرانية التي تكلم عنها عبد ربه مرارا، وحذر السعودية من خطر انتشارها في اليمن، أفتش في الملازم عن كل عبارة قالها حسين، وردت فيها كلمات وجمل مثل: الاثناعشرية، مذهب الإمامية، المذهب الجعفري، إيران، ولاية الفقيه، الخميني.. لقد دهشت، فحسين بدر الدين الذي طالما اتهم بالترويج للمذهب الاثناعشري الشيعي الإيراني، بداية من مران صعدة، كان أبعد ما يكون عن الاثناعشرية، وكان يسخر من الاثناعشرية، ويقول لسامعيه: نحن الزيدية خير منهم، ومذهبنا الزيدي أقوم من المذهب الاثناعشري، من النواحي العقدية والفقهية والفكرية والسياسية.. ولو شئتم مشاركتي الصدمة ( والكلام لي) بما ورد في بعض محاضرات حسين، أقول إنه كان يعيب على السنية أشياء مثل وجوب طاعة الحاكم الظالم الفاسق، والقول إن الرسول يشفع لأهل الكبائر، وفي محاضرات أخرى يبدو لك حسين بدر الدين وكأنه وهابي نجدي، وليس سنيا فقط.. تقرأ في ملازمه مواقف وآراء حول قضايا مثل الديمقراطية، المساواة، حرية الرأي، المرأة، التعددية، وتقفز إلى رأسك أسماء مثل ابن باز وابن عثيمين، وغيرهما من الوهابيين، كأنهم ينطقون في هذه الملازم بلسان حسين الحوثي.. وفي ملازمه ستجد تنويها بالخميني والتجربة الإيرانية، ولكن كيف ولماذا؟ هو ينوه بالخميني لأنه كان مناصرا للقضية الفلسطينية، ولأنه ابتدع يوما عالميا للقدس، ولأنه كان خصيما لأمريكا، وليس لشيء آخر.. وينوه بإيران لأنها حققت نهضة زراعية واقتصادية في عهد الثورة الإسلامية، رغم الصعوبات التي واجهتها، وليس لشيء آخر.. والخلاصة، لم أجد شيئا يبرئ عبد ربه من الإفك المبين.