وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إسقاط تركيا لمقاتلة روسية بأنه "طعنة في الظهر" ونفذها شركاء الإرهابيين، مضيفا أن الواقعة ستكون لها عواقب خطيرة على العلاقات بين موسكووأنقرة. وأضاف متحدثا في منتجع سوتشي على البحر الأسود قبل اجتماعه مع العاهل الأردني الملك عبدالله إن الطائرة التي أ?سقطت والتي تقول تركيا إنه جرى تحذيرها عدة مرات هوجمت داخل سوريا عندما كانت على بعد كيلومتر من المجال الجوي التركي وسقطت على مسافة أربعة كيلومترات عن الحدود في الأراضي السورية. وأكد بوتين أن ما حدث يخدم داعش والإرهاب وأن وراءها "أعوان الإرهابيين". وكانت مقاتلتان تركيتان قد أسقطت طائرة حربية روسية قرب الحدود السورية أمس الثلاثاء وقالت مصادر رئاسية تركية إن الطائرة وهي طراز سوخوي-24 أُسقطت تماشيا مع قواعد الاشتباك بعد تحذيرها من انتهاك المجال الجوي التركي لكن موسكو تقول إن بوسعها إثبات أن الطائرة لم تترك المجال الجوي السوري. وهذه أول مرة تسقط فيها القوات المسلحة لدولة عضو في حلف شمال الأطلسي طائرة حربية روسية أو سوفيتية منذ الخمسينيات من القرن الماضي وانخفضت الأصول الروسية والتركية بسبب مخاوف من التصعيد بين خصمي الحرب الباردة السابقين. ووصف متحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمر بوتين إسقاط الطائرة الحربية الروسية بأنها "واقعة بالغة الخطورة" وإن أضاف أن الوقت ما زال مبكرا لاستنباط نتائج. وقال ديمتري بيسكوف للصحفيين "يستحيل أن نقول شيئا دون معلومات كاملة". كما أكد دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أن الطائرة الروسية التي سقطت أمس في سورية كانت داخل المجال الجوي السوري، واعتبر إسقاط تركيا للطائرة الروسية "حادثا خطيرا جدا". وقال بيسكوف للصحافيين "إنه حادث خطير جدا"، داعيا إلى "التحلي بالصبر". وأضاف "سيكون الأمر أوضح عندما يتوفر المزيد من المعلومات". وأظهرت لقطات بثتها قناة خبر ترك التركية التلفزيونية الخاصة طائرة حربية تشتعل فيها النيران بعد تحطمها في منطقة غابات بينما يتصاعد منها الدخان. وذكرت خبر ترك أن الطائرة أسقطت في منطقة يسميها الأتراك جبل التركمان في شمال سوريا قرب الحدود مع تركيا. وأظهرت لقطات تلفزيونية بثتها وكالة الأناضول التركية الرسمية للأنباء فيما يبدو طيارين يهبطان بالمظلات من الطائرة التي أسقطت قرب الحدود التركية السورية أمس. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن مقاتلة سوخوي-24 أسقطت في سوريا وإن المعلومات الأولية تفيد بأن الطيارين قفزا بالمظلات. وذكرت أن الطائرة الروسية ظلت داخل المجال الجوي السوري طوال مهمتها. بينما قال مسؤول تركي لرويترز أمس إن طائرتين حربيتين اقتربتا من الحدود التركية المشتركة مع سوريا وتم توجيه تحذيرات لهما قبل إسقاط إحداهما، وأضاف أن تركيا تلقت معلومات تفيد بأن مجالها الجوي انتهك مرارا. وقال مسؤولون أتراك في وقت سابق إن مقاتلتين تركيتين أسقطتا طائرة حربية روسية الصنع عقب تحذيرها عشر مرات من انتهاك المجال الجوي التركي. وأوضح المسؤول التركي الكبير لرويترز "البيانات التي لدينا واضحة تماما. كانت هناك طائرتان تقتربان من حدودنا، حذرناهما مع اقترابهما أكثر، حذرناهما حتى لا تدخلا المجال الجوي التركي قبل أن تفعلا، حذرناهما مرات عديدة، ما توصلنا إليه يظهر أن المجال الجوي التركي انتهك مرارا، لقد انتهكتاه عن علم". وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الطائرة تحطمت في منطقة جبلية في ريف اللاذقية الشمالي. وقال المرصد "شوهدت ألسنة اللهب مشتعلة بالطائرة أثناء تحليقها في سماء جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي قرب الحدود مع لواء الاسكندرون (التركي)". *مصير الطيارين ونشرت على مواقع تواصل اجتماعي روسية صور للطيار الروسي الذي لقي مصرعه بعد إسقاط طائرة "سو-24" الحربية الروسية من قبل مقاتلة تركية فوق أراضي سوريا. وأجرى بعض مستخدمي صفحات التواصل الاجتماعي تحقيقا خاصا، استنتجوا خلاله أن الطيار القتيل هو قائد طائرة "سو-24" سيرغي روميانتسيف من مدينة تشيليابينسك الروسية. وفي وقت سابق، نشر في شبكة الانترنت شريط فيديو قيل أنه لجثمان أحد الطيارين الروسيين اللذين قفزا من الطائرة الروسية بعد إسقاطها في ريف اللاذقية صباح أمس. ويظهر تسجيل فيديو أرسلته جماعة معارضة سورية لرويترز أمس ما يبدو أنه طيار روسي ملقى على الأرض دون حراك ومصاب بجروح بالغة وقال مسؤول من الجماعة المعارضة إنه مات. وسمع صوت مع تجمع مجموعة من الرجال حوله يقول "طيار روسي" وسُمع صوت وهو يكبر. من جانبه قال نائب قائد لواء تركماني للصحفيين إن مقاتليه قتلوا بالرصاص طياري الطائرة الروسية التي أسقطتها طائرات حربية تركية في سوريا حين هبطا بمظلتيهما. وقال الباسلان جيليك وهو نائب قائد لواء للتركمان السوريين قرب قرية يامادي السورية بينما كان يحمل ما قال إنه جزء من إحدى مظلتي الطيارين "انتشل الطياران ميتين. أطلق رفاقنا النار في الهواء وقتلا في الجو". لافروف يلغي زيارته لتركيا من جهته أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلغاء زيارته إلى تركيا المقررة اليوم الأربعاء، وذلك في أعقاب إسقاط طائرة روسية على الحدود التركية السورية. ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تركيا اليوم لمناقشة الأزمة السورية وهي زيارة متفق عليها قبل إسقاط الطائرة. كما كان من المقرر أن يزور الرئيس التركي روسيا أواخر ديسمبر كانون الأول لإجراء محادثات مع بوتين. +++ موقف الناتو بدوره أطلع رئيس أركان الجيش التركي الرئيس رجب طيب أردوغان على تطورات الوضع بينما أصدر رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو تعليماته بالتشاور مع حلف الأطلسي والأمم المتحدة والدول المعنية. في المقابل أعلن مسؤول في حلف شمال الأطلسي "الناتو" أن الحلف "يتابع الوضع عن كثب" و"على اتصال وثيق مع السلطات التركية" بعدما أسقطت تركيا طائرة حربية روسية انتهكت المجال الجوي التركي كما تقول أنقرة. وسيعقد اليوم حلف شمال الأطلسي اجتماعا طارئا بناء على طلب تركيا. +++بريطانيا: إسقاط تركيا للطائرة الروسية "أمر خطير جداً" من جانبه وصف بيان المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، إدوين صموئيل، حادث إسقاط تركيا للطائرة الروسية، ب"الأمر الخطير جداً". وأشار البيان إلى أن الخارجية البريطانية تسعى إلى معرفة مزيد من التفاصيل بشأن الحادث وعلى نحو عاجل، مضيفة أن "هذا الحادث خطير جداً، ولكن ليس منطقيا، التعليق عليه قبل الحصول على معلومات أكثر دقة". محللون: روسيا لن تتهاون بشأن إسقاط طائرتها وتخوف محللون سياسيون من حادثة إسقاط الطائرة الروسية من قبل الجيش التركي بحسب ما وصفته أنها كانت اختراقا لمجالها الجوي مما تسبب بمقتل طيار وأسر آخر من قبل جهة معارضة للنظام في سوريا. وبحسب الخبراء فإن الحادثة التي بالتأكيد لن تمررها روسيا من دون أي إجراءات لا أحد يعلم مداها، وخاصة بعد أن تسببت بمقتل جندي وأسر الآخر، حيث لم يستبعد الخبراء أنه وفي حال عدم ضبط الأمور قبل تفاقمها قد يشعل حالة من التوتر بين البلدين من الممكن أن تكون شرارة الحرب العالمية الثالثة. وأشار الخبراء إلى أن تركيا قد تستطيع السيطرة على مجريات الأمور في حال مساعدتها في تحرير الأسير الذي من الممكن ما يزال قريباً من حدودها، إلا أن المعطيات الحالية تشير إلى العكس من ذلك وهو التمسك التركي بأن ما جرى هو حق دولي ومشروع لها في إشارة إلى استعدادها لتكرار الأمر في حال اختراق مجالها الجوي . من جانبه أكد المحلل السياسي التركي فائق بولت، ل"سبوتنيك"، أمس، أن روسيا "لن تتهاون" بشأن إسقاط طائرة روسية من طراز سوخوي-24، فوق الأراضي السورية، مستبعداً أن يقود هذا الحادث المنطقة إلى مواجهة شاملة. وقال بولت، "إنه على الرغم من أن ملابسات سقوط الطائرة الروسية من طراز سوخوي-24، الثلاثاء، ما زالت غامضة، إلا أن روسيا سترد بطريقة ما على إسقاط طائراتها... الروس وحدهم من يقرر كيفية الرد وطريقته ومكانه وزمانه". وأوضح أن تركيا تتدخل بشكل كبير في المنطقة، خصوصاً الملف السوري، مشدداً على أن "روسيا لن تتهاون مع تركيا فيما يتعلق بالملفات السياسية في المنطقة، خصوصا سوريا... ملابسات الحادث مازالت غامضة... لكن سيكون هناك توتر بين روسياوتركيا". وبسؤاله عما سوف يسفر عنه اجتماع حلف الناتو حول الحادث، قال، "اجتماع الناتو لن يتجاوز العموميات... سيكتفون بدعم تركيا والوقوف إلى جانبها... سيكون هناك تغليب لصوت العقل". وعما إذا ما كان حادث إسقاط الطائرة الروسية سيقود إلى مواجهة شاملة في المنطقة يكون طرفاها روسياوتركيا، قال، "من المبكر جداً أن يكون هناك مواجهة شاملة في المنطقة... لكن روسيا سترد على حادث إسقاط الطائرة الروسية بطريقة ما، لكن كيف ومتى وأين؟ لا نعرف".
