باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    على خطى الاحتلال.. مليشيات الحوثي تهدم عشرات المنازل في ريف صنعاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة تحليلية في مقابلة هادي مع صحيفة "عكاظ" السعودية ..حاطب النار 2 – 3
نشر في اليمن اليوم يوم 12 - 03 - 2016

أكذوبة السيطرة على 85% من الأراضي اليمنية
في ضوء ما تقدم يمكن القول إن إصرار عبدربه على المبالغة في ما أسماها الانتصارات الكبيرة التي حققها العدوان السعودي على اليمن، يجسد مأزق الاتجاه السائد في السعودية حول عدم القدرة على تحقيق الأهداف السياسية والعسكرية لهذا العدوان الذي سيدخل بعد أيام محدودة عامه الثاني. ولا نبالغ حين نقول إن ذلك يفسر إدعاءه بأن حكومته العميلة تسيطر على 85% من الأراضي اليمنية وبضمنها العاصمة المؤقتة عدن بحسب تعبيره، وعجزه عن تقديم جواب مقنع للصحيفة عندما سألته عن سبب عدم عودة الحكومة والسفارات الخليجية والغربية إلى عدن طالما وأن حكومة عبدربه منصور تسيطر على 85% من أراضي اليمن. والحال أن القوات السعودية والإماراتية نجحت في احتلال المحافظات الجنوبية التي تبلغ مساحتها 347 ألف كيلومتر مربع، فيما يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة بعد انسحاب الجيش واللجان الشعبية منها وتسليمها لفصائل الحراك الجنوبي. والمعروف أن الجنوب يشكل ثلثي مساحة الشمال ويحتوي على مساحات واسعة من الجبال والصحارى والسواحل والرمال المتحركة، ويتميز بالمناخ الاستوائي الحار جدا وشحة الأمطار ونقص المياه الجوفية ومحدودية المناطق الحضرية والزراعية، على العكس من الشمال الذي تبلغ مساحته 137 ألف كيلومتر مربع، ويتميز بغلبة الطقس البارد وكثرة المناطق الزراعية والحضرية واستمرار الأمطار التي جعلت من أراضيه الزراعية وسواحله مراكز حضرية يكثر فيها السكان الذين يبلغ عددهم نحو 21 مليون نسمة تقريبا. وعليه فإن الزعم بأن القوات السعودية والإماراتية تسيطر على 85 % من الأراضي اليمنية يتجاهل الحقائق الطبغرافية والديمغرافية لمساحات الأرض وعدد السكان، ولا يعدو أن يكون سوى تهريج إعلامي في سياق البحث عن نصر إعلامي لا غير. في سياق متصل، اعترف عبدربه منصور بعجز جيوش الاحتلال عن ضبط الأمن في المناطق المحتلة على الرغم من قيام الحكومتين السعودية والإماراتية باستئجار عدة آلاف من جنود الجنجويد وبلاك ووتر وعصابات تهريب المخدرات في كولومبيا لضبط الأمن في الجنوب المحتل، والقتال في مقاولة دولية تحت مسمى (تحرير تعز)!! ولم يقدم الرجل تبريرا مقنعا لتزايد الفوضى والانفلات الأمني وانتشار الإرهاب وتمدُّد وتغوُّل الجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى ما تعانيه مدينة عدن وسائر مناطق الجنوب المحتل، من تدهور حاد في مجال الخدمات الضرورية التي يحتاجها المواطنون، وفي مقدمتها خدمات التعليم والصحة والاتصالات والمياه والكهرباء والنظافة والمشتقات النفطية والرواتب والمعاشات والإعانات الاجتماعية والإنسانية الجارية بموجب قوانين البلد الواقع تحت الاحتلال العسكري الأجنبي. تحاول قوى الاحتلال السعودي الخليجي، التهرب من مسؤولياتها بموجب القانون الدولي تجاه المواطنين في الجنوب المحتل، من خلال تسويق مغالطات إعلامية للتنصل من هذه الالتزامات القانونية تحت مسميات خادعة، لعل أبرزها (المقاومة الشعبية التحرير عودة الشرعية) بما يوحي بأن المملكة السعودية التي قادت ولا زالت تقود وتنظم وتموّل حربا من الجو والبر والبحر على اليمن تمكنت فيه من احتلال جنوب البلاد تحاول التنصل عن مسؤولياتها القانونية تجاه توفير احتياجات المواطنين في المدن والمناطق الجنوبية التي احتلتها بواسطة الغزو العسكري الجوي والبري والبحري، وإحالة هذه المسؤولية المؤقتة إلى قوى افتراضية من صُنع الاحتلال السعودي، تحت مُسمّى (الحكومة الشرعية والمقاومة الشعبية). تعد النصوص والقواعد التي تنظم الاحتلال، من المواضيع المهمة في القانون الدولي العام عموماً والقانون الدولي الإنساني خصوصاً، وذلك بالنظر لخطورة وأهمية الموضوعات التي يعالجها، ونظراً للمقاصد والأهداف التي ترمي أحكامه إلى تحقيقها. لا تعني دراسة هذه القواعد الإقرار بمشروعية الاحتلال، فهو وضع مؤقت غير مشروع بكل الأحوال، بل إن هذه القواعد في القانون الدولي تم تشريعها لأجل حماية وحفظ حقوق الأفراد وممتلكاتهم، عندما تكون تحت سيطرة سلطة محتلة، وهذا هو الوضع الذي يحدد كون دولة ما تحت الاحتلال تعد حالة واقعية فعلية، أي متى تتحقق شروط ميدانية على الأرض، تتحقق حالة الاحتلال مهما أسبغت عليها الدولة القائمة بالاحتلال من أوصاف لها، أو ما يمكن أن تناله من اعتراف، وهي أوصاف فشلت السعودية حتى الآن في تمريرها على المستوى الدولي !! وتبدو أهمية دراسة التزامات السعودية تجاه مدينة عدن المحتلة والجنوب المحتل عموما، بموجب القانون الدولي العام على النحو التالي : 1 / أن القواعد القانونية تتعلق من جهة بحقوق المدنيين تحت سلطة الاحتلال، بمعنى الحقوق التي قررها القانون الدولي بشكل عام، فضلاً عما أوردته الاتفاقيات الدولية والقواعد العرفية التي تحكم الاحتلال، من أهمها الحق في الحياة والأمن والصحة والغذاء والحقوق المالية التي تتعلق بمرتبات الموظفين ومعاشات المتقاعدين وإعانات المصابين بالأمراض المستعصية والمعاقين، وصولا إلى التعويضات القانونية المستحقة للبلد الذي وقع تحت سلطة دولة الاحتلال، مقابل ما نعرض له من دمار للبنى التحتية وقتل وسفك دماء المدنيين من الرجال والنساء والأطفال، في حالة الاحتلال الناتج عن حرب عدوانية تنتمي إلى الجيل الثاني من الحروب على دولة حرّة مستقلة ذات سيادة. 2 / تحدد هذه القواعد من جهة أخرى، كيفية تعامل سلطات الاحتلال مع السلطات الإدارية في البلد المحتل، حيث قررت هذه القواعد وأجازت لسلطات الاحتلال أن تَمارس بعض الصلاحيات على أراضي البلد المحتل، فلها الحق بممارسة بعض صلاحيات السلطة التشريعية لكن بأوضاع وشروط محددة، ولها أيضا أن تمارس مهام السلطة التنفيذية وبعض الصلاحيات على السلطة القضائية وتمارس أعمالها، وحددت قواعد الاحتلال لذلك شروطاً دقيقة، كل هذه الصلاحيات يجب أن تمارس وفق أهداف محددة، تتعلق بحماية وحفظ حقوق الأفراد وممتلكاتهم وممتلكات الدولة وأموالها وثرواتها. 3 / في حالة تعدد الدول القائمة بالاحتلال واختلاف جنسيات المحتلين سيؤدي إلى اختلاف الأنظمة القانونية التي تطبق عليهم، وتأثير ذلك في الجرائم والمخالفات التي يرتكبونها أو ما يمكن أن يعد كذلك والمسؤولية المترتبة عن ذلك، فضلا عن اختلاف الأوضاع الاجتماعية والثقافية وأثرها في سلوكهم مع السكان، فالتصرفات التي قد تعد في دول ما اعتيادية قد تعد في مجتمعات ودول أخرى انتهاكا لحرمة وخصوصية وضع اجتماعي أو ثقافي أو ديني معين، مما يجب مراعاته بموجب القوانين العسكرية لتلك الدول. 4 / أن أساس التزام السكان في الأراضي المحتلة بأوامر وقرارات سلطات الاحتلال والموظفين العموميين الذي تقوم بتعيينهم، هو أساس واقعي وليس قانوني بحكم سلطة (الأمر الواقع)، وعلى السكان طاعة هذه الأوامر حتى لا يتم تنفيذها من خلال القوة العسكرية، حيث يميل المحتل بشكل عام للمغالاة بل والتعسف في ممارسة هذه الاختصاصات. 5 / قد يظهر للوهلة الأولى من نصوص اتفاقيات جنيف أنها تتضمن إملاء واجب الطاعة على السكان في البلد، لكن وبنظرة دقيقة نكتشف أن القانون يملي حدود الطاعة التي يتوقعها من هؤلاء السكان ولا يمكن تفسيره إجباراً لغرض النيل منهم. 6 / وبالنظر إلى مصادر قواعد الاحتلال، نجد أن بعضها يستمد أساسه من القواعد العرفية، والبعض الآخر من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، فضلا عن المصادر التي تضمنتها القواعد العامة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. 7 / شهد مفهوم الاحتلال تطورا كبيرا في الوقت الحاضر لأسباب متعددة، منها قدم القواعد التي تحكمه، فقد مر على وضع قواعد لاهاي أكثر من مئة عام واتفاقيات جنيف أكثر من خمسين عاماً وقد استندت فكرة إعدادها إلى تجارب الحرب العالمية الثانية، وما نتج عنها من معاناة جراء الحرب والاحتلال، ولكن تطور وسائل الحرب الحديثة، وظهور الأسلحة ذات القدرات المدمرة وما تلحقه من خسائر كبيرة وهائلة بالمدنيين والمنشآت المدنية، وظهور دور للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن حول الموضوع، الأمر الذي فرض التزامات قانونية لا يجوز لقوى الاحتلال تجاوزها. 8 / هناك حاجة أيضا لملاحقة آثار الأضرار البيئية والإنسانية من جراء ارتكاب جرائم حرب وجرائم معادية للإنسانية واستخدام أسلحة متطورة ومحرمة دوليا، فقد تظهر الكثير من الآثار بعد مدد زمنية وفي الأجيال القادمة مما يتطلب الاستعداد لذلك ربما منذ الآن، وعلى وجه الخصوص في المناطق التي قصفتها طائرات العدوان السعودي بأسلحة محرمة دوليا، مثل القنابل النيترونية والفراغية والفوسفورية والعنقودية والحرارية في محافظة صعدة بأسرها، وفي الأحياء السكنية المحيطة بنقم والنهدين وعطان بالعاصمة صنعاء، وفي حي صالة ومدينة المخا والقرى المحيطة بميناء ذباب بمحافظة تعز، وخور العميرة ورأس العارة في محافظة لحج، وفي منطقة صيرة والعريش بمحافظة عدن، بالإضافة إلى بعض مدن وأسواق محافظة الحديدة.!! الحرب بالمقاولات لا نبالغ أن نقول في ضوء تحليلنا لأفكار هذه المقابلة الصحفية، أن عبدربه منصور وجنرالاته يلعبون دور (مقاولي الأنفار) في توفير وحشد مرتزقة محليين، مقابل أموال هائلة تدخل في جيوب أولئك المقاولين وتحار الحروب الداخلية وحساباتهم المصرفية في الخارج، وهو ما يفسر الانكسارات الهائلة التي تصيب المرتزقة المحليين في جبهات تعز وباب المندب ومأرب والجوف ومديريتي ميدي ونهم، وما يرافق تلك الانكسارات من خسائر في الأرواح والعتاد. يتناسى عبدربه منصور أن سلاح الجو السعودي اعتاد على شن ما لا يقل عن 400 غارة جوية خلال ساعات معدودة على موقع عسكري للجيش واللجان الشعبية في فرضة نهم لا تزيد مساحته عن عشرة كيلومترات مربعة، لدعم بضعة مئات من المرتزقة ومساعدتهم على التقدم، حيث اكتسب مقاتلو الجيش واللجان الشعبية خبرات قتالية غير مسبوقة في الالتفاف والحصار المضاد وتكوين كمّاشات ميدانية تنتهي بقتل واستسلام المئات من قوات المرتزقة، واستعادة الموقع الذي قصفته القوات السعودية بآلاف الصواريخ المتطورة ( جو أرض) التي تكفي لهزيمة جيش كبير واحتلال بلاده بضربات سريعة ومدمِّرة !! والطريف جدا أن عبدربه منصور تحدث عن السيطرة على منفذ ميدي البحري استنادا إلى بلاغات إعلامية تهريجية، بينما كان مقاتلو الجيش واللجان الشعبية قد التفوا بنجاح على الجيوب البريّة التي حاولت التسلل إلى مدينة وميناء "ميدي" بقيادة الجنرال الذي (سيمهِّد لكل شيء) بغطاء جوي أسطوري، حيث أسفر ذلك الصمود والالتفاف عن هروب علي محسن وقادته الميدانيين إلى العمق السعودي، واستسلام وأسر الكثير من المرتزقة، وتأمين سواحل وصحارى ميدي كلهاّ!! خلافات ميدانية يكشف عبدربه منصور جانبا من الخلافات الميدانية في أهداف كل من القوات الغازية السعودية والإماراتية على الأرض، حيث يزعم بأن السعودية تمدّ قوات مرتزقته بما تحتاجه في عدن والجنوب، بينما قدمّت له الإمارات 150 مدرّعة تم توزيعها على بعض الألوية، موضحا أنه طلب من حكام الإمارات الدخول في المعركة برّاً، لكنهم رفضوا واكتفوا بالقصف الجوي، على الرغم من أنه أبلغ الشيخ محمد بن زايد عندما قابله بأن المطلوب تدخل بري، وليس دعما بالطيران، بحسب قوله !! من نافل القول أن عبدربه منصور يمارس بكل خفة أكبر قدر من الكذب والمغالطات، متناسياً أن الإمارات تدخلتْ بريا في عدن ولحج وباب المندب وصافر وصحن الجن وجنوب وغرب وشرق تعز، وحرصتْ على تقديم تغطية استعراضية تليفزيونية لهذه التدخلات بهدف تضخيم قدرات ذلك البلد الصغير الذي لا يزيد عدد مواطنيه الأصليين عن 19% من إجمالي سكان الإمارات، بموجب إحصاءات رسمية ودولية. وبقدر ما حرصت الإمارات على الاستعراضات التلفزيونية لتدخلها البري، فقد كانت مضطرة لتقديم تغطيات استعراضية لتوابيت القتلى ومواكب الجرحى الذين تم دحرهم بواسطة القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية في معارك بريّة عديدة، انتهت بتدمير عشرات الآليات والمدرّعات ومصرع وجرح المئات من ضباط وجنود جيش الإمارات الذي لم يصمد أمام قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية، رغم مراهناتهم على الاستقواء بآلاف الغارات الجوية غير المسبوقة في تاريخ الحروب الحديثة. ولا ننسى أن دولة الإمارات العربية أرسلت قوات ومدرعات إلى مأرب، وسط حملة دعائية وحرب نفسية هدد قادتها العسكريون الميدانيون فيها
باقتحام صنعاء، وخيّروا أبناءها وبناتها بين الاستسلام أو الدمار الشامل عبر استعراضات تليفزيونية بثتها وسائل إعلام العدوان حينها. ومن الواضح أن عبدربه منصور نسي ما أعلنه حكام الإمارات العربية المتحدة يوم الثلاثين من نوفمبر عيدا وطنيا للشهداء، واعتمدوه يوم إجازة عامة. الغريب في الأمر أن هذا القرار ارتبط بإعلان قائمة بأسماء وصور قتلى الإمارات في اليمن ومن بينهم كبار القادة والضباط، وهي قائمة أدرك حكام الإمارات جيدا أن قوائم لاحقة ستنضم إليها إذا أصروا على مواصلة المشاركة البرية في العدوان على اليمن وانتهاك سيادته واستقلاله، وتدمير مقدراته وقتل وسفك دماء أبنائه وبناته من الرجال النساء والأطفال، ولم يسلم من مشاركتهم في هذا العدوان الآثم الجبل والحجر والشجر والطير والسابلة. مما له دلالة أن وسائل الإعلام في دولة الإمارات حرصت على شحن سكان الإمارات بمشاعر الكراهية ضد اليمن واليمنيين، فيما ظهر الشيخ سلطان القاسمي، أحد حكام الإمارات وهو يتحدث عن ضرورة (الثأر لشهدائهم)! المضحك أن أحدا من تلك القوائم لم يسقط في ميادين الدفاع عن أراضي وجزر وسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تقول أن إيران احتلتها في عهد الإمبراطور محمد رضا بهلوي، بل قُتلوا عندما كانوا يعتدون على سيادة وأراضي وجزر اليمن. كان ذلك أواخر شهر أغسطس 2015 الماضي، قبل أن يرد عليهم أبطالنا الميّامين في الميدان بموقعة (توشكا صافر) في الرابع من سبتمبر 2015، الذي دمّر أول دفعة من مقاتليهم وأعادها إلى بلادهم في طائرات نقلت نعوش 105 من قتلاهم، وطائرات إسعاف امتلأت بالمئات من جرحاهم. بعدها بحوالي عشرة أيام، تناولت وسائل إعلام العدوان على نطاق واسع خبرا كاذبا زعموا فيه أن قوات الإمارات والمرتزقة سيطرت على خولان، وأنها تتجه إلى صنعاء بمسافة لا تزيد عن 40 كيلومترا، فيما نشرت ماكينة الدعاية السوداء صورا مفبركة عبر القنوات الفضائية السعودية والخليجية ومواقع التواصل الاجتماعي. ولم يعد خافيا أن الإمارات لم تقدم 150 مدرعة فقط بحسب مزاعم عبدربه منصور، بل أنها قدمت للمليشيات الإرهابية والجماعات الانفصالية المسلحة مئات المدرعات، حيث اتضح أن أكثر من مائة مدرعة أصبحت في حوزة تنظيم (القاعدة) وتنظيم (أنصار الشريعة) وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)!! أبين والقاعدة أسرف عبدربه منصور في عرض كمية ضخمة من المغالطات حول واقعة سقوط أبين تحت سيطرة تنظيم (القاعدة) أثناء أحداث 2011، متجاهلا أن شقيقه ناصر منصور كان منذ انتهاء حرب 1994 حتى وقوعه أسيرا بيد الجيش واللجان الشعبية عام 2015م، المسؤول الأول عن جهاز الأمن السياسي في عدن وأبين ولحج، وهي المحافظات التي شهدت بعد تلك الحرب المشؤومة، عمليات تفريخ وتوطين للجماعات الإرهابية والأفكار التكفيرية بإشرافه شخصيا، إلى جانب علي محسن وغالب القمش وشقيقه ناصر منصور ومحمد الشدّادي ومحمد قحطان وعبدالمجيد الزنداني، وبعض المسؤولين في رابطة العالم الإسلامي التابعة لجهاز المخابرات السعودية !! في هذا الاتجاه يتجاهل عبدربه منصور أن مدينة زنجبار كانت واحدة من 17 ساحة (شبابية) أعلنت اللجنة التنظيمية لما كانت تسمى ثورة 11 فبراير عن وجودها في معظم محافظات الجمهورية.. وكانت ساحة زنجبار كلها تمثل مشاركة الجماعات الإرهابية التي زرعها ورعاها عبدربه منصور وعلي محسن في أبين ومختلف المناطق الجنوبية طوال الفترة من 1995 حتى 2011م. وفور سقوط زنجبار وجعار اختفت ساحة زنجبار (الثورية) التي كان ناشطوها يؤكدون عبر قناة (الجزيرة) القطرية أنهم لن ينسحبوا من الساحة إلا بعد سقوط النظام.. وقد انسحبوا فعلا بعد سقوط مدينتي زنجبار وجعار بأيدي مقاتلي (القاعدة وأنصار الشريعة)، وتحوّلوا إلى مقاتلين يرفعون الرايات السوداء تحت مسمّيات مختلفة تراوحت بين أنصار الشريعة واللجان الشعبية، بإشراف ناصر منصور هادي وكيل جهاز الأمن السياسي في محافظات عدن ولحج وأبين!! وفي سياق مغالطاته، حاول عبدربه منصور تقمُّص مكانةً نديَّة للرئيس السابق عندما كان نائبا له على غير الحقيقة حيث زعم أنه سأل الرئيس علي عبدالله صالح عندما سقطت زنجبار وجعار : (أين معسكرات المنطقة العسكرية الجنوبية ؟.. فأجابه : انسحبت) بحسب زعمه !! والمعروف أن معسكرات المنطقة العسكرية الجنوبية موزّعة بين عدن ولحج وأبين والضالع وتعز وأبين ولودر، فيما كان معسكر واحد منها موجودا في زنجبار وهو اللواء 25 ميكا بقيادة اللواء محمد الصوملي، بالإضافة إلى معسكر للأمن المركزي يتبع قيادة المحافظة المعروفة بولائها لعبدربه منصور، والتي انسحبت إلى دوفس فور الهروب الغامض لمحافظ أبين العميد صالح الزوعري قبل سقوط زنجبار، ما أدى إلى انسحاب أفراد المعسكر إلى منطقتي دوفس والكود بسبب تزامن هروب المحافظ مع ظهور عشرات الأطقم المسلحة التابعة لعناصر القاعدة، من المدارس السلفية والمزارع والقرى السكنية التي تم توطينهم فيها. وقد أبدى أفراد اللواء 25 ميكا بقيادة العميد محمد الصوملي صمودا أسطوريا في وجه حصار دام أكثر من شهرين، فرضه عليه مقاتلو أنصار الشريعة بهدف إسقاط المعسكر، فيما خرج اللواء 31 مدرّع بقيادة اللواء مهدي مقوله من معسكره في البريقة إلى تخوم عدن المحاذية لمحافظة أبين، والممتدة إلى منطقة العماد المجاورة للمدينة الخضراء في محافظة لحج، للدفاع عنها وحمايتها، ثم توغلت بعض وحدات هذا اللواء لعدة أيام داخل مدينة زنجبار حتى تمكنت من الالتحام باللواء 25 ميكا المحاصر في مشهد بطولي نادر المثال. ومما له دلالة أن محمد قحطان الرئيس الدوري للمجلس الأعلى لأحزاب (اللقاء المشترك) عام 2011، وجه رسالة خطية إلى الجنرال علي محسن يطالبه فيها بضرورة التدخل لوقف ما أسماها المجازر التي يرتكبها اللواء 31 مدرع في أبين بقيادة اللواء مهدي مقولة، والمجازر التي يرتكبها الحرس الجمهوري في أرحب ضد من أسماهم (إخواننا في أبين وأرحب )، كما أن اللجنة التنظيمية لما تسمى ثورة 11 فبراير 2011م، ومنابر المساجد التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون، كانت تدعو إلى مساندة من كانت تسميهم ( إخواننا في أرحب وأبين )، وتحريرهم مما كانت تسميه (بطش قوات النظام).. والمقصود بذلك وقف القتال الذي خاضه اللواء 31 مدرع بقيادة مهدي مقوله في مواجهة قوات (القاعدة وأنصار الشريعة) داخل مدينة زنجبار أثناء تقدم هذا اللواء نحو معسكر 25 ميكا المحاصر، كما كان المقصود أيضا وقف القتال الذي كان تخوضه وحدات الحرس الجمهوري في معسكر الصمع المطل على مطار صنعاء الدولي في مواجهة ميليشيات القاعدة والإخوان المسلمين في أرحب شمال العاصمة صنعاء. مقدمة أولى للتفكيك لا يحتاج القارئ إلى جهد كبير لإدراك انعكاس فشل العدوان السعودي في تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية، على فشل الحكومة العميلة لقوى العدوان في تحقيق أهدافها المتمثلة في مخرجات مؤتمر الرياض الذي انعقد بعد بضعة أسابيع من بدء العدوان !! يعترف عبدربه منصور بأن مشروع تفكيك اليمن إلى ستة أقاليم لم يعد ممكنا، لكنه يؤكد أنه من الممكن حتى الآن أن يتم تفكيك البلاد إلى ثلاثة أقاليم.. بمعنى أنه يقيم فرضيته الأخيرة على نجاح العدوان في احتلال الجنوب، والرهان على احتلال تعز، الأمر الذي سيساعد على تنفيذ مخطط بريطاني سعودي قديم أحبطه الإمام يحي من خلال التوقيع على اتفاقيتي 1934 مع كل من بريطانيا والسعودية، قضت بوضع الجنوب المحتل عهدة لدى بريطانيا، ووضع نجران وجيزان وعسير عهدة لدى السعودية لمدة أربعين سنة قابلة للتجديد بموافقة الطرفين. وكان الهدف الرئيسي من مشاركة القوات الجوية والبرية للجيش البريطاني في العدوان على المملكة المتوكلية اليمنية عام 1934 ونجاحها في احتلال الضالع والبيضاء ورداع، والالتفاف على إب من خلال التوغل في أطراف ذمار الجنوبية عبر رداع وبيت الكوماني، هو تفسيم المملكة المتوكلية إلى كيانين طائفيين زيدي وشافعي، بالإضافة إلى تقسيم الجنوب المحتل، حيث كان مخططا سلخ مدينة عدن عن اليمن والجنوب، وضمها إلى مجموعة الكومنولث، وتفكيك ما تبقى منه إلى كيانين جيوسياسيين شرقي وغربي. ولئن كان تلويح عبدربه منصور بامكانية المراهنة على تفكيك اليمن في المرحلة الراهنة إلى ثلاثة أقاليم، يوجه ضربة صادمة للنخب السياسية المناطقية والمأزومة التي تقاطعت نزعاتها المريضة مع أهداف العدوان السعودي، لكن هذا التلويح يشكل أيضا مؤشرا على أن قوى العدوان تخطط الآن للاكتفاء مؤقتا بالحد الأدنى (الممكن تنفيذه الآن ) بحسب تعبير عبدربه منصور، وهو تفكيك اليمن إلى ثلاثة كيانات جيوسياسية لوقف تداعيات الفشل السياسي والعسكري، والخروج من هذه الحرب بما يحفظ ماء الوجه !! الثأر القبلي اللافت للنظر أن عبده هادي كان يوجه رسالة إلى الحكام السعوديين الذين يحتلون عدن وجنوب اليمن عبر صحيفة سعودية بصفته عميلا لمستعمرين جدد، بعد أن كان عميلا قديما للاستعمار البريطاني، بحسب سجل القيد الوظيفي لملفه الشخصي في إدارة قلم المخابرات البريطانية في مستعمرة عدن على نحو ما سنأتي إليه لاحقا. ولعل ذلك ما يفسر حرصه على استخدام الكذب والتضليل والمغالطات في تجميل وجه الاحتلال البريطاني لعدن والجنوب المحتل سابقا، كمدخل لتجميل وجه الاحتلال السعودي الجديد حاليا.. ومن أبرز هذه المغالطات إدعاؤه " بأن الحكومة البريطانية اتخذت قرارا بإنهاء الثأر القبلي، حيث تم إنهاء هذه الثارات، ومن قتلَ أحدا كان يهرب إلى الشمال حيث الشعب متأخر 70 سنة ولا يزال يمارس الثأر حتى الآن دون أن تتدخل الدولة ". والحال أن الثارات الاجتماعية كانت واحدة من أبرز مخلفات الاستعمار البريطاني والنظام الأنجلوسلاطيني التي ورثتها الدولة الوطنية المستقلة، بعد أن أجبرت ثورة 14 أكتوبر الاستعمار البريطاني على الرحيل في الثلاثين من نوفمبر 1967م، وهو ما يفسر القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس قحطان محمد الشعبي في الأيام الأولى بعد الاستقلال، والذي قضى بوقف الثارات لمدة 30 عاما وتسوية النزاعات الناجمة عنها بضمان الدولة، على النقيض مما قاله عبدربه منصور عندما زعم زورا وبهتانا أن الاستعمار البريطاني هو الذي أصدر قرارا بمنع الثارات !! ومما له دلالة أن علي محسن وعبدربه منصور وضعا في صدارة ملف الجنوب الذي تحملا مسؤوليته بعد حرب 1994م، تشكيل لجان ميدانية لحصر قضايا الثارات القديمة قبل الاستقلال، والتي تم تجميدها في المحافظات الجنوبية بضمان الدولة لمدة 30 عاما تنفيذا للقرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس الأسبق قحطان محمد الشعبي في العاشر من ديسمبر 1967. ولم يكن الهدف من حصر تلك الثارات المجمدة هو حصرها، بل إحياؤها وفق سياسة (فرِّق تسد)، بهدف تمزيق النسيج الوطني وإغراق المحافظات الجنوبية بالنزاعات الداخلية بعد حرب 1994، وتمكين علي محسن الأحمر من ابتزاز المتضررين من تلك النزاعات والثارات القديمة التي انتشرت بسرعة ملحوظة بعد تلك الحرب. الدولة العميقة في سياق حديثه إلى صحيفة عكاظ يعترف عبدربه منصور بأن "الدولة العميقة" ليست من زمن الرئيس السابق علي عبدالله صالح بل من زمن الإمام يحيى، مشيرا إلى أن السبب في ذلك يعود إلى ما أسماه ( عدم تسريع ثورة 26 سبتمبر). في هذا السياق يتجاهل عبدربه منصور دور التدخلات السعودية منذ قيام ثورة 26 سبتمبر في الشؤون الداخلية لليمن، بهدف منع اليمنيين من بناء الدولة وفق أهداف الثورة اليمنية. لا يمكن أن ينسى اليمنيون دور التدخلات السعودية في إغراق اليمن بالحروب الداخلية والنزاعات الداخلية، وسعيها لشق الصف الجمهوري وتنظيم المؤتمرات الانشقاقية في داخل اليمن والسعودية، ابتداء بمؤتمر خمر 1965 ومؤتمر الطائف 1966، مرورا بالمصالحة مع الملكيين عام 1970، وانتهاء بالمؤامرات التي استهدفت طمس وتفريغ مبادئ وأهداف ثورة 26 سبتمبر، وعرقلة بناء الدولة بعد قيام الثورة، وقيامها باغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي عام 1977 بسبب نزوعه للتمرد على مطالب السعودية بالتوقف عن تطوير الجيش وتعزيزه بأسلحة حديثة، وتوجهاته لتحرير القرار الوطني من الارتهان للهيمنة السعودية. كما واصلت السعودية بعد اغتيال الرئيس الحمدي تآمرها على الرئيس علي عبدالله صالح بعد وصوله إلى الحكم عام 1978 بمختلف الوسائل الداخلية والخارجية، وصولا إلى دورها في إشعال حرب
1994 ودعم وتمويل كافة الأطراف المتحاربة قبل وأثناء الحرب، وتخريب الوحدة وتشويه صورتها بعد تلك الحرب. ولا يمكن أن ينسى اليمنيون دور عبدربه منصور بالتنسيق مع الأوليغارشيات القبلية والدينية ومراكز القوى العسكرية، في التمهيد لتلك الحرب وقيادتها ميدانيا، وإدارة مخرجاتها السلبية والمدمّرة بعد الحرب!! ولأني أعرف الكثير مما لا يعرفه بعض الناس عن هذا الرجل، فإني أزعم بعدم معرفته معنى (الدولة العميقة) وربما يكون قد سمعها أثناء لقاءاته مع قادة (الذراع السياسي لتنظيم الإخوان المسلمين) في اليمن ممثلاً في حزب التجمع اليمني للإصلاح، بعد أن شن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وفروعه في العالم الإسلامي حرباً إعلامية وسياسية ضد ما أسماها (الدولة المصرية العميقة) التي يعود تأسيسها إلى عهد محمد علي باشا، بما هو العدو اللدود للدولة السعودية الوهّابية، وتحميل "الدولة العميقة" في مصر مسؤولية التصدي لنظام حكم الإخوان المسلمين وإسقاطه بواسطة ثورة 30 يونيو 2013 الشعبية في مصر. ولعل عبدربه منصور سمع أن جذور "الدولة العميقة" في اليمن تعود إلى عهد الإمام يحيى بوصفه مؤسس أول دولة وطنية حملت الهوية اليمنية بعد تحرير شمال اليمن من الاستعمار العثماني الذي أبرمَ مع الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن اتفاقيتين لتقسيم اليمن في عامي 1905 و1914، حيث تم بموجب هاتين الاتفاقيتين المعدّلتين تقسيم الأراضي اليمنية المحتلة بين الأتراك والإنجليز. والحال أني سمعت الدكتور عبدالكريم الإرياني رحمه الله، قبل أن يصبح مستشارا سياسيا للرئيس التوافقي عبدربه منصور وجليسا دائما له، يردد فكرته الأثيرة عن إعادة جذور الدولة العميقة إلى عهد الإمام يحيى مؤسس المملكة اليمنية المتوكلية، دون أن يخفي رأيه في أن السعوديين وقفوا دائما ضد أي توجهات لبناء الدولة الحديثة، سواء في عهد الإمام يحيى أو في العهد الجمهوري، من خلال حرصهم على تسويق الشوكانية الوهابية في عهد الإمام يحيى، وصولا إلى تسويق الوهابية بشحمها ولحمها بعد المصالحة بين الملكيين والجمهوريين عام 1970 وذلك بهدف تكريس التخلف والعزلة عن العصر الحديث. وأتذكر أنني سألت الدكتور الإرياني عن أسباب تجاهله دولة الشطر الجنوبي الذي قامت فيه دولة عميقة تعود جذورها إلى عهود الحكم الاستعماري الأنجلو سلاطيني، ثم ورثها الحزب الاشتراكي اليمني بعد الاستقلال. كان جواب الدكتور الإرياني حصيفاً وذكياً كعادته رغم الاختلاف معه في محطات عديدة حيث أوضح أن الاستعمار بأسبابه وأهدافه، لم يكن حريصا على بناء دولة حديثة في الجنوب المحتل. ثم جاء الحزب الاشتراكي اليمني فأبقى على جذور التخلف التي ورثها من الدولة العميقة قبل الاستقلال، ثم قام فقط بطلاء قشرتها الخارجية ببعض الألوان الزاهية.. بمعنى أنه قام بإعادة إنتاج دور السعودية في الشمال ونقله إلى الجنوب بعد الاستقلال.. حيث عمل على تطبيق سياسات يسارية متطرفة ومدمِّرة عرقلت تطور الدولة والثورة في الجنوب حتى أصبح اليمن بشطريه في الهمِّ شرقُ !! وأتذكر أنني كنت ذات يوم في حضرة ابن عدن البار المستشار حسين علي الحبيشي رحمه الله، والذي كان قريبا جدا من رؤية الدكتور الإرياني بشأن إشكاليات " الدولة العميقة" في اليمن بشطريه. يرى المستشار حسين الحبيشي أن السمات (الرعوية) للدولة العميقة تشكل قاسما مشتركا بين الجنوب والشمال، خلال مائة عام قبل الاستقلال وخمسين عاما قبل الثورة.. وكان هذا الحديث في منزله بالعاصمة صنعاء قبل عشرين عاما !! وأضاف: "كان الإمام يحي يُعولُ دولته وجيشه وموظفيه وفقهائه من خلال نهب وإفقار الفلاحين وعموم المواطنين بالضرائب والإتاوات والواجبات الثقيلة، فيما كان الاستعمار يُعول الدولة والجيش المحلي والحرس القبلي في الجنوب من خلال دعم ريعي يقدمه من خزانة الحكومة البريطانية، مقابل المصالح التي يحققها وجوده العسكري في الأرض والبحر والجو". ويضيف المستشار الحبيشي : "بعد الثورة والجمهورية استمر الدعم الريعي للدولة الرعوية من قبل مصر والسعودية في مرحلتين متعاقبتين قبل وبعد 1970م في الشمال.. فيما واصل الحزب الاشتراكي الدعم الريعي للدولة وموظفي مؤسساتها البسيطة التي تعمل بخسارة في الجنوب، من خلال السياسات التقشفية والانكماشية، بالإضافة إلى الضرائب والمساعدات التي كان يقدمها الاتحاد السوفييتي مقابل الامتيازات التي يتمتع بها الأسطول السوفييتي في خليج عدن"!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.