بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة تحليلية في مقابلة هادي مع صحيفة "عكاظ" السعودية.. حاطب النار
نشر في اليمن اليوم يوم 11 - 03 - 2016

أثارت المقابلة الصحفية التي نشرتها صحيفة (عكاظ) السعودية مع الرئيس المنتهية ولايته وصلاحيته عبدربه منصور في عددها الصادر يوم 2 مارس 2016 جدلا واسعا بالنظر إلى خطورة ما جاء فيها من قضايا وإشكاليات، الأمر الذي دفعني إلى التمعُّن في قراءتها وتحليلها. وقبل أن ننتقل إلى مضابط هذه المقابلة الصحفية يتوجب الاهتمام بالمقدمة الصحفية المتميزة التي أفردتها صحيفة (عكاظ) لتلك المقابلة وما تضمنته من سيرة مزيفة لشخصية الرجل وتاريخه. أثار انتباهي في تلك المقدمة حرص الصحيفة على الإشارة إلى قضية هامة تُفسر توقيت نشر المقابلة وأهدافها. تقول الصحيفة إنه لم يكن سهلا عليها إقناع عبدربه منصور بالخروج من صمته، وتخصيص (بضع ساعات للإدلاء بحديث صحفي مطوّل، مشيرة إلى أنها ظلت تتابع عبدربه منصور للإدلاء بحوار صحفي لكنها كانت مهمة صعبة حتى وافق الرجل من تلقاء نفسه، واتصل بعد طول متابعة شاقة له، وأخبر الصحيفة بتجاوبه وترحيبه بالتحدث إلى "عكاظ"). ويوسع القارئ الذي سيتابع أفكار هذه المقابلة الصحفية وتوقيتها، ملاحظة حقيقة بارزة لا تخفى عن العقل، وهي أن عبدربه منصور يعيش مأزقا شخصيا مُكمِّلا لمأزق العدوان السعودي على اليمن، بعد أن شارف على تخوم العام الثاني دون أن يحقق أهدافه السياسية والعسكرية، بما في ذلك المناطق الجنوبية التي نجح في احتلالها والسيطرة عليها بعد انسحاب الجيش واللجان الشعبية منها في منتصف أغسطس 2015م الماضي. من نافل القول إن المناطق الجنوبية تشهد باعتراف مجلس الأمن الدولي والكثير من الدول والمنظمات الإنسانية تمدداً وتغوُّلا للتنظيمات الإرهابية التي تسيطر على محافظات عدن وحضرموت ولحج وأبين والشريط الساحلي الممتد من شقرة وأحور في محافظة أبين حتى سواحل شبوة ومدينة المكلا بمحافظة حضرموت، وسط عجز تام ومطلق لجيوش الاحتلال التي تتهرب عن القيام بمسؤولياتها القانونية تجاه الأراضي التي تحتلها، وعلى وجه الخصوص في مجال حماية الأمن وتوفير الخدمات والرواتب على نحو ما سنوضحه لاحقا. وزاد من مأزق العدوان السعودي على اليمن فشله الذريع في تحقيق أي تقدم في المناطق الشمالية، وتوالي هزائم عملائه في جبهات الحروب الداخلية التي قام بإشعالها وتسليحها وتمويلها وتوفير غطاء جوي لها على مدار الساعة ليلا ونهارا، وبصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب، بالإضافة إلى الخسائر المادية والبشرية والأخلاقية التي تكبدتها قوات الاحتلال ومرتزقتها في مأرب وتعز والجوف وميدي والطوال وباب المندب. وقد بلغ مأزق العدوان ذروته في تعالي أصوات الاستنكار والإدانة لجرائم الحرب والجرائم المعادية للإنسانية التي ترتكبها قوات العدوان والاحتلال السعودي والإماراتي من خلال استخدام الأسلحة المحرمة دوليا، وممارسة جرائم الإبادة الجماعية وتدمير البنى التحتية المدنية، وفرض الحصار الاقتصادي الجائر، بهدف تجويع وتركيع ملايين المواطنين والمدافعين الذين يواصلون صمودهم الأسطوري في وجه الماكنة العسكرية والإعلامية والخزائن المالية الضخمة لدول العدوان والاحتلال. لا ريب في أن الموافقة المفاجئة للرئيس المنتهية ولايته وصلاحيته على إجراء هذه المقابلة الصحفية، تُشير إلى إفلاس سياسي وأخلاقي عميق للحكومة العميلة وطابور الخونة والعملاء والمرتزقة الذين باعوا ضمائرهم وسخّروا أنفسهم لخدمة العدوان ومخططاته، وهو ما يستدعي تحليل مضمون نص المقابلة بأسئلتها وأجوبتها وأفكارها، وصولا إلى تدوير زواياها الحادة بما يساعد على الكشف عن المزيد من بواطن المأزق الراهن للعدوان السعودي، ومراهناته الخاسرة وأدواته العميلة وعلى رأسها الخائن عبدربه منصور. وقد حرصت في هذه القراءة التحليلية على تفكيك بنية النص وتبويبه وإعادة قراءته وصولا إلى التحليل الذي يتضمن في بنيته الداخلية استنتاجات ضمنية، على النحو الآتي: ثروة الرئيس السابق على النقيض من المعلومات التي قدمها سابقا إلى سفراء الدول العشر وفريق خبراء العقوبات الدولية وبعض وسائل الإعلام العربية والدولية، تراجع الرئيس المنتهية ولايته وصلاحيته عبدربه منصور عن (الفرية الكبيرة) التي ورّط فيها الرئيسة السابقة لفريق خبراء لجنة العقوبات عندما حاولت إقناع مجلس الأمن الدولي عام 2014 بأن ثروة الرئيس السابق علي عبدالله صالح الواجب تجميدها تبلغ 60 مليار دولار. وبعد مرور عامين على فرض تلك العقوبات بموجب القرار 2140 لعام 2014 فشلت اللجان الفنية التابعة لفريق الخبراء في الحصول على حساب مصرفي واحد في أي بنك داخل اليمن أو خارجه باسم الرئيس السابق علي عبدالله صالح. ولعل ذلك يفسر اجترار محرر صحيفة عكاظ لتلك المعلومات السمجة التي دأب عبدربه منصور على تسويقها بالتعاون مع أحزاب (اللقاء المشترك) حول ثروة الرئيس السابق، وتراجعه المثير للدهشة عنها، حين قام بنفي صحة السؤال الذي وجهته إليه صحيفة عكاظ حول ثروة الرئيس السايق، والتي وصفتها صحيفة "عكاظ" السعودية بأنها تتجاوز أموال البلد وتتوزع في 20 بلدا. وكان مفاجئا للصحيفة رد عبدربه منصور الفوري بأن ما قيل عن ثروة الرئيس السابق علي عبدالله صالح غير دقيق، وأنها ليست أموالا بل هبات وهدايا لا تتجاوز أربعة مليارات، كان يحصل عليها ثم يقوم بغسلها. ولئن كانت الإجابة تنطوي على نفي صريح لما قيل خلال العامين الماضيين حول هذه القضية، إلا أنها حُبلى بتناقضات تثبت جهل عبدربه منصور بقواعد غسيل الأموال التي تتم عادة بتدوير النقود المستحصلة من تهريب الأسلحة والمخدرات بدرجة رئيسية، وغسلها في أوعية النظام المصرفي.. ثم سحبها واستثمارها من جديد بصورة قانونية، وكل هذه العمليات يمكن رصدها وضبطها من خلال إجراءات مصرفية وأدوات قانونية ورقابية صرفة، ولا علاقة لها بما تُسمّى (الأموال المنهوبة) التي روّج لها عبدربه منصور وأحزاب (اللقاء المشترك) بعد ما تسمى ثورة 11 فبراير 2011م. وبقدر ما تعكس هذه الإجابة فقدان ثقة المجتمع الدولي بصحة المعلومات التي قام كل من عبدربه منصور وأحزاب (اللقاء المشترك) بالترويج لها إعلاميا، بقدر ما تعكس أيضا شعور الرجل بالانكشاف في واحدة من معاركه السياسية التي خاضها بهدف اغتيال الرئيس السابق معنويا وسياسيا. ومما له دلالة أن السفير المصري (المندوب العربي الدوري في مجلس الأمن) أكّد في كلمته أمام المجلس بعد اعتماد القرار 2266 (2016) على ضرورة أن يتعامل فريق خبراء العقوبات، بعد التمديد الثالث مع مصادر ومراجع ذات مصداقية حتى لا تسيء إلى مصداقية مجلس الأمن وقراراته. الترحيب ببناء قواعد عسكرية سعودية وتجنيد اليمنيين لحراسة الأمن السعودي تجاهل عبدربه منصور التاريخ الحضاري لليمن منذ آلاف السنين قبل تأسيس المملكة السعودية التي لا يتعدى عمرها سبعين عاما، حيث قال إن السعودية واليمن جسد واحد.. زاعماً أن حكومته العميلة تستعد الآن لتكوين جيش من (العساكر) يصل قوامه إلى 3.7 مليون شخص!! ويمضي عبدربه منصور في إهانة الشعب اليمني قائلا: "الله منحكم –اليمنيين- ثروة بشرية ولديهم استعداد ليكونوا عساكر، ولدي الآن ستة ملايين شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و28 سنة جاهزون، وتم تدريب مليون منهم، ويمكن الاستفادة منهم كما كانت تفعل بريطانيا في الجنوب.. كانت تتعاقد مع مليون لأربع سنوات، ثم تسرحهم وتتعاقد مع مليون آخر، وأنتم يمكن أن تستفيدوا من هذه التجربة، وتضعوا هؤلاء الشباب على الحدود السعودية الجنوبية لحمايتها ومنع تهريب السلاح والمخدرات". لا يمكن تحليل نص الكلام أعلاه والرد عليه بدون التعرف على حجم ونوع القوات العسكرية للاستعمار البريطاني والقوات المحلية التي أنشأها في المحميات الشرقية والغربية، لمساعدته في حماية الجنوب المحتل من الداخل في حقبة الاستعمار والاحتلال. قوات المحميات الشرقية استنادا إلى الكتاب السنوي لوزارة المستعمرات في لندن عام 1960، كانت قوات المحميات الشرقية تتكون على النحو التالي: جيش البادية الحضرمي (قوة تتبع إدارة المعتمد البريطاني في المحميات الشرقية) ويتكون من 924 فردا بينهم 37 ضابطا بريطانيا هنديا وأردنيا. قوة حراسة أميركان 469 فردا بينهم 16 ضابطا بريطانيا وأردنيا جيش المكلا النظامي (قوة تتبع السلطنة القعيطية) يتكون من 412 فرداً، بينهم 24 ضابطا من الهند. بوليس المكلا (الشرطة القعيطية المسلحة) ويتكون من 1864 فرداً، معظمهم من يافع. حرس الجمارك القعيطية ويتكون من 150 فردا معظمهم من يافع. حرس السجون القعيطية ويتكون من 35 فردا. الشرطة الكثيرية المسلحة وتتكون من 214 بينهم 9 ضباط بريطانيين. الحرس الواحدي القبلي ويتكون من 256 فرداً. الحرس القبلي لمشيخة بير علي ويتكون من 30 فردا. الشرطة المسلحة لسلطنة المهرة وتتكون من 120 فردا بينهم 12 ضابطاً بريطانياً وأردنياً، وكانت تتبع جيش البادية الحضرمي في الموازنة المقدمة من وزارة الدفاع البريطانية تحت مسمى (الجناح المهري). وقد تم دمج كل هذه القوات في ميزانية واحدة بعد عام 1961م. وفي عام 1966 أقدمت وزارة المستعمرات البريطانية على زيادة عدد ورواتب جميع قوات الجيش والقوى الأمنية في المحميات الشرقية، حيث وصل إجمالي عدد هذه القوات 8140 فردا. المحميات الغربية استنادا إلى الكتاب السنوي لوزارة المستعمرات في لندن عام 1960، كانت قوات المحميات الشرقية تتكون على النحو التالي: الحرس الحكومي ويتكون من 150 (بضمنهم عبدربه منصور هادي) وكان لهذه القوة 13 مركزا الولايات والسلطنات المحميّة، وجميعها كان مرتبطا لاسلكيا بإدارة قلم المخابرات البريطانية في عدن. القوات القبلية المعروفة باسم (شبرد) وتتكون من 1940 فردا. كانت مهام هذه القوة تتلخص قي حراسة الموظفين البريطانيين وضباط الاستخبارات البريطانية في المحميات أو القيام بالعمليات ضد التمردات القبلية بالتعاون مع القوات القبلية. كما توزعت مهام القوات القبلية على السلطنات والإمارات والمشيخات في المحميات الغربية بما لا يزيد عن 90 شخصا ولا يقل عن 50 شخصا لكل واحدة منها. وبحسب الكتاب السنوي لعام 1960 فقد وافق وزير المستعمرات البريطانية خلال 1958 1959 على توسيع الحرس الحكومي بعدد 600 جندي وذلك بموجب برقيته رقم 1440 بتاريخ 3 سبتمبر 1958 كما وافق في برقية الحكومة رقم 2301 بتاريخ 28 أكتوبر 1958، على تجنيد 400 جندي فقط في القوات القبلية ( شبرد) بإجمالي 1000 جندي وضابط. ومما له دلالة أن مهام هذه القوات المحلية كان يتركز في قمع الانتفاضات القبلية خلال الخمسينات والتجسس على العناصر الوطنية في المحميات، فيما تمحورت مهام جيش (الليوي) في الدفاع عن الحدود مع الحكومة المتوكلية في شمال اليمن قبل قيام ثورتي 26 سبتمبر 1962، و14 أكتوبر 1963. بعد تأسيس اتحاد إمارات الجنوب عام 1959 تم تحويل اسم الحرس الحكومي إلى (الحرس الاتحادي الأول وبلغ تعداده 2244، فيما تم تحويل قوات الحرس القبلي للولايات الست إلى قوة واحدة باسم الحرس الاتحادي الثاني وتعداده 1659 فردا. والطريف أن الكتاب السنوي لعام 1963 الذي صدر بعد عامين من إعادة هيكلة هذه القوات في المحميات الغربية والشرقية، أشار إلى إرسال بعض صف الضباط الصغار للتدريب في بريطانيا (وكان بين هؤلاء كما هو معروف عبدربه منصور) لكنه قال: 1/ (إن بعضهم لم يتلق التعليم الابتدائي الكافي باللغة العربية في المحميات الغربية والشرقية الأمر الذي حال دون استفادتهم من هذه الدورات التأهيلية في المعاهد العسكرية البريطانية، على الرغم من أنهم كانوا يتلقون تدريبا باللغة العربية على أيدي ضباط أردنيين شكوا في أن هؤلاء المتدربين لا يجيدون التحدث باللغة العربية الصحيحة)!! 2/ (إن فقدان التعليم الابتدائي في صفوف غالبية هذه القوات المحلية خطير جدا ويقف حائلا دون تطويرها في المستقبل، وخاصة في المجالات الفنية والإدارية والمناصب القيادية). ويكفي أن نستمع إلى عبدربه منصور هادي وهو يتحدث بلغة عربية ركيكة بعد أن تجاوز السبعين من عمره وبعد أن عاش تجارب طويلة، ثم نتخيل كيف كانت لغته العربية عندما كان يتدرب في بريطانيا على أيدي ضباط أردنيين وهو في الثامنة عشرة من عمره وبدون أدنى مستوى من التعليم العام وتجارب الحياة العامة!! في تاريخ 23 فبراير 1966 أعلنت بريطانيا سياستها الجديدة شرق السويس، وأوضحت أنها قررت إغلاق قاعدتها العسكرية في
عدن ومنح الجنوب العربي استقلاله في يناير 1968، وبعد ذلك وصل اللورد بيزويك إلى عدن ليحيط عملاءه من المستوزرين والسلاطين بما يلي: 1/ رفع رواتب ضباط الجيش والحرس الاتحادي. 2/ توسيع عدد قوات الجيش والحرس وتحسين مستوى التسليح لمواجهة المنشقين والإرهابيين، وكان يقصد بذلك مناضلي 14 أكتوبر. وبهذا وصل عدد القوات المحلية عشية الاستقلال إلى المستوى الحالي: الجيش النظامي في المحميات الغربية 5500 جندي وضابط موزعين على خمس كتائب عسكرية وكتيبة تدريب ومخازن للمستودعات وسرية سيارات مصفحة وسرية إشارات واتصالات عسكرية وسرية طبية. الحرس الاتحادي الأول ويبلغ عدد أفراده 2500 موزعين على ثلاث كتائب بواقع 550 فردا في الولايات. الحرس الاتحادي الثاني ووصل عدد أفراده إلى 2500 فرد من البوليس المسلح موزعين على عدد من مراكز البوليس في ولايات الاتحاد وعواصمها. بوليس عدن وكان يتكون من 1060 رجلا موزعين على إدارات الأمن العام والمرور والتحريات الجنائية وخفر السواحل بثلاثة قوارب والإطفاء وقسم البوليس السري (أمن سياسي). بوليس لحج ويبلغ تعداده 110 أفراد موزعين على مجالات المرور والإطفاء والأمن العام. ولدى فحص تركيب القوات المحلية في المحميات الشرقية والغربية فقد بلغ إجمالي عددها 19156(تسعة عشرة ألفاً ومائة وستة وخمسين) فردا فقط. كما كان عدد القوات البريطانية بعد نقل مقرها من الهند إلى عدن عام 1948 غداة استقلال الهند 60 ألف جندي وضابط بريطاني.. وبعد وصول 40 ألف جندي وضابط من القوات المصرية إلى الشمال غداة قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، زادت وزارة الدفاع البريطانية عدد قواتها في عدن إلى 80 ألف جندي وضابط.. ولم تكن بحاجة إلى قوات مليونية بحسب مزاعم عبدربه منصور في حديثه إلى صحيفة عكاظ. ولدى بحثنا في الوثائق العسكرية لوزارتي الدفاع والمستعمرات البريطانية لم نقف على مستند واحد يؤكد مزاعم عبدربه منصور بأن ثمة وحدات عسكرية أو أمنية محلية وصل عددها إلى مليون مجند كل أربع سنوات، كما لم نجد مستندا واحدا يوضح حجم الموازنات المعتمدة لهذه الوحدات المهولة التي لم تكن المهام الدفاعية والأمنية المحلية تتطلب وجودها، ناهيك عن أن عدد السكان القليل في عموم المحافظات لم يكن قادرا على توفير مليون جندي كل أربع سنوات، علما بأن عدد سكان الجنوب كان لا يزيد عن مليون وثلاثمائة ألف عشية الاستقلال، فيما بلغ عدد سكان الجنوب بعد استقلاله بثلاثة أعوام (1450000) -مليون وأربعمائة وخمسين ألف نسمة- في أول إحصاء لتعداد لسكان عام 1970 بتمويل من الأمم المتحدة وهيئة الجنوب والخليج التابعة لوزارة الخارجية الكويتية آنذاك. يتضح مما تقدم أن عبدربه منصور كان يكذب عندما زعم أن الاستعمار البريطاني قام بتجنيد مليون جندي يتم تسريحهم وتجديدهم كل أربع سنوات، لكن هذا العميل المبتذل كان يكشف استعداده للتضحية بكرامة اليمنيين وبسيادة واستقلال اليمن عندما رحّب بإنشاء قواعد عسكرية سعودية وخليجية في اليمن، مشيرا إلى أن حكومته تستعد حاليا لبناء جيش يصل قوامه إلى 3.7 مليون شخص، أي أكبر من جيوش مصر والسعودية ودول الخليج مجتمعة، في الوقت الذي لا تستطيع حكومته العميلة دفع رواتب الموظفين وصرف الموازنات التشغيلية للمؤسسات في المحافظات الجنوبية التي تسيطر عليها القوات السعودية والإماراتية !!؟؟ لا حظوا أن الرجل يمارس في هذه المقابلة الصحفية (فهلوة) غير مسبوقة في التاريخ السياسي والعسكري الحديث لليمن، حين يقول إن حكومته تخطط لبناء جيش يصل قوامه إلى ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف جندي، ولكنه نسي ما قاله أو تناقض بعد ذلك بقوله إن لديه الآن ستة ملايين شاب جاهزون وقد تم تدريب مليون منهم، ويمكن أن تتعاقد معهم السعودية لحماية حدودها، مثلما كانت بريطانيا تتعاقد مع مليون جندي كل أربع سنوات !!؟؟ يقيناً إن عبدربه منصور لا يكذب فقط بامتياز، بل ينسى ما قاله في سياق تلك المقابلة الصحفية بأن ما يُسمّى الجيش الوطني التابع لحكومته العميلة، أنجز خلال الأشهر الثلاثة الماضية تدريب (8000) -ثمانية آلاف- شاب مقاتل لا غير، من محافظتي تعز ولحج. ما من شك في أن الهدف من هذه الأرقام المتناقضة هو الحصول على المزيد من الأموال الحرام لإشباع شهية الجيوب المفتوحة، وتبرير صرف الملايين من الريالات السعودية التي قبضها عبدربه منصور ووزراؤه وقادته العسكريون والسياسيون الفاسدون، مقابل إسقاط كافة المحافظات بما فيها العاصمة صنعاء خلال الأسابيع الأولى من العدوان قبل حوالي عام.. حيث سبق لرئيس أركان جيش الحكومة العميلة الإعلان عبر القنوات الفضائية بأن حكومته انتهت من تجنيد مائة ألف جندي لتحرير مأرب وصنعاء وتعز بحسب زعمه، وهو ما لم يتحقق على الأرض بالرغم من الأموال الهائلة التي صرفتها السعودية لتشكيل جيش من المرتزقة المغرر بهم، والقذف بهم إلى مهالك الموت والجراح بدون رواتب أو علاج. القاعدة وداعش يتعارض كلام عبد ربه منصور مع حقائق الواقع.. فهو يعترف بوجود تنظيم "القاعدة"، ويزعم بكل وقاحة بأن "داعش" التي تنشط علنا في ظل الاحتلال السعودي الإماراتي، تابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح!! ويتسق موقف عبدربه منصور الذي ينكر وجود داعش في عدن والجنوب المحتل، مع التحفظ السعودي على الصيغة التي تقدم بها المندوب الروسي في مجلس الأمن كشرط لموافقته على القرار 2266 لعام 2016 بشأن تمديد ولاية فريق خبراء العقوبات لولاية جديدة تنتهي في 26 فبراير 2017م، حيث أعرب مجلس الأمن في ذلك القرار لأول مرة، عن القلق من الوجود المتزايد للجماعات المنتسبة لتنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم داعش، واحتمال نموّها في المستقبل، بالإضافة إلى إعراب مجلس الأمن في ذلك القرار عن قلق المجتمع الدولي البالغ إزاء التهديدات الناشئة عن النقل غير المشروع للأسلحة وتكديسها وإساءة استعمالها وخطر وصولها إلى الجماعات الإرهابية، وهذه التهديدات هي جزء من مخرجات وتداعيات العدوان السعودي على اليمن، وسبق للوفد الوطني التأكيد عليها في مشاوراته مع المبعوث الدولي، ومؤتمراته الصحفية. ناهيك عن إعراب مجلس الأمن في القرار 2266 لعام 2016 عن القلق لخضوع بعض المناطق في اليمن لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، بينما كان المجلس في قراراته السابقة قبل العدوان السعودي على اليمن يُعرب –فقط- عن قلقه من نشاط تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب على الأراضي اليمنية. كما يتسق ما جاء في حديث عبدربه منصور إلى صحيفة عكاظ، مع الموقف السعودي الرسمي الذي أنكر فيه وزير خارجية الحكومة السعودية عادل الجبير في بعض أحاديثه الصحفية، وجود داعش في المناطق الجنوبية التي تسيطر عليها قوات (التحالف السعودي)، ويتسق أيضا مع ما قاله عبدالملك المخلافي وزير خارجية الحكومة العميلة في حديثه إلى قناة (روسيا اليوم)، والذي نفى فيه أي وجود لداعش في اليمن أو ما أسماها (المناطق المحررة)، مشيرا إلى أن ما أسماها (وسائل أعلام الرئيس السابق والحوثي هي التي تروّج هذه الأنباء) بحسب زعمه!!؟؟ بالنسبة لي شخصيا ولغيري من الباحثين في المخرجات السوداء لحرب صيف 1994 المشؤومة، لا أستغرب ما قاله ويقوله عبدربه منصور وبطانته من المنتصرين في تلك الحرب حول وجود الجماعات الإرهابية في عدن والجنوب المحتل. كان عبدربه منصور وغيره من العسكريين الذي هربوا بعد ارتكابهم مجازر جماعية في عدن عقب أحداث 13 يناير 1986م، عبارة عن أوراق أمنية يجري استخدامها في بعض الملفّات التي أدارها وأشرف عليها الجنرال الهارب علي محسن قبل الوحدة، بصفته راعيا للتطرف والإرهاب في اليمن، ووكيل أنفار لإرسال مقاتلين يمنيين وعرب للجهاد في أفغانستان ودول البلقان والشيشان خلال حقبة الحرب الباردة وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تحت مسمّى (الأفغان العرب).. وسوف نأتي على تفصيل ذلك في موضع آخر من هذا التحليل. الاستقواء بالأجانب يتحدث الرئيس المنتهية ولايته وصلاحيته -بدون خجل- عن استقوائه بالأجانب والضغوط والتدخلات الخارجية، حيث يتباهى بأنه كان يستدعي السفير السعودي وبعض سفراء الدول العظمى ليلا ونهارا، ليطلب منهم بيانات من وزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، تُعلن تأييد هذه الدول لسلسلة القرارات الداخلية التي كان يتخذها، وهو ما ساعد على مصادرة سيادة واستقلال البلاد وإخضاعها للوصاية الأجنبية. ولا يخفي عبدربه منصور حرصه على ابتزاز السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ماليا وسياسيا من خلال رفع فزّاعة الخطر الإيراني على أمن واستقرار بلدانهم، وتوظيفه لمصلحة مشروعه الشخصي في مواصلة إنتاج الأزمات، وتمديد بقائه في الحكم، موضِّحا أنه قال للملك عبدالله بن عبدالعزيز أكثر من مرّة: (إن إيران لا يهمها أن تصبح دولة نووية، بقدر ما يهمها الوصول إلى باب المندب والبحر العربي وخليج عدن والعمق السعودي والخليجي)!! العلاقة الشخصية بالجنرال العجوز يعترف عبدربه منصور بأن علاقته الشخصية والسياسية بالجنرال علي محسن كبيرة ومتميزة، وهذا صحيح جدا منذ أن أصبح ملفا أمنياً بيد الجنرال علي محسن وغالب القمش بعد هروبه إلى الشمال على إثر المجازر الجماعية التي ارتكبها صباح يوم الاثنين 13 يناير 1986 في معسكري طارق والصولبان، وصدر ضده بسببها حكم قضائي بالإعدام. ويضيف قائلا: "هناك ثلاثة يحكمون اليمن: الشيخ عبدالله الأحمر، وعلي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر. وفي 2011 تخلى علي محسن عن علي عبدالله صالح، وانضم لأصحاب الساحة شباب الثورة". بوسع القارئ الحصيف اكتشاف الحقيقة العارية لعبدربه منصور بوصفه بيدقا على رقعة شطرنج يحركه علي محسن الأحمر في مختلف الحروب الداخلية التي خططت لها الأوليغارشيات العسكرية والقبلية والدينية التي كانت تشارك في حكم النظام السابق على نحو ما قاله عبدربه منصور أعلاه أثناء حديثه إلى صحيفة عكاظ السعودية مؤخراً، وهذا ما سنأتي على ذكره لاحقاً.. لكنه لم يقل لنا شيئا عن المحور الأوليغارشي الذي كان يمارس من خلاله مهامه كنائب للرئيس. بمعنى هل كان نائبا للرئيس السابق علي عبدالله صالح أو للشيخ عبدالله الأحمر أو للجنرال علي محسن؟ ولماذا تجاهل مشاركته في تنفيذ مخطط إشاعة (الفوضى الخلاّقة) في عام 2011 عندما أصدر توجيهاته إلى العميد عبدربه الإسرائيلي -المحسوب عليه شخصيا- بتسليم اللواء 115 في الجوف لحزب الإصلاح وأنصار الله في إطار خطة للزحف على صنعاء من محور مفرق الجوف مأرب، ومحور جبل الصمع المطل على مطار صنعاء أثناء أحداث 11 فبراير 2011. قرار تعيين الجنرال العجوز في معرض إجاباته على أسئلة متفرعة حول أسباب إصدار قرار بتعيين الجنرال العجوز علي محسن الأحمر نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو منصب غير دستوري، لأن الدستور ينيط برئيس الجمهورية –فقط- مهام القائد الأعلى للقوات المسلحة، علما بأن عبدربه منصور لم يشغل هذا المنصب غير الدستوري عندما كان نائبا لرئيس الجمهورية. وبوسع القارئ ملاحظة هروب عبدربه منصور إلى الأمام عندما سألته الصحيفة عمّا إذا كان تعيين الجنرال العجوز علي محسن في هذا المنصب يعتبر تمهيداً لمعركة صنعاء التي طبّل لها الإعلام السعودي منذ الإعلان عن بدء عملية (السيل الجرّار) في مأرب وعملية (القبضة الحديدية) في تعز أواخر أغسطس 2015م.. لكن عبدربه منصور فاجأ الصحيفة وقرّاءها بقوله: (إن هذا التعيين هو تمهيد لكل شيء). بمعنى أن العدوان السعودي الجوي والبحري مسنودا بالحروب البريّة من خلال مرتزقته المحليين، لم يحقّق (شيئا) على الرغم من مرور عام كامل من الفشل والإخفاقات والادعاءات والمغالطات، وكأن تنفيذ خطط القيادة المشتركة لعمليات العدوان لا يزال في طور التمهيد ليس فقط لمعركة صنعاء، بل (لكل شيء)!! وبهذا الصدد، لا يُخفي عبدربه منصور قناعته بأن معركة إسقاط صنعاء ستطول، لكنه يُعوِّل على ما أسماها (نظرية نابليون في الحصار والتطويق) دون أن يتحدث عن أن نابليون وغيره من القادة العسكريين في التاريخ القديم والحديث، لم يكونوا يعتمدون في معاركهم التوسعية أو الدفاعية اعتمادا مُطلقا على غارات سلاح الطيران التي تكاد تكون سلاح العدوان الرئيسي والمحوري في الحرب التي تشنها جيوش التحالف السعودي على اليمن أرضا وشعبا وتاريخا. ويعكس إصرار عبدربه
منصور على تطويل أمد معركة إسقاط صنعاء، تقاطع مصالح مرتزقة الرياض وتجار الحروب المستفيدين من الحرب التي تشنها السعودية على اليمن، مع مصالح بعض الأوساط الحاكمة التي تورطّت في إشعال هذه الحرب وتمويلها بالتنسيق مع دوائر أميركية اعترف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأن التخطيط والتشاور بشأنها استغرق شهورا عديدة في واشنطن، حيث كان ثمة اعتقاد بأن الحرب ستكون خاطفة ولن تستغرق سوى عشرة أيام ونيِّف. ولوحظ في هذه المقابلة حرص عبدربه منصور على تسويق تكتيك نابليون حول استسلام المدن الكبرى بواسطة الحصار والتطويق، لقطع الطريق أمام الاستسلام للضغوط الدولية التي بدأت تبرز بهدف وقف الحرب من خلال إثارة ملف الجرائم المعادية للإنسانية التي ترتكبها الحرب القذرة على اليمن، بعد فشل محاولات المبعوث الخاص للأمم المتحدة في رعاية مفاوضات سياسية بين الأطراف الداخلية في الأزمة السياسية اليمنية مرتين في جنيف على الرغم من تجاوب وتعاون القوى الوطنية التي تقاوم العدوان على الأرض مع الجهود الدولية المبذولة لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216. وتشير تصريحات ما يُسمّى وزير حقوق الإنسان في حكومة عبدربه العميلة للرياض حول رفض التسوية السياسية والإصرار على الحل العسكري، إلى وجود تقاطع مصالح مشتركة بين المرتزقة المحليين الذي اكتسبوا ثروات كبيرة من هذه الحرب على حساب أرواح ودماء اليمنيين من جهة، ومصالح تيار متشدد داخل النخبة الحاكمة في السعودية فقد القدرة على تحقيق نصر في هذه الحرب القذرة، ويخشى من تبعات الحل السياسي لها والذي أصبح مطلبا دوليا أكدت عليه مواقف وتصريحات وزراء خارجية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى. الثابت أن التطويق هو تكتيك وليس نظرية بحسب قول عبدربه منصور، وقد تم استخدام هذا التكتيك العسكري على مدار القرون المتعاقبة من جانب العديد من القادة العسكريين لعل أبرزهم رمسيس الثاني والإسكندر الأكبر وخالد بن الوليد وحنبعل وسون تزو وشكا زولو وفالنشتاين ونابليون ومولتكه وغوديريان ورونتشتيت ومانشتاين وجوكوف وباتون وهتلر وستالين ومنتغمري ورومل. ويعد الحصار أحد صور التطويق الخاصة والتي تُتيح فيه القوات المُحاصرة الفرصة لمهاجميها بالالتفاف حولها شريطة تواجد تلك القوات المُحاصرة داخل حصون حيث تتوافر الإمدادات والدفاعات القوية التي يصعُب اختراقها مما يمنحها القدرة على صد الهجمات المتتالية وبالتالي تفقد القوات المُهاجمة قدرتها على الاستمرار وتضطر للانسحاب. وبخلاف تكتيكات نابليون وستالين وهتلر ومونتغمري، انحصرت تكتيكات العمليات العسكرية لقوات العدوان السعودي ومرتزقتها في التقدم والتطويق من خلال الغارات الجوية التي ترتكب جرائم حرب وجرائم معادية للإنسانية على الأرض مما يزيد من تلاحم الجيش واللجان الشعبية والقبائل والمواطنين على الأرض، ويحفِّزهم على ممارسة التفافات مضادة على المهاجمين ووضعهم في حالتي انكسار أو حصار على نحو ما حدث في معارك مأرب والجوف ونهم وميدي وباب المندب وجنوب تعز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.