الأمير ورجل المخابرات والدبلوماسي السعودي تركي الفيصل، ابن الملك الأسبق فيصل، قدم مثلا ساطعا طازجا للعقل السعودي التعيس.. عقل يفكر بمؤثرات الخداع والضلالات والكذب والتعظم المزيف.. ولأن تركي الفيصل كان يخاطب أوباما رئيس أكبر دولة في العالم وخبير بالسلوك السعودي، فقد كتب ذلك المقال في جريدة الشرق الأوسط السعودية اللندنية، وعاتب فيه الرئيس أوباما عتابا لذيذا، وضمنه كثيرا من المسكنة، وكان ممثلا للعبيد السعوديين بين يدي سيدهم، وهم يذكّرون أوباما أنهم خدموا الأمريكيين ويخدمونهم خدمات سياسية ومخابراتية واقتصادية ومالية ونفطية بالمجان حينا، وحينا بأرخص الأثمان.. ولكن ليس هذا هو المهم عندي في المقال الذي كتبه الأمير تركي ردا على اتهام الرئيس أوباما للنظام السعودي بتصدير الإرهاب وإشعال المنازعات الطائفية، بل المهم كيف رد على التهمة الكبيرة..؟ لقد زعم الأمير تركي أن نظام آل سعود جعل التحالف الدولي ضد الإرهاب فعالا، من خلال الجنود السعوديين، بينما العالم كله يدرك أن السعودية لم ترسل أي جنود من جيشها إلى المناطق التي تحارب فيها الجماعات الإرهابية، لأن النظام السعودي يعرف أن جنوده سينضمون للجماعات الإرهابية تلقائيا، بحكم أن عقيدتهم وعقيدة تلك الجماعات واحدة، وهي الوهابية، والمشهور حتى لدى السعوديين أنفسهم أن مئات من الحرس الوطني السعودي ذهبوا إلى العراق بدون إذن وانضموا لتنظيم القاعدة بدعوى قتال الروافض الشيعة هناك، وأن جنودا سعوديين تركوا الخدمة وانتقلوا إلى سوريا ليقاتلوا في صفوف تنظيمات داعش والنصرة وجيش الفتح وجيش الإسلام.. وزعم الأمير تركي أن المملكة شكلت مؤخرا تحالفا يضم أكثر من 30 "دولة مسلمة" للحرب على الإرهاب، بينما تحالف المملكة هذا "سني" طائفي بحت، لتمزيق المجتمعات الإسلامية، ومحاصرة المسلمين الشيعة، بمن فيهم شيعة السعودية والبحرين.. وزعم الأمير تركي أن المملكة "تحارب أطياف الإرهاب في العالم"، و"تحارب العقائد المتطرفة"، فيا له من أمير ممازح في هذه! إذ المعروف أن الوهابية السعودية هي التي نشرت الإرهاب في العالم كله، والنظام السعودي القائم على العقيدة الوهابية هو الذي نشر العقيدة الوهابية المتطرفة والاستئصالية في مختلف بقاع الأرض بالنفط السعودي الكثير، وخلق المنازعات المذهبية في مجتمعات إسلامية لم تشاهد أي منازعات قبل وجود الوهابية وانتشارها.. الأمير تركي يتجاهل هذا كله، ويعتقد أن قارئه أحمق، ويتجاهل أن أمريكا والغرب الأوروبي يؤكد بصورة متكررة أن الإرهاب الذي يضرب في مدنه من صنع الشيوخ والمدارس والفتاوى والمعاهد والمساجد والمراكز السعودية-الوهابية.