عادت مشاورات الكويت أمس إلى نقطة الصفر ب"لاءات" وفد الرياض المعروفة، وفيما زعمت قنوات العدوان الفضائية (تعليق الجلسات المباشرة) نفى المبعوث الأممي حدوث ذلك. وقال ل"اليمن اليوم" مصدر مشارك في المشاورات إن الجلستين المباشرتين صباح ومساء أمس بين الوفد الوطني (المؤتمر وأنصار الله) ووفد الرياض بحضور المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ الذي طلب الدخول بموضوع الخلاف الجوهري المتمثل في السلطة التنفيذية، وصلتا إلى طريق مسدود، جراء تعنت وفد الرياض وتهربه من بدء النقاش الجاد للحلول، وتمسكه التام بأهداف ما تسمى (عاصفة الحزم). وزعمت قناة الحدث السعودية في نشراتها المسائية (تعليق المشاورات) إلا أن مصدرا في الوفد الوطني أفاد "اليمن اليوم" بأن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ اتصل بهم هاتفياً ونفى ما تناقلته قناة الحدث ووسائل الإعلام الأخرى. وأوضح المصدر أن الجلسة المسائية التي كان يؤمل منها إحداث انفراجة جديدة وتشكيل لجنة مصغرة للنقاش حول القضية الجوهرية (تشكيل السلطة التوافقية) وتحديد آليات عمل اللجان الفرعية الثلاث (السياسية، الأمنية، والإنسانية) لم تحمل سوى مراوغات وفد الرياض الهادفة إلى إفشال المشاورات. وأضاف: ركزت الجلسة المسائية على مناقشة نفس موضوعات الجلسة الصباحية، حيث واصل وفد الرياض إطلاق "لاءاته": لا لوقف الغارات الجوية، ولا لتشكيل حكومة توافقية قبل تسليم (الحوثيين) الأسلحة ومؤسسات الدولة إلى ما يسمونها "حكومة الشرعية"، فيما واصل الوفد الوطني تأكيده على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار، خاصة في ظل التصعيد الأخير المتمثل بعودة أعمال القصف والغارات، وكذا التحليق المستمر والمستفز من قبل الطيران، والزحوفات التي يقوم بها الطرف الآخر، مضافاً إلى ذلك أعمال التحشيد ونقل أسلحة ثقيلة ومعدات إلى أغلب جبهات القتال. كما شدد الوفد الوطني على أهمية مناقشة الأسس والمبادئ الخاصة بالحل السياسي، كمدخل حقيقي لتسهيل أعمال اللجان التي تناقش بقية المواضيع في ضوء الرؤية المقدمة من الوفد الوطني. ويرى الوفد الوطني أن وفد الرياض هو طرف حرب وخصم، وليس من المقبول أن يكون هو الدولة. مجدداً حرصه على المفاوضات "لكن لا نريد لها أن تبقى تدور في حلقة مفرغة". وشدد الوفد الوطني على أن القضايا التفصيلية لن تتقدم، إلا إذا تم الاتفاق حول الإطار العام، كي نؤسس لتقدم حقيقي وأن الدخول في التفاصيل دون حسم قضايا رئيسة سيجعل عمل اللجان معقداً، ولن يحدث أي تقدم. وحذر مصدر في الوفد الوطني من أن ما يحصل من تحليق للطيران وغارات استهدفت لجنة التهدئة في مأرب يهدد المفاوضات، ويجعل من المستحيل مواصلة العمل، خصوصا في ظل إنزال القوات المعادية من البر والبحر والجو، حيث يحصل تحشيد كبير، فالمطلوب أولا وقف هذه الأعمال الحربية، معتبراً الإنزالات من البوارج وقصف الطائرات أمرا خطيرا يهدد الحوار وينطوي على رسالة خطيرة. وختم المصدر بإبداء أسفه لردة فعل وفد الرياض تجاه التحشيد الأميركي في جنوب الوطن (مطبوع بالرضا) حيث أن المفروض أن يعترضوا (وفد الرياض) أيضا على تسلل القوات الأجنبية جوا والإنزالات البحرية في المدن اليمنية. وكان الوفد الوطني أثار في الجلسة الصباحية مجموعة القضايا الحساسة التي تمس بمستقبل اليمن، وأبرزها التحشيد العسكري الأمريكي في جنوب الوطن، وخصوصا ًفي قاعدة العند الجوية، وإنهاء مسألة الحصار والإجراءات التعسفية للمسافرين اليمنيين عبر مطار بيشة السعودي وعمّان الأردني، فضلا عن تثبيت وقف إطلاق النار في ضوء الخروقات المستمرة لقوى العدوان ومرتزقته. وقال مصدر مشارك إنه كان لافتا حالة الإرباك التي ظهرت على وفد الرياض برئاسة عبدالملك المخلافي، عند طرح التوغل الأميركي في الجنوب، حيث أنكر الوفد أي تواجد أمريكي في اليمن، رغم البيانات الصادرة عن البنتاغون، والتقارير الصحفية الغربية التي تؤكد التحشيد العسكري الأميركي. وبعد حشره بهذه الأدلة، ذهب وفد الرياض الى وصف تلك القوات بأنها تابعه لمن يصفونهم بأشقائهم في التحالف. وزاد إرباك المخلافي وفريقه عندما وجه لهم الوفد الوطني سؤالا عما إذا كان الأميركيون يستأذنونكم عند دخولهم العسكري إلى اليمن، أم أن أرض اليمن أصبحت مستباحة بإذن من شرعيتكم المزعومة، وذلك ردا على تكرار المخلافي دعوة الجميع إلى أن يسلموا بشرعيتهم. وقد بدا وفد الرياض عاجزا عن الرد على أسئلة الوفد الوطني، بل كانت إجاباته تحاول التستر على الاحتلال الأميركي أو تشريعه عند حشرهم بالزاوية. كما طلب الوفد الوطني من وفد الرياض إصدار موقف واضح من عرقلة المسافرين اليمنيين في المطارات الأردنية والسعودية وأن يطلب رفع القيود الاقتصادية التي نفذتها بعض البنوك الخليجية، مما يفاقم معاناة الشعب اليمني، لكن وفد الرياض رفض هذه المطالب، بل جاهر بأنه يعتبر الإجراءات السابقة جزءاً من أوراق قوته وأدوات الضغط على الشعب اليمني. وبشأن الغارات والخروقات رفض المخلافي أيضا صدور أي بيان يعترض على وقف الغارات، مكررا اعتبارها جزءا من أسلحته وأوراق قوته، ويرفض التخلي عنها. كما استمر في المراوغة والتهرب من مناقشة موضوع سحب سلاح داعش والقاعدة. وتوجه الوفد الوطني بالسؤال إلى وفد الرياض عن أسباب عدم تمكنهم من التواصل مع ممثليهم في لجان التهدئة المحلية خلال اليومين الماضيين، "أم أنه تم المجيء بكم فقط من أجل التصعيد في الإعلام، فيما لا سلطة فعلية لكم على الجماعات المسلحة على الأرض، والتي تعتدي على الشعب اليمني، أو أن الجماعات المسلحة لا تعترف بكم". وانتقل الوفد الوطني إلى موضوع تشكيل السلطة الانتقالية، مخاطبا وفد الرياض ب"أنكم إن كنتم أصحاب قرار ويهمكم الشعب ومعاناته، فتعالوا للاتفاق على خارطة طريق مزمنة، وسلطة توافقية، يحتكم إليها الجميع". وبعد موقف الوفد الوطني الواضح من أجندات الحوار، طلب المبعوث الدولي ولد الشيخ الدخول بموضوع الخلاف الجوهري، وهي السلطة السياسية. مقترحا تشكيل لجنة مصغرة لمناقشة هذه القضية الجوهرية، فتهرب وفد الرياض من نقاش مبدأ السلطة التوافقية، مجددا الزعم بأن حكومته هي السلطة الشرعية.