ملوحاً بعصاه في الهواء صارخاً الله أكبر في كل نكسة إنسانية وسياسية ووطنية تشهدها بلاده، ويتكرر المشهد حتى صار وجهاً لشخصيته الناجمة عن روح داعش الدموية، بل لا زال ملتبساً من منهما ألهم الآخر بالدعشنة، ولمن أسبقية الفضل في إشاعة القتل الجماعي للأسرى والحرق الجماعي والاغتصاب الجماعي . تولى عمر البشير ذو الخلفية الإخوانية مقاليد الحكم في السودان في فبراير عام 1989م بانقلاب عسكري على حكومة ديمقراطية منتخبة برئاسة الصادق المهدي، ولم يكد يمر وقت طويل حتى أصبح البلد الديمقراطي الوحيد في أفريقيا واحدا من أكثر دول القارة السوداء صراعاً واستبداداً في العالم. وخلال 26 عاماً لا يسمع المرء من أخبار السودان الشقيق سوى أعداد الضحايا، كم مواطنا قتل، وكم مواطنين أُحرقوا على يد مليشيا الجنجويد التابعة للبشير، وكم امرأة سودانية انتهك عرضها بقيام مليشيا الرئيس باغتصابها أمام رجالها المغلولين قبل إعدامهم حرقاً أو سلخاً. رئاسة البشير مثلت أول تجربة لحركة الإخوان المسلمين، وعكست منهجيتها القائمة على هوان الدم في سبيل البقاء على ظهر الناقة المخطوفة.. البشير كان خياراً متوائماً مع شروط الحاكم المتوحش، فخلال 15 عاماً جُرفت السودان من عصر التنمية والديمقراطية والصحافة الحرة والانتخابات والانفتاح على العالم، إلى عصر ما قبل الدولة.. وبإجماع عربي وإسلامي ودولي حصل البشير على لقب أسوأ رئيس دولة في العالم؛ كانت البلاد موحدة ومستقرة، يسود التعايش كافة التباينات الاجتماعية والإثنية، ثم انفجر كل شيء، صراعات ومجاعات وحروباً وانفصال الجنوب عن الشمال، في وقت يتحضر كل إقليم من الأقاليم الأخرى للانفصال عن عاصمة يحكمها العتل الدموي عمر البشير، الذي وصفته محكمة الجنايات الدولية ب (أفظع مجرم في تاريخ البشرية) وهو لقب مستحق لم يحزه من دون جهد، وإنما بتركة من أعمال القتل والإبادة والاغتصاب والتعذيب والتهجير القسري للمدنيين ونهب ممتلكاتهم. جدير بالذكر أن البشير هو أول مجرم متهم بكل صنوف أبشع الجرائم في التاريخ، وهي المرة الأولى التي تقوم فيها المحكمة الدولية بإصدار أمر بإلقاء القبض على رئيس دولة لا يزال في الحكم وعلى رقبته 300 ألف قتيل وتشريد أكثر من مليوني مواطن من سكان منطقة دار فور لوحدها. بالمناسبة.. استأجرت السعودية نحو (5) آلاف مقاتل من ميليشيا الجنجويد التابعة للبشير، وأرسلتهم إلى اليمن طمعاً في إشباع توحشها النازع لإهانة اليمنيين، وذلك عبر تكرار جرائم دارفور الوحشية، غير أن اليمنيين أعادوا إلى البائع النخاس عددا غير قليل من بضاعته جثثاً متفحمة، ولازالوا بصدد إعادة التصدير إلى المنشأ الأول، فليست اليمن دارفور، وليس البشير إلا حذاء في قدم ملك عاهر. اليمنيون كسروا الساق والقدم وأحرقوا الحذاء.. وهذا جوهر الموضوع.