لم أخف قط تعاطفي مع أية قصة نجاح لأي إنسان في هذه الحياة شق طريقه بمفرده أو بالاستعانة بالظروف المحيطة في بيئته، وتعامل مع التحديات التي تجابهه باعتبارها فُرصا حقيقة لإثبات وجوده وتميزه الإيجابي، وإبراز مواهبه ومهاراته في أي مجال من مجالات الحياة. والأخ باراك بن حسين أوباما هو أحد هؤلاء الرجال، الذي سجل لهم التاريخ الإنساني ذلك النجاح والتميز والحضور الباهر الذي يليق بمجتهدٍ نقش اسمه في سجل التاريخ الخالد في مسيرة وتطور دولة الولاياتالمتحدةالأمريكية. مسيرته المهنية في مجال المحاماة والقانون وكتاباته الرشيقة وخطاباته الجذابة وتمثيلية في الكونجرس الأمريكي وآخرها تبوؤه رئاسة أكبر وأغنى دولة في عالمنا المعاصر وهي "الولاياتالمتحدةالأمريكيةUnited States of America" تشهد له بالتميز بلا منازع، وكونه أحد أبناء المهاجرين المسلمين لطلب العلم من كينيا الإفريقية وهو الدكتور / حسين بن أوباما، الذي نهل العلم والمعرفة والثقافة من أروقة وصالات جامعة هارفارد ذائعة الصيت والشهرة، طبيعي أن أكون أحد المعجبين به، كونه كما يصف ذاته دائماً بأنه نصف أبيض من العرق الأوروبي ونصف أسود من العرق الأفريقي، وأنه نصف مسلم لأن والده مسلم، ونصف مسيحي بروتستانتي لأن أمه كذلك، وينحدر من الطبقات الأمريكية الفقيرة في بلدٍ فاحش الثراء، وينتمي إلى فكر وثقافة الحقوق المدنية التي تنادي بإزالة الفوارق العرقية والطبقية بين أفراد المجتمع الأمريكي الذي مازال مسكوناً بثقافة إرث العبودية والعنصرية المقيتة، ولم يتمكن من التخلص منها حتى اللحظة، ومن كل هذا الركام الهائل والتنافس الحاد في المجتمع لمع نجمه الصاعد وتجاوز كل التحديات، ليصبح أهم شخصية في أمريكا، كونه الرئيس ال 44 لأمريكا وغادر اليوم الجمعة 2017/1/20م ذلك الموقع ليعود إلى صفوف الشعب الأمريكي بكل طبقاته وتناقضاته وتحدياته. ترك المنصب المؤثر في العالم أجمع، وترك العالم العربي والإسلامي تحت وطأة سياساته الناعمة القاتلة التي مزقت الأمة من الخليج إلى المحيط. من يتوقع بأن هذا الرئيس قد عمل على تدمير عدد من البلدان العربية بسبب سياساته وحزبه (الديمقراطي). دعونا نعمل "جردة" حساب سريعة للنتائج والآثار التي تركها أوباما علينا بسبب قراراته المدمرة على شعوبنا العربية والإسلامية، ولكنها مغلفة بقفازات حريرية ناعمة. أولاً : أصدر أوامره للطائرات الدرونز "Drones" بدون طيار بقصف البلدان العربية، وكانت فترة حكمه أكثر الفترات فتكاً بشعوبنا تحت حجة ملاحقة الإرهابيين، لكن الضحايا من الأبرياء كانوا بالآلاف. ثانيا : في عهده ازداد انتشار ظاهرة التوسع الملحوظ لتنظيمات داعش والقاعدة في عالمنا العربي والإسلامي. ثالثاً : في عهده دَعَم وشجّعَ حركات التمرد والفوضى في الشوارع والساحات في عدد من البلدان العربية، بما أسمي آنذاك (بالربيع العبري) في كل من مصر وسوريا واليمن وليبيا وتونس، نتج عن هذه الفوضى (الخلاقة) والعارمة قتل مئات الآلاف وتشريد الملايين وتهجيرهم من مدنهم وأقطارهم التي كانت مزدهرة ذات يوم، وتدمير مقدرات الشعب العربي والتي تجاوزت التريليونا،ت وهي شقا العمر لهذه الشعوب. رابعاً : أما نحن في اليمن فذاكرتنا مازالت تحتفظ بتلك الصور الحية، وتلك اللقطات التذكارية التي سجلتها كاميرات الهواة والمحترفين للسيدة/ هيلاري كلنتون وزيرة خارجيته وهي تحتضن (الناشطات والنشطاء) من رموز الإخوان المسلمين واليساريين والمغرر بهم في ساحة التمرد بالقرب من جامعة صنعاء. خامساً : غادر اليوم البيت الأبيض (عش الغراب) ومازال العدوان على الجمهورية اليمنية مستمراً مُنذ ما يزيد عن 21 شهراً، وهي بمثابة إحدى جرائمه الحربية البشعة في العدوان على اليمن العظيم والتي لن يمحها التاريخ من سجله الإجرامي الأسود، ففي عهده شارك في الحرب علينا من خلال تزويد المملكة السعودية ودول الخليج العربي المُعتدية بأحدث الأسلحة، والاشتراك المباشر للجنود الأمريكان في غرفة العمليات الحربية لتوجيه الطائرات والبوارج البحرية والقطاعات البرية المُعتدية، وتزويد الطائرات المُغِيرة علينا بالوقود الذي تجاوز ال 80 مليون طن، كل ذلك مسجلٍ في رصيده الإجرامي على اليمن. نعم اليوم غادر سُدة الحكم غير مأسوفاً عليه، بعد أن زرع في عالمنا العربي كل تلك الفتن والضغائن والحروب والقتل والتشريد للمواطنين العرب طيلة ما يزيد عن سبعة أعوام، وسيذكره التاريخ أيضاً بأنه الرئيس الأمريكي الأكثر سخاءً في دعم الكيان الصهيوني بمليارات الدولارات الأمريكية كهبات مجانية، ليواصل ذلك الكيان الغاصب التنكيل بأهلنا بفلسطين المُحتلة، والله أعلم منا جميعاً. ? وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ? *رئيس مجلس الوزراء