نشر معهد ستراتفور البحثي تحليلاً في 3 مايو 2011 في أعقاب مصرع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أفاد فيه أن ذلك الحدث يمثل نقلة استراتيجية للولايات المتحدة تمكنها من إعادة صياغة توجهها الكلي بشأن الحرب الأفغانية، ويعطيها مزيدًا من الحرية في سحب قواتها من البلاد واستخدامها في مناطق أخرى من العالم. فيشير التقرير إلى أن هناك حدثان هامان وقعا في الفترة الماضية لفتا انتباه مؤسسة ستراتفور البحثية، أولاهما وأوضحهما هو إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الأول من مايو عن مصرع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. والحدث الثاني كان في 28 أبريل عندما أعلن أن الجنرال ديفيد بيترايوس، قائد القوات الأمريكية في أفغانستان، سوف يستبدل ليون بانيتا كمدير للاستخبارات المركزية الأمريكية. والحدثان معًا يخلقان الظروف المناسبة للرئيس الأمريكي بأن يوسع من قدراته على المناورة في الحرب على أفغانستان وفي النهاية يعيد تشكيل أولويات السياسة الخارجية الأمريكية. فالمهمة الأمريكية في أفغانستان كما وصفها أوباما هي تدمير تنظيم القاعدة، وبخاصة البنية القيادية التي أثبتت في السابق أنها قادرة على شن هجمات عابرة للحدود توقع عددًا كبيرًا من الضحايا. وبالرغم من أن القاعدة كانت قد أضعفت بصورة كبيرة في افغانستان وركزت في الفترة الماضية على النجاة فقط داخل باكستان ثم تنفيذ عمليات ذات معنى، إلا أن الفشل في اعتقال أو قتل ابن لادن كان يعني أن المهمة الأمريكية في حد ذاتها لم تستكمل. فمع مصرع ابن لادن، فيمكن للخطاب السياسي الأمريكي أن يتطور، وأن يزعم أن المهمة في أفغانستان قد تمت. وأثناء المؤتمر الصحفي للبيت الأبيض يوم الاثنين الماضي علق مستشار الأمن القومي الأمريكي جون برينان على مصرع ابن لادن قائلاً "إننا سوف نحاول أن نستفيد من ذلك لنظهر لشعوب المنطقة أن القاعدة أصبحت من الماضي، وأننا نأمل أن ندفن بقية تنظيم القاعدة مع مصرع أسامة بن لادن". فالجنرال بيترايوس كان مهندس استراتيجية مكافحة الإرهاب في أفغانستان، وكان يمثل الإرادة الأمريكية في المنطقة، والتعيين الجديد له كمدير للاستخبارات أنهى دوره العسكري، وبذلك فإن أوباما وضع جنرالاً يحظى بشعبية كبيرة على رأس الجهاز الإداري للوكالات الاستخباراتية، ومن المتوقع أن يتقلد منصبه في يوليو القادم، فمن مقر الاستخبارات في لانجلي، فإن بيترايوس لن يكون بعد الآن الصوت العسكري المؤثر على الجهود الحربية في أفغانستان، فأوباما يحتفظ ببيترايوس كعضو بارز في الإدارة في الوقت الذي يستطيع أيضًا أن يعزله. والخطوتان معًا تفتح الباب أمام اعتبارات هامة من أجل تسريع عملية سحب معظم القوات الأمريكية من أفغانستان، فالقيادة السياسية الأمريكية تواجه صعوبة في تشكيل استراتيجية خروج من أفغانستان بوجود بيترايوس في القيادة لأن الجنرال استمر في إصراره على أن الحرب كانت تسير بصورة جيدة، وبصرف النظر عن مدى دقة ذلك التصريح، إلا أن سمعة بيترايوس كرجل عسكري فذ كانت تجعل من الصعب سحب القوات بالرغم من اعتراضاته. والآن قد أزيح بيترايوس عن الصورة الأفغانية، وتم إزاحة ابن لادن أيضًا، ومع مصرعه يمكن للولايات المتحدة أن تزعم أن مهمتها في أفغانستان قد اكتملت، وبالرغم من أن الظرف سيظل يسمح بشن عمليات لمكافحة الإرهاب وبقاء القوات الخاصة المكلفة بذلك هناك، فإن الحاجة إلى وجود قوات أمريكية إضافية على الأرض هناك لم تعد موجودة. ومن الصعب أن نتجاهل حقيقة أن ابن لادن قد قتل ليس في أفغانستان بل في داخل عمق الحدود الباكستانية، ومع انتهاء المهمة الأساسية لعمليات مكافحة الإرهاب في أفغانستان، فإن مهمة بناء الدولة الأفغانية سوف تصبح غير ضرورية وغير أساسية. بالإضافة إلى ذلك، ومع زيادة التوترات في منطقة الخليج العربي مع بدء انسحاب القوات الأمريكية من العراق، فإن إنهاء الحرب في أفغانستان سوف تحرر القوات الأمريكية من أجل استخدامهم في عمليات في مناطق أخرى، ولذلك أصبح من الممكن للولايات المتحدة أن تنظر في الانسحاب السريع بصورة لم تكن ممكنة من قبل. إننا لن نقول أن مصرع ابن لادن والتعيين الجديد للجنرال بيترايوس لم يكن صدفة، ولكننا نقول أن اجتماع الحدثين خلق فرصًا استراتيجية وسياسية للولايات المتحدة ولإدارتها لم تكن موجودة من قبل، والاهم فيها هي إمكانية إحداث نقلة حادثة في الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان