* دخل الدكتور صالح باصرَّة قلوب الناس من بوَّابة ما سمِّي تقرير «هلال باصرَّة».. وصار عليه أن لا يغادر من بوَّابة مشروع تقسيم اليمن إلى دولة من ستَّة أقاليم.. ثلاثة جنوبية وثلاثة شمالية أو دولة من إقليمين لكل إقليم ولاياته الثلاث. * أمَّا لماذا هذه النظرة إلى باصرَّة ومشروعه، فلأنه يغفل حقيقة أن القضية اليمنية وفي قلبها القضية الجنوبية لم تكن بسبب شكل دولة الوحدة الاندماجي.. وإنَّما في طريقة إدارتنا للأمور في هذه البلاد، وغياب المعنى الحقيقي لمفهوم الدولة. * والمؤكَّد أن اليمن تحت أيّ مسمَّى وحدوي أو حتى انقسامي مرحلي بحاجة لأن يتجاوز تلبيس الجغرافيا والزمان كل الكوارث، والاعتراف بأننا نحتاج قبل كل بداية إلى التشافي من أزمة الضمير وأزمة العقول.. ولا بأس من فيدرالية تحفظ لليمن وحدته ولا تضع أحجار الأساس للردَّة وإن بصورة مرحلية. * ولولا أن الدكتور باصرَّة يحرص وهو يتحدَّث عن هذه القضية في سياق الإشارة إلى مهارات التفاوض والسقوف المرتفعة التي لا تمانع من الانخفاض احتراماً للواقعية.. لقلت بأن تقسيماً على النحو الذي نصَّ عليه هذا المشروع يجعلني شخصياً أفضِّل التشطير على التمزيق الذي من شأنه أن يدفع الجنوب وبعضه والشمال وبعضه إلى ما لا تشكر نتائجه. * ولقد كان الدكتور صالح باصرَّة شفَّافاً وواضحاً في الإعلان أن مشروعه لن يعجب الكثيرين في الحراك الجنوبي بذات اعتراض شماليين عليه.. لكن آخرين ممَّن ينتمون إلى حكومة الوفاق الوطني ومحسوبين جغرافياً على الجنوب يمعنون في الانشغال عن أعمالهم في حكومة باسندوة بمواقف سياسية تكشف عن حيرة وضع اليدين في صنعاء ووضع الأقدام خلفياً نحو موطئ كرسي في قادم الجنوب على نحو تباكي وزير الصناعة سعد الدين بن طالب على وثيقة العهد والاتِّفاق. * وَمَنْ يتابع مداخلات مؤتمر الحوار سيلاحظ المحسوبين جغرافياً على المناطق الشمالية وهم يتبارون في مزاد الإعلان عن تضامنهم الكامل مع مظلومية القضية الجنوبية، حتى ذهب بعضهم إلى أنه بالإمكان نقل العاصمة من صنعاء مع ثبوت أنها لم تعد تحوي «كل فنّ».. الأمر الذي عزَّز طرح القضية بألسنة المؤتمرين الجنوبيين الذين يمثِّلون نصف قوام مؤتمر الحوار. * اندماجية مطوَّرة.. أو فيدرالية محسَّنة.. رئاسية أم برلمانية.. فالثابت أن الناس في الجنوب والشمال يحتاجون لأن ينعكس أيّ شكل للوحدة على البلاد، هيبةً وقانوناً وعدالةً اجتماعية، لأنه لو كان الأمر مجرَّد تقسيم جغرافي أو حصص، لكان في جنوبية الرئيس ورئيس الحكومة ووزير الدفاع ما يكفي لأن ينام شارع الحراك الجنوبي في العسل.. لكنها رغبة الشماليين والجنوبيين في وحدة تنعكس خيراتها في وجوه أطفال ورجال ونساء لا يعانون من أمراض سوء التغذية. * وإلى أن تتَّضح الصورة الدالَّة على اقتناع الجميع بأن الخير العام هو في وطن موحَّد.. ستبقى اليمن عالقة بين خلافات أبنائها وبين حاجتها لأن تعالج ما أصاب إنتاجها من الأبناء العاقّين وإنتاجها من الطماطم المصاب بمرض استدعى تدخُّل الهولنديين!!