* قبل يومين - فقط - هربت إلى النوم متجنِّباً قناةً تحريضيةً حاقدةً ومذيعاً أهوج لا يحترم نفسه ولا عقول مشاهديه.. لكنني في صباح اليوم التالي جمعت ما تيسَّر من الصحف وأخذت أتصفَّح عناوينها بهوس أصابع المزمِّر. * وأن تكون بين يديك صحف كثيرة فالأمر يعني سيولةً شديدةً من التربُّص الإعلامي بعناوين لمواقف سياسية لسان حالها : نحن بالفعل أمام تمارين سياسية وإعلامية انتقالية لا تلتزم بالزي.. حيث يمكن اللعب بملابس رياضة الطائرة الشاطئية التي تكشف أكثر. * تصريحات سياسية تحت عناوين توحي كما لو أننا في مهرجان استعراض العنف اللفظي وليس في مخاض الحوار.. أمَّا بيت القصيد في المساجلات والرسائل فلا تعني إلاَّ دعوة هذا الشعب الطيِّب إلى عدم المبالغة في الرهان على هؤلاء الذين لا يتمتَّعون بجاهزية الدور الإيجابي.. وإنَّما المساهمة في الاحتباس الحراري وزيادة الضغط على ما «صوَّرة» المؤتمر الحواري. * القافلة تسير والكلاب تنبح.. بالأمانة هل هذا كلام.. وسياسي يشكو من آخر هدَّد بمفردات سبعينية مفادها «بانلحسه.. بانقبره.. باندقّه».. وأين؟ قالها في الفندق. وأكتفي بهذا القدر من عناوين المحتبسين الحراريين على ذمَّة صحف الصباح. * وهنا يتوجَّب التنبيه إلى أننا بالفعل في أمسِّ الحاجة لتجفيف مثل هذه السيولة وهذا التربُّص والانفعال الذي لا يجوز حتى لو كنا في تمرين سياسي انتقالي يطغى عليه خليط من الحالة الثورية والحوارية وحالة عدم اليقين. * وما زالت صحف يوم واحد تشدّ أذني وكأنني كامل الشنَّاوي في التراجيديا الغنائية «لا تكذبي». سباق ماراثوني حول مَنْ هو الأكثر اندفاعاً باتِّجاه فكّ «الرباط».. وفيما باسندوة يغادر بين تاعب وحانق والصريمة عند «لن أعود بدون تنفيذ الشروط» يعتكف شوقي بمسامير الأشول. * لا شيء واضح.. من الحوار إلى الخيام إلى العنف اللفظي إلى حالة الابتزاز المتواصلة لبلاد أنهكتها الأزمات والصراعات ووقفات الاحتجاج التي دفعت المؤتمرين إلى الاحتجاج على أبواب مؤتمر الحوار.. مرَّة من أجل الصيَّادين وأخرى من أجل ناصر النوبة وثالثة ورابعة وكلها لا تقود إلاَّ إلى سؤال : ماذا تعمل الحكومة عندما لا تعمل؟ وهل الحوار والسجال يعني تعطيل دور المؤسَّسات في حماية الناس ورعاية مصالحهم.. وكأنه لا أحد يريد إدراك أن الصراع في اليمن لا يدمِّر كبار المتصارعين وإنَّما يصيب المساكين والأبرياء ويدفعهم إلى التهلكة. * أوضاع تشير إلى مزايدات وصراع إرادات وتعبِّر عن انفعال وقسوة لا يتفوَّق عليها سوى عنوان أحد مقالات القاعدة تحت عنوان «كيف تصنع قنبلة في مطبخ أمّك!!».