أرأيتم الماضي السيئ؟. إنه صنيعة القوى التي تتحاور اليوم لتنقل اليمن أو لتنتقل معه إلى مستقبل أفضل. أرأيتم الحاضر الأسوأ؟. إنه صنيعة القوى التي تتحاور اليوم لتنقل اليمن أو لتنتقل معه إلى مستقبل أفضل. إن هذه القوى لن تنقل اليمن إلَّا إلى مستقبل أكثر سوءاً، وقد بدأت معالمه تلوح في الأفق، رغم المكابرة وجرعات التفاؤل التي لا داعي لها على الإطلاق. الانتقال إلى المستقبل بهذا الشكل وبهؤلاء المتحاورين لا يختلف كثيراً عن الانتقال إلى رحمة الله، ومن الآن يمكننا أن نقول: تغمَّد الله اليمن بواسع رحمته وألهم شعبه وذويه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون. ما الذي يدعو للتفاؤل وسط كلِّ هذه القيامة حتى أتفاءل، وما الذي يجعلني أراهنُ على من وضعوا البلد ومصالحه رهن مصالحهم الخاصة؟. والمشكلة أن مصالح كلِّ القوى المشاركة وغير المشاركة في الحوار، متعارضة بشكل شبه كُلِّي، والصالح العام آخر ما تفكر فيه، بل إن الصالح العام يتعارض مع مصالحها هو الآخر.. الحكاية: ظلمات بعضها فوق بعض. كلُّ طرفٍ يتصرف بناءً على ما يعرفه من نوايا الطرف الآخر لا على ما يعلنه، وكلُّ طرف يعلن شيئاً ويضمر الشيء النقيض تماماً، ونوايا جميع الأطراف سوداء وبنت ستين ألف كلب، والبلد من المهرة إلى صعدة يُصاغ على ضوء نفاق المواقف هذا الذي يقول إن التوجس سيد الموقف، وإن الوطن ليس نقطة التقاء. إن البقاء على الحال السيئ أفضل بكثير من الانتقال إلى المجهول وإلى احتمالات أفضلها أن نحافظ على الحد الأدنى من مقومات حياة يراها كثيرون أسوأ من الموت.. لا أدري هل هذه خلاصة لما تقدَّم أم مقدمة لموضوع جديد، لكن المؤكد هو أن التوافق بين قوى الداخل اليمني يشبه كثيراً التقارب بين الطوائف الإسلامية، لا وجود له إلا في الكتب والمؤتمرات، أما الواقع ففيه أشياء أخرى تماماً. والمؤكد الآخر هو أن البلد لن ينتقل إلى مرحلة أفضل إلا بقوى جديدة لا علاقة لها بكلِّ مآسي الماضي والحاضر وبكلِّ من يقفون وراءها.