يعد خفض دعم الطاقة مسألة حساسة سياسيا أمام الحكومة، حيث يعيش ثلث السكان البالغ عددهم 25 مليون شخص على أقل من دولارين في اليوم ويبلغ معدل البطالة نحو 35 %، لكن صندوق النقد الدولي يرى أن استمرار دعم الحكومة اليمنية لأسعار المشتقات النفطية يشكل مصدرا رئيسيا للقلق، خصوصاً بعدما لجأت الحكومة بطلب اقتراض 500 مليون دولار، لتمويل العجز المالي للموازنة، بعد تراجع مواردها، ما يضع المواطنين في مأزق يدفعون ضريبة تراخي السلطات من مهربي المشتقات النفطية المدعومة.. دعم اليمن للطاقة مصدرا رئيسيا للقلق وقالت نعمت شفيق نائبة مديرة صندوق النقد الدولي إن النمو الاقتصادي في اليمن مخيب للآمال وهو ما يجعل الدعم الحكومي للطاقة الذي يعادل نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي مصدرا رئيسيا للقلق، وأضافت أن الصندوق لم يقرر بعد حجم البرنامج الذي قدره مسئول بالبنك المركزي بنحو 500 مليون دولار حيث يعتمد ذلك على العجز المالي وحجم الأموال التي يمكن الحصول عليها من المانحين، وأشارت نعمت شفيق إلى أن هناك زيارة أخرى قبل أن نستكمل شيئا، آمل أن نتوصل إلى اتفاق بنهاية العام. ونقلت رويترز عن شقيق قولها يوم الثلاثاء الماضي أن الأمر يرجع حقيقة إلى اليمنيين ليقرروا سرعة انطلاقهم، مشيرةً إلى أنه ليس لدى الصندوق موعد نهائي لزيادة رفع أسعار الوقود، وأضافت: لكننا نريد أن نرى خطة واضحة بمرور الوقت تصل إلى مرحلة تكون فيها زيادة الأسعار مسألة أكثر تلقائية وأقل تسييسا. عجز الموازنة 2013م ويتوقع الصندوق أن يتسع عجز الميزانية في اليمن إلى 5.8 % من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام وهو أكبر عجز منذ 2009 ارتفاعا من 5.5 % من الناتج في 2012. الحكومة وفرت 800 مليون دولار وعلى الرغم من توفير الحكومة 800 مليون دولار من رفع دعم أسعار المشتقات النفطية في أبريل2012، إلا أن الخطة المالية للعام المالي 2013، تضمن زيادة في الإنفاق الحكومي في شكل يفوق معدلات نمو الموارد العامة. وعلى الرغم من رفع سعر لتر البنزين إلى 125 ريالاً، والديزل إلى 100 ريال، إضافة إلى تعديل أسعار الوقود للمصانع والشركات النفطية، إلا أن أسعار تلك السلع أُبقيت منخفضة بفضل الدعم الحكومي الكبير لها، والذي وضع عبئا ماليا ضخما على عاتق الدولة وشجع الفساد، ولم تنجح الحكومة في الحد من عمليات تهريبه، أو احتكاره في السوق السوداء، وإحكام الرقابة على سلوكيات شركات النفط والمصانع، أكثر المستفيدين من دعم الحكومة لأسعار الوقود، ومازال دعم أسعار الوقود يستغل من قبل (لصوص الدعم)، الفاعلين في النخبة الاقتصادية، وبالتحديد ساعد نظام دعم الأسعار على نفخ خزائن أولئك الأفراد المتنفذون والمتورطين في تهريب الديزل. ويقدر خبراء اقتصاديون أن نحو نصف المشتقات النفطية المدعومة والتي تكلف الدولة 5 %من الناتج المحلي الإجمالي تتدفق إلى عصابات التهريب، بحسب الورقة البحثية للسيد بيتر سلزبري في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المعنونة (اقتصاد اليمن النفط والواردات والنخب)، الأمر الذي يجعل المواطن الخاسر الأكبر في هذه القضية. غياب الإصلاحات الاجتماعية ولذلك لم تفعل الحكومة أي إصلاحات بعد التجميد الجزئي لأسعار البنزين، لشبكات أمان اجتماعية لضمان عدم الإضرار الشديد بسكان البلاد الأضعف اقتصاديا، ويرجح ذلك لضعف قدرات وكفاءة الحكومة الحالية، ما جعلها تولد مشكلات بالغة التعقيد، تفاقمت في قطاعات اقتصادية مثل الزراعة وقطاع الصيادين والنقل. 348 مليار ريال دعم المشتقات النفطية 2013 ويشكل دعم المشتقات النفطية الجزء الأكبر من الدعم الحكومي في الموازنة العامة للدولة، على الرغم من زيادة الإنفاق الحكومي في شكل يفوق معدلات نمو الموارد العامة، وتراجع موارد تمويل عجز الموازنة من مصادر محليه آمنة وغير تضخمية. وبلغت القيمة المقدرة لدعم المشتقات النفطية في موازنة 2013، 348 مليار ريال نحو 1.6 مليار دولار بزيادة 40 مليار ريال عن العام الماضي، ما يرفع نسبه الدعم إلى النفقات العامة من 11.6% عام 2012 إلى 12.6 % خلال العام الجاري. وكان البيان المالي لموازنة هذه السنة، حدد تثبيت سعر برميل تصدير النفط عند مستوى العام السابق البالغ 75 دولاراً، بسبب ارتفاع كميه الاستهلاك المحلي من المشتقات النفطية المقدرة للسنة الحالية، في الوقت الذي تراجعت حصة الحكومة من الصادرات النفطية بنسبه 18.6 %. وفي حال خضوع الحكومة لاشتراطات صندوق النقد الدولي فإنها ستضاعف من تكاليف معيشة الناس المتدهورة أصلاً، حيث تنفق حالياً الأسرة الريفية العادية متوسطة الدخل 55 % من مجموع دخلها على الغذاء والماء والطاقة، فيما شريحة الفقراء والمتمثلون بنحو 43 % من السكان فينفقون 70 %.