مررتُ صباح أمس من شارع الستين، وحين وصلتُ إلى جسر مذبح فاجأني ابني مصطفى بسؤاله: يا بابا أين هي حديقة 21 مارس؟ التفتُّ شمالاً وأشرتُ له إلى باب الفرقة الأولى مدرع، وقلت له هذه هي الحديقة، والعسكر المتواجدين بداخلها هم الآن يلمُّون أغراضهم.. كان السؤال عن موقع الحديقة وليس عن الفترة الزمنية التي ستستغرقها لتكون حديقة بالفعل. كلُّ أطفال صنعاء يؤمِّلون أن يقضوا إجازة العيد في هذه الحديقة، مستحيل أن يكون عيد رمضان، لكننا سنعدهم أن يذهبوا إلى الحديقة في عيد الأضحى.. ورغم ذلك نخشى أن يقوم الأطفال بتحميل آبائهم مسئولية بقاء أفراد الفرقة الأولى مدرع، وعدم الإسراع بتنفيذ مشروع الحديقة وتشجيرها. ستكون الحديقة رئة تتنفَّس بها صنعاء، بدلاً من القذائف ومستودعات البارود والصواريخ، وستكون وسيلة للحياة بعد أن كانت حاضنة للدبّابات والمصفَّحات. ربما يكون تحويل المعسكر إلى حديقة فكرة مرعبة عند من اعتاد على رؤية ساحة الفرقة مليئة بالأطقم العسكرية وهي تتجوَّل بكلِّ نشاط كأنها عصافير تبحث عن رزقها.. لكنه سيجد أن تنفيذها قد تأخر ثلاثين سنة، على الأقل، وسيعرف حجم الحرمان الذي يعيشه الأطفال حين يرى فرحتهم تملأ سماء الحديقة بالفراشات الملوَّنة، بعد أن كان البارود هو اللون الوحيد الذي صبغ الأشجار والهواء والقلوب، وفاض على كلِّ شيء. ليس صعباً أن يتم تجهيز هذ الحديقة حتى عيد الأضحى، إن توافرت النيَّة.. فهناك مشاريع عملاقة يتم بناؤها في فترة أقل.. ولن نستبعد -بعد عيد الأضحى- أن يجتمع أطفال صنعاء ويذهبوا في مسيرة حاشدة إلى باب بيت الرئيس عبدربه منصور هادي، لينصبوا خيامهم، رافضين العودة حتى تتحقق مطالبهم بتنفيذ القرار الجمهوري بتحويل الفرقة الأولى مدرع إلى حديقة.. لأن هذه الحديقة هي وطن بالنسبة إليهم.