شوارع "تِلْمع!" أيُعقل هذا!.. وبدون مخلفات! الجسور في الطرقات بدون"قراطيس ومشمعات"! أين "القمامة هنا" اعتدتُ رؤيتها في ذهابي وإيابي.. "الأكوام المتعفنة اختفت وحلَّ محلَّها "مجسَّم فني رائع" ما الذي يحصل؟ وماذا جرى؟! أهذه صنعاءُ التي حوت كلَّ فن!! أزال اليمن الحُلُم! ولا تشكي على اللِّي يبكي.. فالحقيقة أصعب من الخيال. الحروب أرهقت شوارعنا وأذاقتها المرًّ، شَهِدَ اسفلتها أسوأ مآسينا، وخطى جنائزية، ضحايا ثورة خطفوها القبائل، دمارٌ حلَّق هنا، واستقرَّ هناك، آثار المدافع والرشاشات والمتاريس شوَّهت شوارعنا، ومناظر مبانينا ومنشآتنا، عدا الجثث التي تعفَّنت دون أن تجد من يحترم "حرمتها" بمواراتها التراب، لأن الخصومة أهم وأقوى من "حُرمة الميت"! وكم شهدت شوارعنا هروب الأفواج المفزوعة من الهلاك الوشيك، وكم هجرت أُسر شوارعها إلى أخرى بعيدة عن مصادر القلق والخوف المسيطر عليها.. خراب، مسيرات، تنديد، ومعارك بشرية بالأيدي والأقدام وبالنار سالت فيها الدماء اليمنية وترملت النساء ويُتِّم الأبناء!! قتلى وجرحى بالمئات قرابين للحزبية أو للمشيخة!!، كل هذا وأكثر حصد مشاعرنا واستنزف خيرة ما عمَّرنا لسنوات عدة ! تعليقات جدارية.. "شخبطة" تنفيسية تملأ الجدران، جُعلت مساحة مجانية لحريتنا المشروعة تُعبر عن ردود أفعالنا السلمية!! وهنا سؤالٌ يطرح نفسه: هل من الأدب والأخلاق الديمقراطية أن تُجعل تلك الكباري والجدران المحترمة مساحة للشتيمة وقلة الحياء!! كم أسعد الجميع خبر تحويل مقرّ معسكر الفرقة الأولى مدرع بأمانة العاصمة ليكون حديقة عامة تسمى "21مارس"، وكم أسعد الشارع هذا الخبر!!، وكم سنسعد أكثر عند تنفيذ هذا المشروع فعلياً!! حتى يستبدل الرصاص والنار بمعنى رائع كالورود والزهور، وسيرتادها الكثير من الأسر للترفيه عن أنفسهم وشمّ الهواء النقي بدل الهواء المعكَّر برائحة البارود!! وبدل الطائرات المخيفة ستحلِّق الطيور الجميلة مع الكثير من الآمال بزوال الدمار عن الأوطان.. شوارعنا أرض المعارك، لماذا لا نجعل منها بداية مشوارنا السعيد لرؤية حضارية مستنيرة!! لماذا لا نشهدها أفضل ما فينا، بعد أن شهدت منَّا الأسوأ! لماذا لا نقدم لها اعتذارنا، فقد ظلمناها وظلموها كثيراً، شوهناها وشوهوها كثيراً.. - أحيي أمين العاصمة على جهوده الملموسة في تنظيم شوارعنا، كما نتمنى على عمَّال النظافة- والذين مارسوا التمرد والإضرابات حتى حصلوا على تثبيتهم- أن يكونوا أوفياء.. والخطاب إلى جميع المعنيين.