صادقت حكومة باسندوة يوم أمس الأول الثلاثاء 11/06/2013م بطريقة مسرحية على الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وكذا على الاتفاقية الدولية الخاصة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية...الخ . اهتمام باسندوة بالقضاء الأممي يمكن ترجمته بوضوح من خلال قياس مدى إيمانه بالقضاء الوطني الذي فقد فاعليته واستقلاليته المفترضة بعد قيامه.. أي باسندوة.. وزبانيته الأسبوع الفائت بالدوس على قراراته والإفراج اللاقانوني عن المتورطين بتفجير جامع النهدين بهدف وأد الحقيقة وطمسها. وهو ما ينطبق أيضاً على مبادرة حكومته السامية في التصديق على اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء والتي جاءت تتويجاً بطبيعة الحال لنجاح مليشياته القمعية في خطف وإخفاء العشرات قسرياً ممن نجوا من مذبحة الأحد الدامي التي أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن أحد عشر قتيلاً على الأقل من المتظاهرين برصاص الأمن القومي وإصابة أكثر من مائة جريح في واقعة دموية عكست وبشكل جلي الطبيعة الدموية والإقصائية التي تحكم سلوك حكومة باسندوة الضعيفة أصلاً ،والمهيمن عليها من قبل تحالف اليمين الديني والعشائري ممثلاً بعلي محسن الأحمر وتكفيريي حزب الإصلاح. . ما حدث صبيحة يوم الأحد الفائت 09/06/2013م ضد الجموع المحتجة سلمياً أمام مبنى جهاز الأمن القومي يرقى ولا شك إلى مصاف الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية بمقتضى نصوص القانون الدولي الإنساني كون المطالب الشعبية بحل جهاز الأمن القومي اتسمت أساساً بالطابع السلمي والمشروعية المطلقة قياساً بطبيعة الرد الوحشي والهمجي الذي قوبلت به من قبل السلطات الأمنية لحكومة مختلة نجحت في بلوغ سدة الحكم على ضوء إفراطها إبان الأزمة في التبشير اليومي بقيم الحرية المدنية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. إلى الحد الذي يدفعني إلى التساؤل ماذا لو أن النظام المنقلب عليه نظام الرئيس السابق صالح بادر آنذاك إلى استخدام الحد الأدنى من تلك الوحشية التي تنتهجها اليوم حكومة باسندوة ضد المحتجين.. لما قبل الانقلابيون حينها بأقل من محكمة لاهاي لمثول صالح ونظامه لمحاكمتهم وإدانتهم كمجرمي حرب إن جاز التعبير!! . وبالنظر إلى الطبيعة الدموية التي تعاطت بها المليشيات الأمنية لحكومة الوفاق مع متظاهري يوم الأحد ،ومقارنتها بالموقف العدائي السافر الذي اتخذته حكومة باسندوة ضد ضحايا المجزرة بالتوازي في الوقت عينه مع ذات الموقف الإلغائي الذي ميز أيضاً موقف أعوانها من تكفيريي حزب الإصلاح الذين رفضوا حتى تلاوة الفاتحة على أرواح من سقطوا.. رغم قناعتي الذاتية أن فاتحة المطاوعة قد تكون مسيئة في حق الشهداء أكثر من منفعتها المحتملة لهم.. بالصورة التي عكسها بوضوح موقف إعلام الطرفين (الحكومي الرسمي.. والحزبي الإخوانجي) الذي باشر وعقب وقوع المجزرة بقرع طبول الحرب وشن حملات التحريض السياسي والجماهيري الكيدي ضد المجني عليهم.. وكأنهم يطلبون في هذه الحالة من الضحية الاعتراف بعدالة الجلاد.. في موقف شاذ ومبتذل يعكس بوضوح الوضاعة السياسية والأخلاقية التي تحكم رؤى وتوجهات النخبة الحاكمة المتسلقة على اكتاف وآلام الأمة. . ما يثير الريبة والتساؤل في هذا الشأن يكمن ربما في طبيعة الموقف المبهم للمبعوث الأممي لليمن السيد جمال بن عمر الذي خصص لموضوع المذبحة حيزاً ضئيلاً جداً في تقريره المرفوع لمجلس الأمس الأمن الدولي يوم الثلاثاء 11/06/2013م قياساً باستفاضته في سرد قصة المرأة المتأثرة بزيارتها لمقر الأمن القومي.. رغم ما أبداه من حرص في الوقت عينه على وصف المجزرة بالاشتباك الناشب على حد وصفه ما بين أنصار الله من جهة والقوات الحكومية من جهة أخرى.. في محاولة مفضوحة من قبله -على ما يبدو- لإدانة ضحايا المجزرة عبر وصمهم بالتمرد والمقاومة.. وإضفاء نوع من الشرعية على وحشية القوات الحكومية في تعاطيها البربري معهم.. ما يوحي بوضوح بأن القضية لها أبعاد ودوافع أخرى مبيّته تتعدى بكثير حدود رغبة النخبة الحاكمة بالتصدي لمطالب الثوار بحل جهاز استخبارات الأمن القومي لتصب في خانة ضرب وتفكيك النسيج الاجتماعي والوطني. إن حملة العنف الأمني الممنهجة تلك كانت في الواقع عملاً حكومياً مدروساً ومخططاً له بعناية.. إذا لم يكن موجهاً بالفعل من بعض دول الجوار الراعية للمبادرة.. والمعنية أساساً.. أو لنقل المستفيدة إن جاز التعبير من تصعيد وتائر الصراع المذهبي والطائفي في البلاد عبر تنويع سبل القمع والمواجهة الدموية السافرة والمفتوحة التي تستهدف الأقلية الشيعية ( الحوثيين ) المتمركزة في النطاق الديمغرافي لمناطق شمال الشمال.. بما باتت تملكه من تأثير ونفوذ سياسي وجماهيري وأيديولوجي جبار بات يشكل هاجساً رئيسياً لعدد من القوى المعنية في الداخل والخارج وفي الجوار الإقليمي.. الأمر الذي ينذر في الواقع بتأجيج أسباب وأدوات الصراع والاحتقان السياسي والاجتماعي المذهبي في البلاد من قبل حكومة الوفاق بصورة منذرة بالعديد من الكوارث المستقبلية على صعيد أمننا واستقرارنا وتلاحمنا الوطني الداخلي ووحدتنا الوطنية المفككة أصلاً بصورة لا تبشر بمستقبل وطني أمن ومستقر على المدى الزمني الطويل. الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة