محمد القيرعي يبدو أن هناك تعديلاً وزارياً وشيكاً ومرتقباً لإشراك الحوثيين في حكومة الوفاق كما يتضح من خلال المشاورات الجارية والمعلن عنها ما بين الوصي الأممي على بلادنا وقرارنا السياسي والوطني السيد جمال بن عمر وبين السلطة السياسية وبقية الأطراف المعنية بمن فيهم أنصار الله.. وبرأي أنا.. فإن مجرد قبول الحوثيين لفكرة الشراكة المحتملة تلك مع حكومة الوفاق الممسوسة هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لتاريخهم السياسي والأيديولوجي والحركي وحتى الأخلاقي.. نظراً للأهمية التي يشكلها بقاء أنصار الله كقوة وطنية دافعة ومقاومة في وجه التسلط والفساد القبلي الأخوانجي الناشئ.. وليس جزءاً منه.. فمن حيث المبدأ يمكن القول إن اشتراك الحوثيين في إدارة الشؤون العامة للبلاد في ظل واحدة من أكثر الحكومات الوطنية فساداً وانحطاطا وتبعية للخارج (حكومة باسندوة) أمراً لن يكون مثمراً بالتأكيد بالنسبة للحوثيين بقدر ما سيكون له أيضاً نتائجه وانعكاساته السلبية على صعيد مستقبلهم السياسي والحركي وعلى مستوى حضورهم المتنامي في المعترك الجماهيري والوطني.. ذلك أن أي محاولات جادة قد تبذل إذا ما أعتقد الحوثيين ذلك سواء من قبلهم أو من قبل غيرهم من القوى الوطنية للعمل بشرف ونزاهة مع أرباب هذه الحكومة المبتذلة وتقويم اعوجاجها.. سيكون مصيرها الفشل والإخفاق المريع.. خاصة مع استفحال مظاهر الفوضى والهبر اللصوصي المنظم بأنماطه الثورية لأموال الأمة وثرواتها والذي بلغ حداً يجعل من قدرة المرء في الحفاظ على شرفه ومثله المكتسبة وسط نرجسية البلاط الثوري لحكومة الوفاق أمراً غاية في الصعوبة وأكثر تعقيداً ربما من مهمة البحث عن رجل نزيه وسط حاشية باسندوة.. علاوة على أنهم -أي الحوثيين- سيصبحون في هذه الحالة ورغماً عن إرادتهم جزءاً لا يتجزأ من غول الفساد المتنامي على إيقاع الثورة وجزءاً من لصوص الثورة والحضارة والتاريخ ومن مهربي الأسلحة وتجار الموت ورعاة الإرهاب والقتلة والمنحرفين الذين يقتاتون اليوم من دمائنا وأحشائنا وتطلعاتنا الوطنية والشعبية باسم الثورة.. كما أن توقيت ولادة الفكرة ذاتها (فكرة إشراك الحوثيين في الوزارة) يعد أمراً باعثاً على الشك والحيرة خاصة وأنها جاءت بإيعاز مباشر من قبل سيدنا الواثق بالله جمال بن عمر المعروف بمواقفه السلبية ضد أنصار الله والمجسدة بوضوح من خلال الطريقة المشوهة التي تعاطى بها مؤخراً مع مجزرة الأحد الدامي التي راح ضحيتها صبيحة يوم 09/06/2013م حوالي ثلاثة عشرة قتيلاً وما يربو على المائة جريح من المدنيين العزل برصاص قوات الأمن النظامية في واقعة دموية ضارية كانت محط أعجاب وإشادة بن عمر الذي وصف المجزرة دون خجل في تقريره المرفوع لمجلس الأمن الدولي بعد ذلك بيومين.. أي يوم الثلاثاء 11/06/2013م وقبل حتى أن تجف دماء الضحايا ودموع الثكالى بالاشتباك الناشب بين أنصار الله وقوات الأمن.. وبما يؤكد بوضوح ليس فحسب على وجود نوايا مبيتة لدى صناع القرار ورعاتهم لإدانة ضحايا المجزرة كونهم محسوبين فقط على أنصار الله.. وإنما أيضاً على أن الرغبة في استئصال أنصار الله وتقزيمهم وتمزيق صفوفهم والحد من درجة حضورهم وتأثيرهم السياسي والأيديولوجي والحركي والمذهبي في المعترك الجماهيري والوطني.. باتت تشكل قاسماً جامعاً ومشتركاً بين أركان مثلث الهيمنة الحالي (باسندوة.. المطاوعة.. بن عمر) وبما يتواءم في الوقت عينه مع رغبات جارتنا الإقليمية الكبرى والمستفزة بطبيعة الحال من تنامي وتائر الوجود والتأثير الحوثي على حدودها الجنوبية.. الذي يشكل لها أحد الهواجس الأمنية الرئيسية.. الخ ولعل الشيء الذي ينبغي على الحوثيين إدراكه في هذا الصدد هو أن بقاءهم في الظروف الراهنة بمنأى عن لعبة الصراعات الجيوسياسية على السلطة هو أمر مهم وحيوي للغاية من وجهة نظري.. للمساهمة في استنهاض عناصر الكفاح السياسي والجماهيري الشعبي في ظل ظروف الفوضى العارمة والمخيمة على واقع ومستقبل البلاد والأمة والتي تضع جميع أولئك الذين لم يتلوثوا بعد بأوساخ السلطة ومساوئها أمام امتحان أخلاقي صعب يجيز لها.. أما الاختيار ما بين الغرق في مستنقع المغانم السلطوية والذاتية بالطريقة التي جسدها كرادلة المشترك.. أو التمسك بالغايات والوسائل الكفاحية المثلى للدفاع عن الحقوق والحريات السياسية والمدنية والإنسانية المستلبة والمهددة بالابتلاع من قبل لصوص الثورة.. وللحديث بقية. رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة. الرئيس التنفيذي لحركة الأحرار السود في اليمن . *صحيفة اليمن اليوم