يمكن القول بأن الاقتصاد السياسي بشكل مُبسط نظرية اشتراكية وأُخرى رأس مالية، ولا يُمكن لأحد دارسي الاقتصاد أن يتجاوز كارل ماركس وآدم سميث ..إذن فما شأن رمضان بآدم سميث ؟ الإجابة في الفكر الديني نفسه فكما قدمت الحكمة من الصيام أو فلسفة الصيام هي أن يَشعر الأغنياء هذا الشهر بجوع الفُقراء طوال العام ولذا وجبت زكاة الفطر كنوع من الحلول لمشكلة الفقر، وطبقاً لهذا الطرح الديني فإن ظاهرة رمضان أقرب إلى المدرسة الاشتراكية أي كارل ماركس. وبقراءة مادية للعلاقات الاقتصادية التي تحكم المجتمع في هذا الشهر سنجد الأمر مختلفاً تماماً فتجربة رمضان أقرب إلى المدرسة الرأسمالية أي آدم سميث؛ لهذا يُصبح رمضان شهر آدم سميث بامتياز إذا عرفنا أن أحد مُحددات الطلب على سلعة مُعينة هو عامل الموسم ،وبالتجهيزات التي تسبق هذا الشهر من(الجُرع) وزيادة عرض البضائع مع زيادة في الطلب يرافقه ارتفاع في الأسعار سنجد أن المُجتمع يتعامل مع هذا الشهر كموسم اقتصادي أكثر منه تجربة روحية دينية. الشره والجشع المُريع الذي يُلقي بالمستهلك إلى الإفراط في شراء البضائع ومنها الأطعمة يضرب تماماً الحكمة من الصيام، وهي الشُعور بحال الكادحين طوال العام فحين ترى أن صناديق القمامة تفيض كل عام في هذا الشهر بالأطعمة ستستنتج أنه ما من مُتخم أحس بجوع جائع فعلى عكس ما يُفترض أن المسافة تتقارب ما بين الأغنياء والفقراء في هذا الشهر إلاّ أن الهوة تزداد بشكل أرعن.. يُعلِمّك أن الجنس البشري بقيمه الرأسمالية متوحش بشكل لا يُطاق، فإن الحيوانات لا تصيد إلى وقت الجوع ولا تأكل أكثر من حاجتها وما يُبقيها للحياة على عكس البشري الذي يُكوّم الشحوم في جسده. في هذا الشهر أيضاً تُستغل عاطفة الناس الدينية من قبل بعض رجال الدين وجمعياتهم الخيرية و(الإصلاح) أنموذجاً، فكلما بكى الخطيب بكل قواه أن الأجر يُضاعف في هذا الشهر والحسنة بعشر أمثالها وتصدقوا وتبرعوا زاد تبرع الناس لهذه الجمعيات الخيرية التي تحصد ما لا يُصدق من المبالغ ولا يتغير شيء من واقع المُجتمع ويظل الفُقراء هم الفقراء، والكادحون هم الكادحون، ولو لاحظتم فإن الأمر يشبه صكوك الغفران فمن -يتصدق- في رمضان أكثر من أي شهر آخر من مال الشعب الذي سرقه غالباً إنما يتصدق من أجل مضاعفة الثواب ورغبة في الجنة أي أنه يجعل من هذا الفقير سلماً للصعود إلى الإله وهذا غير إنساني .