أول ما شاهدته عيني من صور الحضارة والمدنية هو إسفلت طريق الحديدةصنعاء بعد أن هبطت لأول مرة من جبال صعفان إلى منطقة القدم.. *وعلى وقع الانبهار بالخط الأسود أخذ أبي يشرح لي كيف كان أبناء كل منطقة يشاركون العمال الصينيين في مهام شاقة وأن كثيراً من اليمنيين والصينيين ماتوا وهو يشيدون الشريان الذي أسس الحياة والنبض ليمن ما بعد ليل عهود الظلام. *وفي بداية عملي الصحفي كان الملحق الثقافي الصيني هو أول دبلوماسي ألتقيه..سألته عن الصين وحضارتها وكيف يُؤمِّن كل هؤلاء البشر احتياجاتهم من الغذاء.. قال لي بلغة عربية ولَكنه صينية محببة شوف صديق: نحن الصينيون نأكل كل ما في الأرض ماعدا القطار ونأكل كل ما في السماء ماعدا الطائرة ونأكل كل ما في البحر ماعدا السفينة *وتحقق حلمي وزرت الصين مرتين..ولفتت نظري أمور كثيرة غير الحيرة الشديدة أمام معروضات الطعام الغريب..كان أبرزها عندما خرجت من ملعب افتتاح دورة الألعاب الأسيوية في بكين وهالني وجود عشرات الآلاف من الدراجات الهوائية..وأخذت أسأل نفسي كيف سيتعرف كل صيني على "سيكله" من وسط هذه الغابة المزدحمة من الدراجات لكن الأمر تم بسلاسة ولا داعي للدهشة فأنت في الصين. *في بكين التي تضم عشرين مليون مواطن حرصت على زيارة ميدان تيانانمن الذي شهد انتفاضة الطلبة عام 1989م وكيف تم إسكات الانتفاضة بصورة بدت قاسية ولكن ليس أخطر من ثورة يقوم بها مليار وثلث المليار بني آدم منهم عشرين مليون يسكنون بكين.. *قد يقول بعضكم وما الذي ذكرك بالصين في رمضان والجواب :إنَّه الحنين لأن نكتسب شيئاً من روح الصين..طموح الصين..نمو الصين..تعليم الصين.. صحة الصين ..السياسة النظيفة التي ينتهجها الصينيون..والحكمة الصينية *منذ أيام قليلة فقط أضفت القناة الصينية الناطقة باللغة العربية إلى باقة الفضائيات المفضلة لدي فتجدد انبهاري بكل ما هو صيني..المذيعة الصينية الجميلة المثقفة التي تثير إعجاب سيبويه نفسه وضيفها المثقف الصيني الذي أخذ يتحدث بحسرة عما أصاب العالم العربي من تراجع ثقافي غارق في الانحطاط الذي قال:أنه لا يجد في الأعمال الثقافية العربية الجديدة ما يثير إعجابه ولذلك فهو يتجه بقراءاته نحو كليلة ودمنة وابن خلدون وغير ذلك من الأعمال الثقافية العربية القديمة.. تحية للصين..هذه الأمة العظيمة