الذين كانوا يهتفون لطنطاوي "يا مشير أنت الأمير" يضيقون اليوم ذرعاً بالهتاف للفريق عبدالفتاح السيسي، مع أن السيسي هو طنطاوي بحسبة العلاقة بين الجيش والسياسة في مصر.. لكن الفارق أن حسين الطنطاوي سلَّم مبارك لقوى الثورة وبينهم الإخوان، فدخل مبارك السجن، بينما رفض السيسي تسليم الشعب للإخوان ووضع مرسي في مكان أقرب إلى السجن منه إلى الإقامة الجبرية. * لم تفلح مساعي النكتة القائلة بأن السيسي "خان قائده"، والفضل لحضور حكمة "كما تدين تُدان"، ثم أن الفريق السيسي بدعوته للشعب المصري بأن يملأ الميادين والشوارع والنجوع انطلق في دعوته من كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمستشار عدلي منصور رئيس مؤقت ولا وجود للبرلمان.. فيما ضاق الناس في مصر ذرعاً بالانفلات العام، مرددين لم كل هذه الفرجه للأمن والجيش على أعمال العنف، ما دعا السيسي لطلب التفويض من الشعب بلسان حال يمني (هيا قلتم شرعية ثورية وشعبية)! * واليوم الجمعة 26 يوليو لا صوت يعلو على صوت الميادين التي ستفوِّض قائد الجيش المصري بإيقاف أي عنف محتمل.. حتى أن الذين يحشدون للخروج الشعبي العام دعوا إلى يوم توقف فيه عرض المسلسلات والأفلام والرقص البلدي من أجل يوم لا صوت يعلو فيه على صوت الحشد والتحشيد المؤيد لفكرة الردع، استباقاً لنذر مواجهات وحرب أهلية. * جديد الأحداث في مصر هو إثبات الفريق السيسي أنه يمتلك "كاريزما" قد تغفر له بعض الأخطاء، شأن أي قائد محبوب، حيث يرون فيه صورة من القائد العظيم جمال عبدالناصر، مع فارق أن السيسي ما يزال في بدايات امتلاك الرضاء الشعبي.. وجميعنا يعرف دلالة خروج المصريين إلى شوارع التأييد لعبدالناصر، حتى وقد شهدت قيادته هزيمة 1967م.. * قبل أن يعرف الناس عبدالناصر كان قد سبقهم وقدَّم العدالة الاجتماعية وروعة الاعتزاز بقوميته العربية، فيما يحرص الفريق السيسي على إطلاق إشارات متواصلة عن احترامه لسيادة الشعب، وهو ما جعل المصريين يتخطفون صورة وكأننا أمام موقف توزيع للحمة وفقاً لتعبير متداخل. * واليوم فإن الشعب في مصر أمام مهمة توجيه رسالة قوية نصفها للداخل وجلّها للأمريكان الذين يمارسون من الانتهازية ما ارتفع معه صوت "امنعوا المعونة". خالص الدعاء بأن تتجاوز مصر أزمتها وجمعتكم مباركة..