أصبحت ملف مهمل.. الحرب المنسية في اليمن والجنوب العربي    العرب بين إرادة العِز والذُّل    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل الجسور أديب العيسي    عاجل: غارة أمريكية تستهدف ارهابيين في وادي خورة بشبوة    دوري أبطال آسيا الثاني: النصر يدك شباك استقلال الطاجيكي بخماسية    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    مواجهات مثيرة في نصف نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    حضرموت.. نجاة مسؤول محلي من محاولة اغتيال    قيادي في الانتقالي: الشراكة فشلت في مجلس القيادة الرئاسي والضرورة تقتضي إعادة هيكلة المجلس    حياة بين فكي الموت    برنامج الغذاء العالمي: التصعيد الحوثي ضد عمل المنظمات أمر غير مقبول ولا يحتمل    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    واقعنا المُزري والمَرير    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    تعز.. وفاة صيادان وفقدان ثالث في انقلاب قارب    الأرصاد: استمرار حالة عدم استقرار الأجواء وتوقعات بأمطار رعدية غزيرة على مناطق واسعة    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    بعثة منتخب الناشئين تغادر إلى قطر للمشاركة في كأس الخليج    دائرة الطلاب بإصلاح الجوف تحتفل بذكرى التأسيس وتشيد بوعي الشباب ونضالهم    الذهب يتراجع هامشياً وترقب لقرار الفيدرالي الأميركي    مجلس وزارة الثقافة والسياحة يناقش عمل الوزارة للمرحلة المقبلة    وقفتان في مديرية الوحدة بالأمانة تنديدًا بجرائم العدو الصهيوني    استشهاد 13 فلسطينياً في مجزرة صهيونية استهدفت مركبة مدنية بمدينة غزة    اختتام دورة تدريبية بهيئة المواصفات في مجال أسس التصنيع الغذائي    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الإبادة الإسرائيلية إلى 65 ألفا و62 شهيدا    التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس الماضي    قمة الدوحة.. شجب واستنكار لا غير!!    غياب الرقابة على أسواق شبوة.. ونوم مكتب الصناعة والتجارة في العسل    وزارة الشباب والرياضة تكرّم منتخب الشباب وصيف بطولة الخليج الأولى لكرة القدم    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    المفوضية الأوروبية تقترح فرض عقوبات على إسرائيل بسبب غزة    محافظ شبوة يتابع مستوى انتظام العملية التعليمية في المدارس    فريق التوجيه والرقابة الرئاسية يطلع على أداء الادارتين القانونية وحقوق الإنسان والفكر والإرشاد بانتقالي حضرموت    محاكمة سفاح الفليحي    الانتقالي يثمن مؤتمر الأمن البحري ويؤكد: ندعم تنفيذ مخرجاته    النائب المحرمي: التفرد بالقرار في مجلس القيادة خلال السنوات الماضية كانت سبباً أساسياً في حالة الانقسام اليوم    مفاجآت مدوية في ابطال اوروبا وتعادل مثير في قمة يوفنتوس ودورتموند    بسلاح مبابي.. ريال مدريد يفسد مغامرة مارسيليا في ليلة درامية    مصدر أمني: انتحار 12 فتاة في البيضاء خلال 2024    كين: مواجهة تشيلسي تحفزني    مونديال طوكيو.. فيث تحصد ذهبية 1500 متر    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    كأنما سلخ الالهة جلدي !    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    محور تعز يدشن احتفالات الثورة اليمنية بصباحية شعرية    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    العصفور .. أنموذج الإخلاص يرتقي شهيدا    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تربويو أمانة العاصمة : جوع وفقر وتسول ومعاناة تصطلي بالنار ( تقرير )
نشر في يمن فويس يوم 09 - 03 - 2017

بين مِطرقة جوع قتال داهم تفاصيل حياتهم، وسندان عنجهية أسكتت كل قرقرة تصدرها أمعائهم الخاوية؛ يعيش تربويو أمانة العاصمة صنعاء جراء انقطاع مرتباتهم منذ 7 أشهر..
جوع قاتل يطرق رؤوس حاملي النور، فتتلقفهم عنجهية مليشيا انقلابية لتزيد مأساتهم حدة ومعيشتهم قسوة، وتكبت أصواتهم المغطاة بشحب القهر وحشرجة الفاقة عن أن تنادي بصيحة موجوعة أو تطالب بحق مسلوب..
حالات مأساوية صعبة وصورا من معاناة قاسية رسمتها الشهور السبعة الماضية في حياة تربويو الأمانة، أحالت بعضهم إلى التسول بحثا عن لقمة عيش يسكتون بها جوع أطفالهم فيما دفعت بآخرين لترك التدريس والذهاب لمهن لا تكاد توفر لهم الحد الأدنى من قوت يومهم، بينما آخرون لم يجدوا فرصة عمل يعتاشون منها، فقعدوا في بيوتهم رهيني العفة يتلظون بمرارة الجوع والموت البطيئ في كل لحظة..
حوالي 90% من تربويي الأمانة البالغ عددهم قرابة 30 ألفا يعتمدون اعتمادا كليا على رواتبهم في إعالة أسرهم مما يعني انقطاع شريان الحياة عن قرابة 150 ألف نسمة بمعدل متوسط 5 أفراد لكل أسرة يعولها تربويو أمانة العاصمة.. وهنا نُفرد بعضا من صور المعاناة التي تجتاح حياة تربويي الأمانة جراء انقطاع الرواتب..
أولى هذه الصور هي لمعاناة التربوي (س.ن) الذي يعمل في إحدى مدارس منطقة شملان يعول 7 أفراد، ويرزح هو وأفراد أسرته تحت وطأة الجوع بعد أن استنفد طاقته في البحث عن مصدر رزق عفيف دون جدوى، وهذا حال عشرات الحالات في أمانة العاصمة..
يقول التربوي (ص.ن) أنه كان يعتمد اعتمادا كليا على راتبه الشهري ولم يستطع بناء مصدر دخل آخر كونه مستأجر مع أسرته وهو عائلهم الوحيد مما أوصله لهذه الحالة بعد انقطاع الراتب، ويضيف بأنه لم يكن متوقعا "أن يصل الحال بالتربويين إلى هذه المرحلة مهما كانت الأوضاع، فمهمة التربية والتعليم جليلة ولا ينبغي أن يصل إليها الضرر من أي طرف كان"..
وبسبب تراكم الديون على التربويين جراء انقطاع مرتباتهم شهرا بعد آخر لجئ بعضهم لوسيلة رزقٍ مأساوية، وهنا وقفة تقشعر لها الأبدان، يحكيها لنا الأستاذ (عبدالقوي.ح ) عن زميلٍ له لم يُفصح عن اسمه؛ لحفظ ماء الوجه، يقول عبدالقوي أن زميلا تربويا له تراكمت على عاتقه الديون وأوصدت أمامه أبواب العيش الكريم، وتضاعف عليه إيجار مسكنه؛ فألجئته الحاجة للتسول ومد يده للناس في المساجد عله يجد قوتا لعياله وإيجارا لمسكنه، ويضيف بأن هذه الوسيلة ليس زميله الوحيد من لجئ إليها بل سلكها عدد من تربويي أمانة العاصمة..
ومع اشتداد أزمة المرتبات، وصلت معاناة تربويو الأمانة لتفتك حتى ببعض العلاقات الأسرية، فهذا التربوي (ع.ع) في منطقة سعوان اضطر لطلاق زوجته بعد حدوث مشاكل أسرية بينهما جراء عجزه عن توفير احتياجات أسرته الأساسية، بينما تربوي آخر أرسلت زوجته إليه ولده ،وهو في فصل التدريس، بكيس ووعاء تشترط لعودته إلى المنزل ملئهما قمحا وأرز ولقمة عيش له ولأولاده، وإلا فإنها ستترك المنزل وتذهب لبيت أهلها..
قرابة 80% من تربويي أمانة العاصمة لم يستطيعوا ترك وظيفة التدريس والذهاب للبحث عن لقمة عيش من مصدر آخر، خوفا من تهديدات مليشيات الحوثي لهم بالفصل وتخوينهم، فهذا التربوي ع.م من منطقة شعوب، وهو الذي يعول أسرة مكونة من 6 أفراد يقول بأنه تلقى هو وزملائه تهديدا بالفصل من مدير مدرستهم الموالي للحوثيين إن هم أضربوا عن العمل وذهبوا للبحث عن لقمة عيش كريمة لهم ولأولادهم، فيما ترك قرابة 20 % وظيفة التدريس وذهبوا للعمل في مِهَن أخرى بالكاد توفر لهم القوت الضروري لأطفالهم،
فهذا (م.ع) مدرسا في منطقة مذبح تحول إلى صاحب بسطة في مذبح ليعيل أسرته المكونة من 9 أفراد..
مفارقة مؤلمة أن يتحول مربي الأجيال في المدارس وحامل العلم إلى بائع في بسطة في الشارع، وبدلا من أن كان يُهدي العلم للأطفال في فصول الدراسة صار يبيع لهم الألعاب على الرصيف، وما هذا إلا لظروف أجبرته ليسد جوع أطفاله، وليس العمل عيبا، لكن قادة المليشيا الانقلابية المترفون بالمساكن الفخمة والسيارات الفارهة والعيش الباذخ على حساب جوع التربوي ومعاناته، هم العيب والعار بحد ذاته وهم الشنار المخزي في بلد التراحم والتعاون..
ويستمر مسلسل المعاناة ليشمل تربويون يتعدون مسافات بالكليومترات إلى مقرات أعمالهم مشيا على الأقدام يوميا بسبب عدم امتلاكهم لقيمة المواصلات،
فالتربوي م.الشيباني منذ ثلاثة أشهر يمشي يوميا راجلا قرابة 8 كيلومترا من شارع هائل إلى شارع مذبح لأنه لا يجيد قيمة المواصلات، ويتحجج الشيباني لعدم تركه التدريس باستشعاره لواجب التدريس خوفا من ضياع التعليم وطلابه في أتون الحرب وجبهات القتال.
معاناة من نوعٍ آخر هنا،
فالتقلب بين فراش الحياة والموت، هو الصورة الحقيقة لحالة تربوي في منطقة سواد حنش أصيب بجلطات دماغية ثلاث، وما وجد من يداوي مرضه، بعد أن باعت زوجته ذهبها لإنقاذه واستنفدت قواها بحثا عن من يدينها لتعالج زوجها العاجز على فراشه، حتى وصل به المرض إلى نزيف بالدماغ وهو اليوم طريح الفراش، بلا مرتبات.. ولا دواء.. والعجز عن توفير قيمة العلاج حال الكثير من التربويين غير أن المجال هنا لا يُسعفنا لذكرها..
الشرعية كانت قد صرفت مرتبات تربويو أمانة العاصمة لشهر مارس الماضي، غير أن تأخرت عن صرف بقية المرتبات متعذرة بتلاعب سلطة الانقلاب بكشوفات الموظفين ورفضها توريد إيرادات المحافظة الخاضعة لسيطرتها للبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن، مما يعني وقوف التربويون عاجزون أمام معاناة حارقة، فهم لم يحصلوا على مرتباتهم بالرضى، ولاهم انتزعوها بالقوة من أفواه عصابة الفيد المتحكمة بالعاصمة صنعاء خوفا من بطشها ونارها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.