شرح صدر الإنسان , وانبساط نفسه, ورؤيته للجمال في كل مفردة من مفردات الحياة, وامتلاكه القدرة على الفرح بأبسط الأشياء , واستنارة وجهه بابتسامة راضية وادعة ,وجده , ونشاطه في طلب التمام في كافة نواحي حياته ؛ مكونات يتشكل منها عنصر السعادة , والتي ينشدها الإنسان , ويلهث وراء تحصيلها منذ لحظة اكتمال وعيه , ويقظة مداركه بعد مراحل طفولته..!! ثمة من يربط السعادة بتوفر الأشياء المادية , ووفرة المال ! وثمة من يربطها بتحصيل الشهرة , وهناك من لا يهتز وجدانه طربا , وسرورا إلا بتحصيل السيادة والزعامة!! وثمة توجه واضح من البعض يشير بأن لا سعادة إلا لمن التزم بضوابط الدين ..! غير أن الواقع يشهد بأن الكثير من هؤلاء , وبشتى أصنافهم وتوجهاتهم غارق في خبالات المزاج العالي !! السعادة غاية عظمى , وعظائم الأمور لا يحصلها الإنسان إلا بمجهود عظيم ..!! يحتاج الإنسان لبلوغ هذه الغاية للعديد من البرامج التنموية , والكثير من القراءات الجادة , وكذا لابد له من قطع مراحل شاقة من اختبارات الحياة , وتجاوزها بنجاح ! وثمة أسئلة غاية في العمق , لابد أن يجد لها أجوبة شافية ..من أنا ..ماذا أريد.. من ربي ..ما سر هذا الكون البديع الصنع ؟؟؟!! أسئلة تسبر أغوار الكونين العظيمين , عالم الإنسان الداخلي , والعالم الخارجي المحيط به ..ثم الانتهاء بالمعرفة الحقة لمبدع هذه الأكوان ..! رحلة نافعة , ماتعة , غير أنها مرهقة ؛ والإنسان مجبول على إيثار السهل , ميال لحياة الكسل , وخلو الذهن , حتى أنه قيل بأن ثمة من لا يفكر سوى لمرة أو مرتين في العام !!! لذلك يلجأ أكثر الناس في سعيهم لتحصيل شعور السعادة والسرور إلى الوسيلة الأيسر , والأقل كلفة " المزاج العالي " ! كان الناس قبل الإسلام يشربون الخمرة لرفع المزاج , وتحصيل سعادة وقتية , وهمية !! وجاء الإسلام بتحريم الخمرة ,ليتضمن هذا الحكم فوائد جمة ,من أعلاها وأظهرها ذم الإدمان !! في بلادنا صور شتى لأصناف من الإدمان "القات , المداعة " من قديم , ثم جاءت الطامة المتممة للبلاء " الشيشة " والتي تفشى تعاطيها بين فئة الشباب حتى كادت تصبح ظاهرة!! وهذه الأصناف من صور الإدمان مما توافق المجتمع على اعتبارها مشروعة ومقبولة , وأما ما خفي فهو أعظم !! في علم النفس تعد الشخصية المدمنة نموذجا من نماذج الشخصيات المعتلة , وذلك لأسباب شتى من أهمها أن المدمن يغدو هش الباطن , معطل الطاقات ,وعاجز عن امتلاك مهارة اتخاذ القرار !! بإمكان كل شخص مدمن يقرأ مقالتي هذه إبداء الاستنكار , ودفع هذه النتيجة بادعاءات وحجج شتى , لكن هل يمكنه التخلص من ثقافة المزاج , وهل يمتلك الشجاعة الكافية لاتخاذ قرار فوري بالإقلاع عن الإدمان ؟؟!!