قدّم الرئيس هادي درسًا تاريخيًا لتسليم السلطة وتغليب المصلحة العامة على المصالح الذاتية، إذ ليس من السهل أبدًا على الحاكم تسليم مقاليد الحكم بهذه الإجراءات المثالية في ختام مرحلة حكمه التي امتدت لسنوات عشر واجه خلالها كل الصّعاب والتحديات والاضطرابات الناجمة من معوقات تسلّمه السلطة إلى الانقلاب الذي دفع ثمنه كل اليمنيين بحرب دمّرت كل مقدرات الحياة. ظل هادي خلال فترة حكمه -وإن شابتها الملاحظات- متمسكًا بمشروع النظام الاتحادي الذي يهدف إلى توزيع الثروة لكل المحافظات والأقاليم دون استحواذ وتفرّد، ولاحظنا ذلك خلال كل مواقفه الشجاعة ومن خلال اللقاءات المتكررة بفخامته كان يوصي الجميع في البدء والختام التهيئة قدر المستطاع لمشروع اليمن الاتحادي الذي خرج به الحوار الوطني بعد أشهر متواصلة من المشاورات والمباحثات. وعمد في نهاية مشواره إلى ترسيخ ذلك بكل الوسائل المتاحة رغم كل الظروف والتحديات المصاحبة. لذا وجب علينا جميعًا أن نثمن هذه الخطوة الشجاعة ليكون أسوة بالقيادات القادمة لا سيما وأنّ الصراعات الحالية ليست إلا محصلة من رفض السابقين له تسليم السلطة بهذه السلاسة. لقد جاء قرار هادي الشجاع لينهي كل المشاريع الصغيرة ويضع مصلحة اليمن العليا فوق كل المصالح. قال هادي في لقاء تلفزيوني ذات مرة في العام 2013م في رسالة مباشرة للرئيس السابق إن الشجاعة والقوة تكمن في قدرتك على تغليب المصلحة العامة وتسليم السلطة متى ما اقتضت ذلك، وإن الجبن يكمن في التمسك بالسلطة وإدخال البلد في صراعات من أجل ذلك.. قالها وكان الجميع يظن ذلك تنظيرًا حتى جسدها حقيقة للجميع بقرار شجاع فاجأ الجميع.