أمن عدن يصدر بيانًا بشأن الفتاة المختفية في بئر أحمد    مجلس المستشارين يقف أمام آخر مستجدات الوضع الاقتصادي    واشنطن تحدد سفارتها المختصة بمعالجة تأشيرات اليمنيين    جامعة حكومية تبلغ طلاب قسم الأمن السيبراني بعدم قدرتها على توفير هيئة تدريس متخصصة    جامعة حكومية تبلغ طلاب قسم الأمن السيبراني بعدم قدرتها على توفير هيئة تدريس متخصصة    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة الفنان محمد مشعجل رعفيت    لحج.. غموض يكتنف تصفية مصنع حكومي لإنتاج معجون الطماطم بعد بيع معداته ك"خردة"    في ذكرى تأسيس الإصلاح..حقائق وإشراقات وإنجازات وتحديات    النفيعي: جئنا للمنافسة وسنلعب للفوز بالكأس.. والدقين: لن نفرط في حقنا أمام السعودية    الأرصاد يحذّر من أمطار غزيرة مصحوبة برياح وحبات البرد في عدة محافظات    تواصل فعاليات "متحف الذاكرة" بتعز لتوثيق معاناة الحصار وصمود أبناء المدينة    الاطلاع على تنفيذ عدد من مشاريع هيئة الزكاة في مديريات البيضاء    الكلدي: البنك المركزي الراعي الرسمي للمضاربة بالعملة    البيض: اليمن لن ينهض وهو مقيّد بصراعات الماضي    الوطنية ليست لمن تسكعوا في الخارج    ردا على أكاذيب الاخوان.. مصر لن تسقط المسيرات اليمنية الموجهة لإسرائيل    يا عزيزي كلهم لصوص    أزمة خبز خانقة في عدن    إعلام العدو: مُسيَّرات اليمن خطورة تتجاوز استهداف مطار رامون    وفاة الفنان اليمني محمد مشعجل    عدوان صهيوني على مواقع متفرقة تابعة للجيش السوري    خبير مالي يكشف عن نزاع بين البنك المركزي بعدن ووزارة المالية    منتخب اليمن الأولمبي أمام الإختبار الآسيوي المهم    الزبيدي يعطي الاهتمام لمصفاة عدن كركيزة هامة للاقتصاد الوطني    حماية الجنوب.. رفض توظيف الدين لأجندات سياسية وحدوية يمنية    سامحوا المتسبب بموت زوجها وأطفالها الأربعة دون علمها.. امرأة تستغيث بالقبائل    خطبة التسامح والخذلان..حين يوصي الواعظ بالصمود ويخذله الحاكم    فريق القدس يتوج بطلا في ذكرى المولد النبوي الشريف    شرطة تعز توضح بشأن اختفاء عدد من الأطفال والفتيات    62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن": من يبغض صنعاء فإن له معيشةً ضنكًا*    حين يقرأنا النص    مدريد تستدعي سفيرتها لدى إسرائيل وتعلن إجراءات لوقف "الإبادة في غزة"    اليمن الأولمبي يواجه فيتنام في "نهائي مبكر" لتحديد التأهل    أمن الضالع يكشف عن 11 جريمة مجهولة    اليمن يودع "سفير الأغنية المهرية" محمد مشعجل    الستر.. أعظم درس في التربية    سريع يعلن استهداف مطارين وهدف حساس في فلسطين المحتلة    برعاية وزير الزراعة والري والثروة السمكية كاك بنك يدشن خطتة الاستراتيجسة الخمسية 2029/2025.    اللجنة الاستشارية تناقش مشروع اللائحة التنظيمية للإطار الاستراتيجي للحماية الإجتماعية    روسيا تعلن عن لقاح جديد "جاهز للاستخدام" ضد السرطان    خبير مالي يوضح حول اسباب شح السيولة من العملة الوطنية بعد الاجراءات الأخيرة للبنك المركزي بعدن    بهدفي البرواني وجراش على عُمان.. المنتخب اليمني للشباب يضرب موعداً في النهائي لملاقاة السعودية الخميس القادم في كأس الخليج العربي    الإسباني كارلوس ألكاراز يحرز بطولة أمريكا المفتوحة للتنس للمرة الثانية    طفل يقود مركبة يدهس طفة في مارب    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    طنين الأذن .. متى يستدعي القلق؟    الذهب يستقرقرب أعلى مستوى قياسي    اكتشاف عجائب أثرية في تركيا    الجاوي: اليمن لن يُحكم بعقلية الغلبة ومنطق الإقصاء    الحارس وضاح أنور يستحق الثناء والمديح    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    دائرة الشباب في الإصلاح تهنئ المنتخب الوطني للشباب بتأهله إلى نهائي كأس الخليج    وفيكم رسول الله    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (12)    مرض الفشل الكلوي (20)    اكتشاف تأثير خطير لمرض السكري على القلب    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    حلاوة المولد والافتراء على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يأتي رمضان ليّذكرني بجدتي
نشر في يمن فويس يوم 22 - 03 - 2023


كانت جدتي أعظم نساء الأرض أقدسهن وأكرمهن وأجلهن وأجملهن جدتي .. الحديث عن جدتي مختلف، كتبت طيلة سنوات عن جدتي " آمن " لاحظوا .. حتى اسمها مختلف .. العادة ان النسوة يتسمن بآمنة ولكنها وحدها جدتي اسمها آمن .. على غير عادة كل البلاد .. فجدتي متفردة عن كل نساء الأرض جدتي واحدة وحيدة لا شبيه لها ولا مثال ولو وضعن نساء العالم بكفة وجدتي بكفة لرجحت كفة جدتي ليعذرني كل ابن جدة .. هذا رأيي بجدتي .. كنت أقضي كل رمضان صحبة جدتي منذ الكلمة الأولى الكلمة الأولى كانت لجدتي .. الصوت الأول .. الحقيقة الأولى فأنا ابن عجوز ربتني على هدى خمارها وعلمتني كيفية العيش بطلاقة وكيفية حب الناس علمتني جدتي كيف أجود بالقليل كانت جدتي أعظم الملكات .. ليس في تأريخ بابل .. وليعذرني نزار قباني كانت جدتي أعظم الملكات في تأريخ أثينا وروما وطيبة وبابل ودمشق وطروادة وقرطاجنة وصور والبتراء ومأرب أعظم النساء في تأريخ كل العوالم .. تسبق كل عظميات الدهر وتفوقهن،وإن كن ملكات وسلاطين فجدتي سلطانة ميقاتي وإخوتي وعائلتي الكبيرة عندما مات أبي تحولت جدتي الى ألف أب مات أبي وأبدلنا الله بجدة تساوي قيمة العالم ومعناه ومبناه فهي قادتني الى كل مسار جميل تعلمت المفردة الأولى من جدتي .. أعطتني الرحيق المختوم وانا في الصف الرابع وقالت لي : اقرا لي .. فقرأت لها وأنا كنت أجيد القراءة بطلاقة ولا أعي الحكاية ومن بعد ذلك وبعد أن تجذرت قراءتي بالرحيق أرتشفت رحيق التأريخ كله جدتي بإستطاعتها أن تعيش في مدن البلاد الكبرى حيث أولادها ولكنها فضلت أن تبقى سلطانة العلم والحياة معنا في الريف ويجدر بي كحفيد أن أكتب فكل رمضان يذكرني بجدتي .. كانت تبتاع لنا من المدينة أجل الأغراض وأغلى وأكثر الحاجيات وتملأ بيتنا بالحياة كما كل السنة تخيلوا .. بضعة أيتام وأم .. ونحن نسكن جبل مرتفع .. تصل السيارة الى أسفل القرية .. كلنا نحمل أغراض رمضان خاصتنا .. نحن وأهل البلدة .. أولهم في باب البيت وآخرهم في القرية السفلى كل هذه المقاضي من جدتي وأعمامي لنا نحن اليتامى .. يشاهدن عجائز القرية هذا المشهد بدمعة حنان تقول إحداهن من القرية السفلى وهي تشاهد المشهد الجليل : الجنة كلها من نصيب آمن الأخرى تقول : ربي لطف باليتامى وسخر لهم جدتهم وأعمامهم .. أسمع منهن وأفتخر أفاخر بجدتي .. أعيش مع جدتي .. أنام وأستيقظ عند جدتي .. أذاكر عند جدتي أنجح وأسرع كما الضوء لأبشر جدتي .. فتفرح جدتي وتهديني كل شيء الهدايا .. المال .. الكسوة .. كل شيء تمنحنيه جدتي آمن .. ليرحمك الله يا جدتي .. كل رمضان دونك بلا طعم ودون رائحة ومنذ وفاتك وأنا لست أنا لو سألني أحدهم عن عبدالسلام أين هو لأجبته : دفنوه مع جدته صبيحة يوم كئيب عام 2013 مات عبدالسلام بموت جدته .. منحتني هي الحياة والعلم والنباهة والتأريخ والجغرافيا فجغرافيا قلبي رسمتها جدتي بأناملها المقدسة ولا شيء يمكنه أن يحجرني الا اسم جدتي كلما أردت أن أقسم قسماً عظيماً لا أقسم بشيء الا بروح جدتي وأحلف بتربة جدتي تربة جدتي هي الشاهد الأول والأخير لي وهي أقدس الأقداس . أنا حزين حتى أرى جدتي .. تحدثت كثيرا عن جدتي وسأزيد وسأكثر بالتحدث عن الحب الذي وهبته للعالم من حولها ، للناس ، للرب ، لسجادتها الأثيرة ، للعصافير ، للأحفاد ولي أنا وللملابس السوداء فهي لم تتخلى عنها حداداً على زوجها لأربعين سنة من البكاء .. كانت جدتي كثيرة الحياء من الله.. أستحت منه طيلة عمرها فلم تكثر عليه المطالب.. طالما الجنة فقط مرادها الأسمى وما سواه بالنسبة لها لا يستحق .. ما سواه السراب .. فهي قليلة الكلام على غير النساء وحكيمة.. وأتذكر جدتي في الطريق والحواجز تلوح بالسكاكين في المدينة والرقباء يمضون خلفي بلا أوجه في المرض الذي يلمني بالحمى .. في الشارع بينما حواسي مهيأة للضياع وحيث الموت قسرا؛ً كانت جدتي حفنة النجاة فكلما قلت جدتي سورتني بالطمأنينة .. وذهب الموت وذهب الضياع وفر . هذه اللحظات مقتبل رمضان : كانت جدتي في دارنا الكبير وأمي في المنزل تنظف الأواني وترتب الوقت وفي الخارج أنا مع الصغار نقرع التنكات بالعصي ونحن ندور حول القرى ونهتف : أهلا أهلا يا رمضان مودع مودع يا شعبان ، جدتي في المقبرة أمي خلف سياج الحصار ، وأخان لي وكريمتان أيضا ولم أعد أنا الى البيت المقفل منذ سنوات والرمضانات تأتي وكأن شيئا لم يحدث وكأنني ألتذ بالصيام الممزق في البيوت والمدن البعيدة .. ليته مات في طريقه الى هنا .. أقصد رمضان .. يذكرني بحزني .. ليته فقد روحه بطلقة قناص ولم يعد مجدداً طالما ونحن لم ننتصر بعد ولم ننهزم بعد ، خذ أوانيك يا هذا ولترحل رحلوا كلهم ، الى المقبرة ، الى البعيد ، الى العوالم الأخرى أخضرها ويابسها ، ورحلت عن دنيانا التنكات والأهازيج ولم نعد نهزج بمقدمك فالعجائز متن والشعلات أنطفأت ومات الوطن الجليل العظيم .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.