– متابعات : نشر تقرير مفصل عن وكالة الصحافة العربي حوله الاقتصادي اليمني ووصفته بأنه اقتصاد ريعي يعتمد في استمراره على موارد خارجية المصدر، حيث عائدات النفط، أو المساعدات الدولية، أو تحويلات المغتربين من أبناء الدولة، الأمر الذي يمكن لهذه الدولة أن تستغله، خاصة في توجيه مجالات الاستثمار والإنتاج، وإيجاد فرص العمل يكون في استطاعتها تحويل الاقتصاد اليمني إلى الإنتاج، مما يعد مستحيلا الآن في ظل ما تعانيه اليمن من مشكلات داخلية مع نظام الرئيس علي عبدالله صالح، وهو هشاشة الدولة وافتقارها للقوة والشرعية، وتشجيع الجماعات غير الرسمية على التمرد عليها، وغياب الاستقرار على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وكان اقتصاد اليمن قبل عهد الوحدة يعتمد في الجنوب حيث جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بشكل أساسي على الدعم السوفيتي، والذي تمثل في شكل معونات أو قروض. بينما قام اقتصاد الشمال؛ حيث الجمهورية العربية اليمنية بشكل أساسي على الدعم الخليجي والغربي، وعائدات المغتربين اليمنيين في دول الخليج. ومن ثم فقد احتكر الاتحاد السوفيتي في الجنوب وظائف الإنتاج والتوزيع، في الوقت الذي اتسم فيه اقتصاد الشمال بالتنوع، واتجه بعضها إلى الدولة وبعضها الآخر إلى المجتمع سواء كأفراد أو كتنظيمات اجتماعية. وقد عزز الاقتصاد الريعي الذي ساد في شمال اليمن استقلال الدولة النسبي عن المجتمع واستقلال بعض الجماعات عن الدولة؛ فقد اعتمدت سلطات الدولة في شمال اليمن في استمراريتها على موارد مصدرها مستقل عن المواطنين وليس على موارد ينتجها مواطنوها كالضرائب مثلا. ووظفت تلك السلطات الموارد الخارجية في تقديم الخدمات المجانية، وأن على نطاق محدود وفي إيجاد نظام لدعم السلع الأساسية، كما وفرت عائدات المغتربين مصدر استقلال نسبي للاقتصاد اليمني، إلا أن اليمن تواجه اليوم انهيار اقتصادها بسبب استنزاف موارده منذ بدء الاحتجاجات اليمنية في الثالث من فبراير الفائت، والتي تعدت خسائرها خلالها ب8 بلايين دولار. تفاقم نسب الفقر قد أكد الخبير الاقتصادي اليمني مصطفى نصر، أن اقتصاد بلاده قد بدأ ينهار متأثراً باستمرار الثورة الشعبية المطالبة بإسقاط بقايا رموز النظام، الأمر الذي أصبح معه وضع الاقتصاد في البلاد يمر بمرحلة صعبة، حيث دلت مؤشرات الاقتصاد على القرب من حافة الانهيار والذي يتمثل في إعلان إفلاس عدد كبير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بعد توقف البرنامج الاستثماري للدولة بصورة كاملة، فضلا عن حالات الشلل التي ضربت قطاعات السياحة والقطاع المصرفي وقطاع المقاولات والإنشاءات وقطاع النقل والخدمات وغيرها. ويضيف الخبير الاقتصادي أن نسبة الفقر وصلت في البلاد إلى 47%، ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع بصورة سلبية، مؤكدا أنه في حال استمرار الأوضاع كما هي فإن اليمن سيدخل مرحلة الجوع، التي تتمثل في عدم قدرة الملايين من الناس على الوفاء بمتطلبات الغذاء الأساسية، وفقا لما تشير إليه الإحصائيات الرسمية، حيث إن 7.5 مليون يمني يعانون نقص الغذاء قبل الأزمة التي تمر بها البلاد حاليا منذ بداية الثورة. وتعد اليمن الدولة الأفقر في منطقة الشرق الأوسط؛ وفقا لمؤشرات البنك الدولي، والتي أفادت أن معدل دخل الفرد السنوي في اليمن بلغ 1060 دولارا في العام 2009. وتبلغ نسبة البطالة في اليمن 40%، بينما يرتفع المعدل بين الشباب ليصل إلى أكثر من 50%. وقد فشلت اليمن خلال فترة الاستقرار النسبي من بعد الوحدة وحتى اندلاع الثورة الشعبية والتي تنادي بالإطاحة برأس النظام الرئيس علي عبدالله صالح. ويفند د.سيف العسلي وزير المالية اليمنى السابق، سبب الفشل في تحقيق النمو الاقتصادي بأنه يتمثل في البداية من خلال ضعف المؤسسات الاقتصادية في اليمن، وإهمال سياسات النمو الاقتصادي القوية، الأمر الذي أدى إلى توزيع غير فعال للموارد العامة، بحيث يتم إنفاق معظم الموارد على أنشطة غير إنتاجية وبشكل لايساعد على تحقيق النمو الاقتصادي، الأمر الذي أوجد بيئة مناسبة للفساد داخل مؤسسات الدولة خاصة في ظل وجود مورد وحيد يوفر الريع للدخل للخزانة العامة يغنيها عن فرض الضرائب هو الذي يشجع السلطة الحاكمة على المضي في تلك السياسات التي تكرس هشاشة الدولة. وعلى صعيد آخر، تعاني اليمن التي شهدت طفرة في عائدات النفط في السنوات تراجعا كبيرا في إنتاج النفط من جهة، وفي أسعاره من جهة أخرى، وهو ما أوجد ضغوطا على الاحتياطي النقدي للبلاد، خاصة أن عائدات النفط تمثل 90% من عائدات الصادرات و70% من الإيرادات المالية، وقد أدت هذه التطورات إلى تنامي عجز الموازنة في اليمن في السنتين الأخيرتين.. واضطرت الحكومة اليمنية في منتصف العام 2010، وبعد أن فقد الريال قرابة 30% من قيمته أمام الدولار خلال بضعة أيام إلى التدخل للمحافظة على سعره، وهو ما ساهم بين عوامل أخرى في انخفاض احتياطي البلاد من النقد الأجنبي من 7.1 بلايين دولار مع نهاية 2009 إلى قرابة 6 بلايين دولار بنهاية 2010. ويغطي الاحتياطي النقدي الحالي، حسب بعض التقديرات، حاجات البلاد من الواردات لثمانية أشهر فقط وإذا كان النظام القائم قد وظف عائدات الريع في شراء الولاءات وتقديم بعض الخدمات، فإن تراجع العائدات الريعية؛ مضافا إليه تراكمات عوامل أخرى مثل سيطرة قلة صغيرة على السلطة والثروة وغياب المؤسسات التمثيلية الفعالة يؤدي إلى احتدام الصراع حول الموارد، وسعي الجماعات الفاعلة غير الرسمية للإطاحة بالجماعة المسيطرة على الدولة؛ حيث تراجع إنتاج النفط في اليمن من 410 آلاف برميل في اليوم في العام 2004 إلى 320 ألف برميل في العام 2007، ثم إلى 300 ألف برميل في العام 2008. خسائر بالجملة وفي هذا السياق، يؤكد عبدالمجيد البطلي خبير التخطيط والتنمية اليمني، على أن انعدام المحروقات النفطية تسبب في تراجع النمو الاقتصادي اليمني بنحو 14.5% وإلحاق أضرار كبيرة بشريحة الفقراء نتيجة ارتفاع البطالة، وانخفاض الدخل بنسبة تراوحت ما بين 26 و30%. ويضيف بأنه بعد تلك الأزمة حدث عدد من العوامل التي أثرت في الكميات المتوفرة أولها تفجير أنبوب النفط خط (مأرب – الحديدة)، فضلا عن التعقيدات السياسة والأمنية في البلاد والتي أسهمت في إعاقة وصول الإمدادات إلى كثير من المناطق، أما العامل الثالث، فيكمن في انقطاع التيار الكهربائي الذي أدى إلى زيادة الطلب من قبل المؤسسات والأفراد لتوليد الطاقة المصاحبة لظهور سوق غير نظامية رفعت من مقدار المخزون لدى المضاربين والمحتكرين، ومحدودية قدرة الحكومة على استيراد النفط. ومن الجدير بالإشارة إليه أن خبراء الاقتصادي اليمنيين أجمعوا على أن تحقيق الاستقرار في اليمن يتطلب الانتقال من نموذج الاقتصاد الريعي، إلى نموذج الاقتصاد الإنتاجي، لكن هذه الإصلاحات لن تتم إلا من خلال إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بإدارة الاقتصاد الوطني وتبني استراتيجية تنموية تعطي الأولوية لمشاريع البنية الأساسية، تفعيل مؤسسات محاربة الفساد، وتطبيق مبادئ النزاهة والشفافية.