شكلت العملات النقدية المزورة التي انتشرت بشكل ملحوظ في مدينة عدن، حالة من الإرباك والقلق في الأسواق العامة والمحلات التجارية، وبرز ذلك القلق جلياً خلال أيام عيد الأضحى المبارك، مع تزايد حركة البيع والشراء وازدحام الأسواق بالمتسوقين، الأمر الذي تسبب معه انعدام الثقة المتبادلة بين البائعين والمشتريين. وغالباً ما تثير العملات المزورة حالة من الجدل بين البائع والمشتري، وتقود أحياناً إلى نشوب شجارات حادة بين الطرفين، كل ذلك يحدث أمام مرأى الجهات الرسمية المختصة التي تعلم بوجود مثل هذه العملات المزيفة وتفهم خطورة انتشارها في الأسواق المحلية، لكنها في المقابل لا تحرك ساكن لضبط الأطراف والأشخاص الذين يقومون بأعمال تزوير العملة المحلية وضخها بوسائل مختلفة إلى سوق الاستهلاك اليومي. وللتطرق إلى حساسية هذا الموضوع، التقى "العربي اليوم" بعدد من ملاك وعمال المحلات التجارية لمعرفة آراءهم وطريقة تعاملاتهم مع زبائنهم في ظل اتساع رقعة تداول العملات المزيفة في أسواق محافظة عدن. يوضح "عبدالرشيد سعيد" يعمل في متجر لبيع الملابس النسائية، «لقد أصبحنا نواجه مشكلة حقيقية في التعامل مع زبائننا بسبب انتشار العملات المزورة التي جعلتنا نشكك في كل ما يدفع لنا، ونواجه باستمرار مواقف حرجه مع الزبون»، مضيفاً:«كما أننا نعاني من صعوبة التفريق بين العملات الأصلية والمزورة في ظل تزايد الضغط الذي نعانيه أثناء ساعات الذروة التي يكتظ فيها المحل بعشرات الزبائن، وأحياناً نكتشف عند إحصاء الدخل اليومي وجود بعض العملات المزورة بالصندوق، وغالباً ما تكون هذه العملات من فئة ال 1000 ريال». ويقول "وليد أحمد" صاحب بسطة لبيع الأحذية بمديرية "صيرة" «أنا كبائع على باب الله، أتعرض دائماً لشتائم وتوبيخات من بعض الزبائن الذين يسوؤهم قيامي بالتفحص والتمحيص للنقود التي يدفعونها لي، وأنا مضطراً لفعل ذلك احترازياً بعد أن انتشرت العملات المزيفة في سوق الاستهلاك المحلي»، مواصلاً كلامه:«ليست العملات المزيفة وحدها ما تثير قلقنا فهناك عملات تالفة (ممزقة) نعاني بسببها ضياع أرباحنا، لكننا حين نرفض استلامها فأننا نواجه بردود غاضبة من بعض الزبائن الذين يصرخون في وجهونا بالقول.. نحنُ استلمناها هكذا من خزينة الدولة». ويضيف: صاحب مطعم بمديرية الشيخ عثمان: «بعض الأشخاص يأتون إلينا ويدفعون لنا نقود مزورة، وعندما نبلغهم بأن عملتهم مزيفة نجدهم يقفون في دهشة وذهول لكونهم لم يكونوا على دراية بذلك، وبعضهم يرفض استبدالها متحججاً بعدم وجود غيرها في محفظته». لا نقوم بإبلاغ الأمن بشأن العملات المزورة، وهناك جهات سياسية لها علاقة بأعمال التزوير. ويؤكد أحد تجار الجملة بمنطقة السيلة بالشيخ عثمان، «صادفنا زبائن يدفعون لنا بعض العملات المزيفة لكننا رفضنا قبولها، ونحنُ هنا لا نقوم بإبلاغ الجهات الأمنية في حال ضبطنا عملات مزورة، لعلمنا أن معظم المواطنين والزبائن لا يعلمون بذلك، فهم في الأخير ضحايا لاستلام عملات مزورة من أماكن أخرى دون درايتهم». ويخبرنا أحد تجار العملة المتجولين، «لم تعد العملات اليمنية المزورة تثير حفيظتنا كالسابق، لأننا قد اعتدنا مصادفة الكثير منها أثناء تعاملاتنا اليومية في أعمال البيع والصرف». ويضيف بقوله:«بعض الأشخاص يلجئون إلى ممارسة الحيل ووسائل التمويه عبر دس عددا من الأوراق المزورة من فئة الألف ريال، ومحاولة تمريرها في (بندل) من مائة ورقة نقدية، وبعضهم يضن نفسه متحذلقاً بأعمال التزوير ويقوم بنسخ الفئات النقدية وطباعتها بأسلوب مفضوح مستخدماً تقنية الماسح الضوئي، وآخرون يمتلكون تقنية بارعة في التزوير». مضيفاً: «لكن من خلال خبرتي في مجال الصرافة أصبح بإمكاني معرفة واكتشاف العملات النقدية المزيفة التي لا تحتاج إلى مجهود كبير، وبالإمكان معرفتها وتميزها من الوهلة الأولى من خلال سماكة وشكل الورق وطريقة تمازج ألوانها، أو من خلال تفحص رقم تسلسل العملة والشعار والشريط الباهت وسطها». ويشير صاحب محل لبيع ملابس الأطفال، إلى أن الإشكالية الأساسية في تبادل وانتشار مثل هذه العملات المزورة ليست منحصرة بين البائع والمشتري، ولكنها تنحصر وبشكل أساسي في جهات الاختصاص والرقابة الأمنية التي مازالت تتقاعس عن ضبط الجهات والأطراف السياسية التي تقوم بتزويرها وضخها للسوق المحلي، وهي جهات حسب قوله لم تعد خافية على السلطات الأمنية في بلادنا، ومازالت مستمرة في العمل لمصلحتها وعلى حساب ما يتعرض له الاقتصاد الوطني من تدهور وخسائر فادحة وكارثية، والضحية الأول غالباً ما يكون التاجر البسيط والمواطن المسكين»، حد تعبيره.